"المتحدة " بيت الدراما الناجحة (2)

لقد باتت الدراما الرمضانية الموسمية في الفترة الأخيرة تساهم بحق في دعم الوعي بمجريات الواقع ومعطياته وشهر لتوثيق التاريخ الاجتماعي والثقافي والفني بقدر مايحمل من زخم روحاني تتزايد تجلياته الإنسانية ذات الخصوصية المصرية البديعة ..
وهو ما قمت بالإشارة إليه في الجزء الأول من المقال حول فتح ملفات نضال أبناء الوطن على كل الجبهات التي قررنا ونحن على عتبات جمهورية جديدة أن نخوضها في مجال الحفاظ على الأمن القومي وتأمين مسارات تفعيل التنمية على كل بقاع المحروسة ..
وعليه كانت الإشارة إلى أجزاء دراما " الاختيار " الثلاث بتوثيق غاية في الدقة والأمانة لدحض كل الدعاوى الزائفة حتى باتت دراما " المتحدة للخدمات الإعلامية " من لزوميات دعم الوعي بمتطلبات الأمن القومي على أن تتوافر جودة توظيف الدراما من حيث المحتوى والإطار التقني والإبداعي .. رصد للأحداث بأمانة ومتابعة تطوراتها وانعكاساتها على الواقع المعاش حتى بتنا كمشاهدين نؤمن أن دراما " الوطنية " صارت كمعادل بصري وموضوعي وثيقة تاريخية لوطن يعيش مرحلة تحول مهما كره وقاوم أهل التيارات الظلامية من حاملي جراثيم التخلف وحلفاء أزمنة التردي الحضاري ..
لقد أدرك القائمون على تشغيل منظومة " المتحدة " أنه مع معايشة والتفاعل مع الأحداث الحياتية على أرض الواقع المصري اليومي ، بات لزامًا على الدراما التليفزيونية ــ باعتبارها الأقرب لوجدان الناس ــ أن تمثل البديل المثالي لتسجيل حركة التاريخ الحاضرة والمستقبلية عبر صناعة الفعل الدرامي والاستفادة بتقنيات التواصل العصرية التي أتاحت للمواطن فرص المشاركة والتفاعل الإيجابي مع الأحداث ..
وأتفق مع مقولة أن التاريخ يوثق ويكتب الأحداث كما وقعت ، ولكن الدراما تكتب الأحداث كما كان ينبغي أن تقع ، وعليه كانت أهمية إجادة صناعة الدراما ومقاومة الهابط منها .. وهل ننسى ما عشناه في مواسم رمضانية سابقة ، والتي أغرقتنا وسلمتنا لاعتماد قيم الفهلوة والهيافة وكوميديا الزغزغة الرذيلة وممارسات العنف والغضب وسفك الدماء والخيال التجاري وأوكار المخدرات ، وضياع قيم التمسك بالهوية والولاء للوطن ومقاومة أوصياء التديين الشكلي وغيره من أشكال الفقر الروحي في شهر كان ينبغي فيه إعلاء قيم التسامي الروحي ..
مع " الوطنية " تعود للساحة الدرامية المسلسلات التاريخية والدينية بقوة وإجادة وتنوع داعم لإثراء الوعي وتقديم مفاهيم تربوية وقيمية لشباب الوطن وسد العجز الذي قد نراه عبر مناهج التعليم ومؤسسات التنشئة ..
وهو الأمر الذي يؤيده الناقد الفني المبدع محمود قاسم بتأكيده أن " المتحدة " أصبح لديها فكر  متطور فى قراءة السوق الفني وما يحتاجه ، ومن ثم كان هذا التنوع الدرامي دليل على ذلك ، الأمر الذى يفتح بابًا لكل مبدع ، سواء فى مجالات التمثيل والكتابة والإخراج والتصوير ، وكافة التفاصيل المتعلقة بالعملية الفنية برمتها ، الأمر الذي يصب في صالح صُناع الأعمال الفنية ، ولصالح المشاهدين وحسب رغبتهم في متابعة العمل الكوميدي أو الشعبي أو التاريخي ، كما أن وجود مسلسلات تنتمى لـ15 حلقة بمثابة فرصة لمشاركة أكبر عدد من الممثلين والشباب والوجوه الجديدة ، وضخ دماء جديدة ومنح المؤلفين والمخرجين الجدد فرصة إظهار مواهبهم ، وبالتالى من المتوقع أن نجد في موسم مسلسلات رمضان 2023 زخمًا فنيًا وجرعات مختلفة ما بين الضحك والتركيز والتثقيف. .
وأتفق مع الناقدة المتميزة ماجدة موريس أن التكلفة الانتاجية الهائلة كانت السبب الرئيسي في ابتعادها عن الشاشة خلال الأعوام الماضية ، بالإضافة لعدم وجود كتاب يقدمون على إبداع مثل تلك الأعمال .. وأوضحت أن " المتحدة " دائمًا ما تمنح الفرصة لأهم عنصر وهو السيناريو ، ومن ثم احتفاؤها بالكُتاب مسألة في غاية الأهمية ، خصوصًا أن التنوع في الأفكار ضرورة قصوى في عالم الفن لضمان عنصر آخر مهم وهو الجذب ، فى ظل اختلاف الجمهور والاهتمامات على كافة الأصعدة ، فضلاً عن أن التنوع والتعدد في المسلسلات من حيث الكم والكيف كما نرى يفتح أبوابًا كثيرة أمام المشروعات الفنية والطاقات الإبداعية على مختلف صورها ..
نعم ، فهذا العام يشهد تنوعًا دراميًا بديعًا لموسم رمضاني مختلف بما يزخر من حالة احتشاد بديعة لدراما رائدة مؤثرة في مجال إثراء الوعي بحرفية وإتقان .. 
لقد أسعدني عند متابعة العمل الدرامي التاريخي الرائع " سره الباتع " نشر عناوين وأسماء  المراجع والكتب والدراسات العلمية التاريخية التي تم الرجوع إليها لتوثيق الأحداث عبر تيتر النهاية ..
وبهذه المناسبة أناشد " الوطنية للخدمات الإعلامية " تلك المؤسسة الإنتاجية العظيمة أن تدعم مشاريع إنشاء مراكز بحثية وعلمية وووحدات لدعم المعلومات التاريخية لدى منتجي تلك النوعيات من الدراما التاريخية والدينية والتنويرية والسياسية والخيال العلمي .. أيضًا الاهتمام بإنشاء وحدات لاستطلاع الرأي والقياس والتقويم وتوثيق الأعمال الناجحة ورموز منتجيها ومبدعي مادتها ..