رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإسلام بعيون كبار مثقفينا

 

فى سنوات سيطرة التطرف أرادوا لنا أن ننسى تاريخنا.. حتى الدين العظيم أرادوا لنا أن نراه بعيون البداوة والتكفير والترهيب لا بعيون الحضارة.. ومن ضمن ما أرادوا لنا أن ننساه ذلك الدور العظيم لـ«طه حسين ١٨٨٩- ١٩٧٣» عميد الثقافة المصرية فى إحياء الكتابة عن الإسلام بروح عصرية وعلمية.. ربما لأن العلم يؤذيهم.. أو لأنهم أرادوا أن يواصلوا الافتراء على طه حسين واتهامه بالعداء للإسلام.. أما ما أرادوا إخفاءه فهو أن طه حسين كان صاحب الدعوة لإعادة الكتابة عن التراث بمناهج التاريخ والفكر الحديث.. وأن دعوته هذه كانت ردًا على تيارين متطرفين ظهرا على ساحة الفكر فى بداية الثلاثينيات.. أولهما هو التيار الإلحادى الذى عبر عنه المفكر «إسماعيل مظهر» فى مجلة «العصور» وكان يدعو لقطيعة كاملة مع الدين والتراث.. والتيار الثانى كان تيارًا تقليديًا مغلقًا عبر عن نفسه بعشرات الكتب التى ظهرت للرد على أى أفكار جديدة وكان يرعاه رشيد رضا صاحب مجلة المنار وأستاذ مؤسس الجماعة الإرهابية حسن البنا.. لكن طه حسين فكر أننا يجب أن نعود لتراثنا بنظرة علمية حديثة تستبعد الخرافات والأباطيل وتؤكد على المعانى الإنسانية فى تاريخ الاسلام.. ولأنه «العميد» فقد كانت دعوته مستجابة.. وقد بدأها بأن وجه الدعوة للمفكر أحمد أمين للاستقالة من القضاء والتفرغ لتأليف موسوعته المهمة عن تاريخ تطور العقل الإسلامى والتى صدرت فى ثلاثة أجزاء تحمل اسم «فجر الإسلام - ضحى الإسلام - ظهر الإسلام» ووجه العميد نفس الدعوة لأستاذ التاريخ الإسلامى عبدالحميد العبادى الذى اختص بجانب آخر من جوانب التاريخ الإسلامى وتعثر مشروعه بعض الشىء.. وكان ممن استجابوا للدعوة الدكتور محمد حسين هيكل المثقف البارز وزميل طه حسين فى حزب الدستوريين الأحرار والذى كتب «حياة محمد» و«فى منزل الوحى» و«أبوبكر» و«عمر».. وكان ممن تأثروا بها أيضًا بعد وقت طويل الأستاذ عباس محمود العقاد.. الذى وجد زاويته الخاصة به ضمن مشروع طه حسين وكتب عن التميز الفردى للرسول «ص» وصحابته.. ضمن منهج يقترب من التحليل النفسى الحديث وما عرفناه بعد ذلك بمناهج التنمية البشرية.. وقد قررنا إلقاء الضوء على كتابات هؤلاء الكبار خلال شهر رمضان الكريم.. تحية وإكبارًا للعلم والدين معًا.