رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مناقشة دكتوراة في العناية المركزة.. حينما وقف العِلم احترامًا لـ «وهبة»

الدكتور وهبة وسط
الدكتور وهبة وسط أساتذته وأسرته

أساتذة وزملاء وأحبة وأصدقاء يُحيطون سريره الآن.. أنفاس تُعانق أنفاسه داخل غرفة صغيرة يتلقى علاجه راقدًا فيها.. لكنها أصبحت كبيرة بعد أن دبّت بها روح العِلم الذي عاش باحثًا فيه، وجنى الدكتور محمود وهبة، ثمرات جُهد سنوات في رسالة الدكتوراة التي لم يدعه المرض أن يُناقشها في قاعة جامعة الأزهر التي يعمل بها مدرسًا مساعدًا في كلية التجارة.

«وهبة» الذي وهبهُ الله عِلمًا ليُهديه لطُلاب الجامعة؛ كان يسعى للمزيد، باحثًا عن الدكتوراة في الإحصاء.. وكان رمزًا للاجتهاد في رسالته، ونال إعجاب أساتذته، فدومًا كان شغوفًا في دراسته، مدققًا في تفاصيلها ـ كما يصفه الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر.

رحلة طويلة يقضيها الباحث ليُقدم لمكتبة العلم مولودًا جديدًا يثري محتواها، ويكمل الخطى التي بدأها سابقوه، سعيًا لأن يبقى نهر العلم متدفقًا بكل جديد.. «كان قد قطع شوط كبير في الرسالة وهو مريض، لكن قبل المناقشة مرِض بشدة، مما استدعى دخوله المستشفى» ـ يقول متحدث الجامعة لـ «الدستور».

فكرة مناقشة الدكتوراة التي أصبحت حديث المصريين في الساعات الماضية؛ نبعت من رغبة من رئيس قسمه في كلية التجارية، ونقلها للدكتور عادل ممدوح غريب، عميد الكلية، ليتوجه بها لنائب رئيس الجامعة الدكتور محمود صديق، ثم إلى الدكتور سلامة داوود، رئيس الجامعة، والذي وافق على الفور، بأن تكون المناقشة داخل المستشفى التي يتلقى فيها علاجه.

كل شئ بات جاهزًا لأن تجري المناقشة التاريخية بطابعها الإنساني داخل المستشفى، لكن شيئًا واحدًا يتبقى هنا.. إدارة المستشفى نفسه لابد من موافقتها.. يقول الدكتور زارع أنهم وجدوا ترحيبًا كبيرًا من جانب القائمين على مستشفى المقاولون العرب، وحضر أطباء العناية المركزة أثناء المناقشة، لتجري تحت رعاية طبية، وكان الباحث يرد على المُناقشين، وسط تواجد من أسرة الباحث وأعضاء بهيئة التدريس، أي كانت مناقشة علنية، أدرتها اللجنة برئاسة الدكتور عبد الحميد غيضان، عميد الكلية السابق، رئيسًا ومشرفًا، والدكتور محمد حبيب، وكيل الكلية الأسبق "عضو من الداخل"، والدكتور السيد أحمد الشربيني، وكيل كلية الدراسات والبحوث والإحصائية السابق عضو من الخارج.

أصدرت لجنة المناقشة قرارًا أنسى الباحث آلام الجسد، ودب الروح في خلاياه التي تُعاني؛ بمنحه درجة الدكتوراة في الإحصاء، لتتحول غرفة العناية المركزة، إلى أجواء احتفالية، وتبقى الدرجة العلمية الاستثنائية عبارة عن تحية خاصة وتقدير لرجل لم يستسلم للمرض، وواصل المسير نحو هدفه.