رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صورة مكبرة للشركة المتحدة

ظللنا لسنوات طوال، نطالب الدولة بالسيطرة على الإنتاج الإعلامي في مجالات السينما والمسرح والتليفزيون، تلك السيطرة التي تعني إشرافا دقيقا يعزز الرحابة والتنوع، ولا يمس ظلالهما بسوء واحد، وتعني الارتقاء بالأعمال الفنية، ومنح فرص للجميع بالتساوي، واكتشاف وجوه جديدة، ليس في الأداء التمثيلي وحده كالعادة، وإنما في الكتابة والإخراج والتصوير والأغاني وما إلى ذلك من المكونات الرئيسية للإبداع الفني؛ فالمنتج الرسمي كان منتجا بالغ الجودة والعظمة، كما لو كانت مهابة الدولة التي تنتجه تجلله، ويمكن الرجوع بالتاريخ للتحقق مما أقول الآن بمنتهى الثقة والصدق، أنتجت شركات الدولة، في الماضى، عشرات الأعمال التي خلدت في نفوس الجماهير، خلدت فكرتها وخلد فنانوها وفنيوها جميعا، ولم يكن كثير من الضجر والتأفف تسللا إلى الناس كما تسلل مثلهما بعد أن غاب الإنتاج الرسمي (يمكن تسميته بالوطني أيضا) فأشاع غيابه فوضى حقيقية، وشوّش الذائقة المصرية، بل هبط بنا هبوطا مزريا جعلنا في الأسفل، وكنا عالين باستمرار، وكان الآخرون يقلدون أنماطنا وطرقنا، ويمجدون سلعتنا بالإقبال عليها ومديحها.
من عجيب، بعد أن عادت يد الدولة إلى سيطرتها المحمودة على الإنتاج الإعلامي، سيطرتها التي وضحت من البداية معناها الإيجابي الخلاق، ممثلة في الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أن يسارع مغرضون إلى اتهامها باحتكار الإنتاج، وأن يشاكيها عاملون بالمجال الفني نفسه، المجال الذي نهضت أسسها لتخليصه من الغث، بدعوى انكماش مساحاتهم الكبيرة القديمة، ولا أدري كيف لا يرون أنفسهم المحتكرين هكذا؟!، هذا عن اللائمين الذين منا، ولكنهم لا يستوعبون تثويرا وتغييرا ضروريين يجريان، وأما الذين لا يحبون للدولة أن تثمر ثمرة طيبة فجملة من الأعداء الداخليين والخارجيين، ممن يتربصون بكل خطوة يخطوها المنتمون الجادون، ويحاولون وضع موانعهم أمام سيرها، وهؤلاء غرباء عنا ومنحرفو التوجهات والآراء بالطبع!
ههنا يجب ألا ينسى أحد أن الشركة مفتوحة الأبواب دوما، وأنها تتعامل مع شركات مختلفة الأذواق بالفعل، وتمتلك أنصبة في شركات عديدة لها ذاتيتها، بالبداهة، على الرغم من وسائل التحكم بالشراكة؛ وعلى هذا فقضية احتكارها 
للإنتاج مختلقة من أولها إلى آخرها، كمثل الادعاء بتحجيمها لفنانين معينين، فأسلوبها يشترط الجدية والإخلاص في العمل، والتجرد من الطمع الذميم، وبالتوازي يشترط فرز الجيد عن الردئ، باحتراف وحيادية، والوصول بالمتلقين إلى محطات نيرة، تمحو ظلاما يكاد يشمل ساحتنا مشرقة الينابيع!   
في رمضان الحالي، مثلا، تقدم المتحدة 17 عملا دراميا، سنتناول بعضها، تناولا تفصيليا، مع مرور أيام العرض، تنفذ مشاهدها بآلة متطورة؛ فالآلة ما لم يجر تعديلها وتحسينها تنعكس على الشاشة ركاكة لا تليق بالإتقان طبعا، ونحن يجب أن نستعيد شهرتنا السابقة بالإحكام والضبط..
لا يقتصر الأمر على ما ذكرت توا، وهو كثير، لكن يتم تحويل المشاهدين، بالتدريج، من الأعمال الضخمة التي كان يعيبها الترهل، فتقديمها كان يستغرق ثلاثين حلقة وزيادة، إلى مضامين معتبرة تقديمها تكفيه حلقات محدودة، وهذا اختزال قدر ما يصلح العيب فإنه أيضا يتيح لأسماء شابة موهوبة أن تجاور المتحققين الراسخين مؤلفي الملاحم والمطولات الدرامية؛ فنضمن جيلا قادما خبيرا بالمهنة وأسرارها..
لا بأس بالنقد ما دام علميا وموضوعيا، ومن إبداء الملاحظات لو كان واعيا ونبيها، أما الهدم فأصحابه خليقون به!

  [email protected]