رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين الترحيب والنفور.. نوادر الشعراء العرب عن شهر رمضان

جريدة الدستور

يحفل الأدب العربي بكثير من الشعر العربي الذي حرص مؤلفوه على التفاعل مع شهر رمضان والحديث عنه والتهنئة به. 

مع ذلك، فإن الأشعار في الأدب العربي القديم لم تأت على وتيرة واحدة؛ فكان من الشعراء من يرحب بقدوم الشهر ويقدم مديحًا له عبر قصائده بينما كان آخرون يكتبون قصائد تبدي التذمر من قدوم الشهر ومشقة الصيام. 

في كتاب "رمضان في الأدب"، وهو عبارة عن محاضرت ألقيت بمقر الجمعية الجغرافية المصرية عام 1959 ونشرتها مطابع القاهرة، يبين عميد كلية دار العلوم الأسبق علي الجندي بعضًا من النوادر التي حفل بها الشعر العربي عن صيام شهر رمضان. 

ابن الرومي والتذمر من الصيام

من أبرز الأشعار التي كتبت تذمرًا من شهر رمضان، نجد ابن الرومي يقول:  شهر الصيام وإن عظمت حرمته..  شهر طويل ثقيل الظل والحركه، يمشي الهوينى فأما حين يطلبنا..   فلا السُليك يدانيه ولا السُلكه، أذمه غير وقت فيه أحمده.. منذ العشاء إلى أن تسقع الديكه، وكيف أحمد أوقاتًا مذممة..  بين الدءوب وبين الجوع مشتركه. 

وعلى الرغم من أن ابن الرومي كان يصوم رمضان، فإنه صور أيضًا في أشعاره  طول أيام الصيام فقال:  رمضان يزعمه الغواة مبارك.. صدقوا وجدك إنه لطويل، شهر لعمرك لا يقل قليله.. وكذا لمبارك ليس فيه قليل.  تتطاول الأيام فيه بجهدها.. فكأن عهد الأمس منه محيل،  لو أنه للقاطنين مسافة.. لحسبت أن الشبر منه الميل.

عدم الترحيب بقدوم الشهر 

كان بعض الشعراء أيضًا يجاهرون بعدم صيام رمضان والاستخفاف بقدومه، وهذا من الظواهر الملفتة في تاريخ الأدب العربي التي  قد تشير إلى قدر الحرية التي كان يتمتع بها هؤلاء الشعراء. 

من ذلك، ما تذكره المصادر التاريخية من أن أعرابي مر برجل يأكل في رمضان فقال له ألا تصوم يا أعرابي؟ فقال: وصائم هب يلحاني فقلت له..  اعمد لصومك واتركني لإفطاري، واظمأ فإني سأروى ثم سوف ترى..  من ذا يصير إذا متنا إلى النار. 

أيضًا، كان بعض الشعراء لا يستقبلون شهر رمضان بالحفاوة، ومنهم شاعر العصر الأموي؛ الأخطل، والذي رغم كونه مسيحيًا أنشد يقول: ولست بصائم رمضان عمري..  ولست بآكل لحم الأضاحي، ولست بصائح في جنح ليل.. كمثل العير حي على الفلاح.

التهليل لقدوم شهر الصيام  

على النقيض من ذلك، فإن هناك من رحب بقدوم رمضان، فنجد قول الشريف الرضي مهنئًا الخليفة الطائع لله العباسي: تمن قدوم صومك يا إماما.. يصوم مدى الزمان عن الآثام،  إذا ما المرء صام عن الدنايا.. فكل شهوره شهر الصيام. 

ويقول عبد الصمد بن بابك يهنئ الصاحب بن عباد: كساك الصوم أعمار الليالي.. وأعقبك الغنيمة في المآب، ولا زالت سعودك في خلود.. وتباري بالمدى يوم الحساب.

وفي التاريخ الإسلامي القديم تغنى الكثير من الشعراء بفرحة شهر رمضان ومنهم البحتري الذي قال في مديح الخليفة المعتصم: بالبر صمت وأنت أفضل صائم.. وبسنة الله الرضية تفطر.

كما قال الشاعر معروف الرصافي: وأغبى العالمين فتى أكول.. لفطنته ببطنته انهزام، ولو أني استطعت صيام دهري.. لصمت فكان ديدني الصيام، ولكن لا أصوم صيام قوم.. تكاثر في فطورهم الطعام، فإن وضح النهار طووا جياعا.. وقد هموا إذا اختلط الظلام.