رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تحقق في جريمة هزّت الأقصر.. «حمدي» ينهي حياة صديق العمر

المجني عليه
المجني عليه

في صيف 2021 ملأ الشك قلب وعقل «حمدي» بعدما استرق السمع وتأكّد من أن زوجته تخونه مع صديق عمره «ياسر»، فلم يتردد لحظة في التخطيط للانتقام منهما، وفق ما اعتقد.

المجني عليه

وفي فورة غضبه فكّر «حمدي» في الاستعانة بشقيقه لتنفيذ مخططه بقتل «ياسر» وإخفاء معالم جريمته عبر حرق الجثة، واختار يوم ارتكاب الجريمة بالتزامن مع إقامة حفل زفاف في القرية لانشغال الناس وتضليل قوات الشرطة. 

آخر تطورات هذه الواقعة، كان صدور قرار من «الدائرة الثانية- محكمة جنايات الأقصر» بإحالة القضية (رقم 4922 لسنة 2021- جنح مركز إسنا) إلى محكمة قنا للنظر فيها «نظراً لاستشعار الحرج»، ومن المقرر تحديد موعد لبدء الجلسات.

المجني عليه وأطفاله

جثّة متفحمة في أرض زراعية

تعود أحداث الواقعة إلى شهر يوليو 2021، إذ عَثَر مزارع يوم الجمعة 30 يوليو، في أثناء توجهه لري أرضه على جثة متفحمة مجهولة الملامح ملقاة بالطريق ناحية «نجع أحمد سعيد- دائرة إسنا».

بعد الإجراءات والتحريات اللازمة لرجال المباحث، تمّ التعرف على الجثة وهي لشخص يدعي «ياسر أبو المجد أحمد»، وتبيّن أن القاتلين هما صديقه «حمدي محمد عبد الفتاح» وشقيقه «طه».

استدرج «حمدي» و«طه»، المجني عليه «ياسر»، بعيداً عن الناس، ثم أجهز عليه الأول بـ«جاكوش حديدي» قبل أن يضرمان النار في جسده.

المجني عليه وعائلته

القاتل يعترف

«الدستور» حصلت على اعترافات المتهم «حمدي» في سرايا النيابة العامة، التي تؤكد ارتكابه جريمة متكاملة الأركان، ونورد هنا نص ما قاله القاتل:

أنا وياسر أصحاب من وإحنا صغيرين، وأكتر من إخوات، وفي بينا شغل. بنشتغل في المقاولات من 14 سنة وفي وقت ما بكون في العوينات ببعت لمراتي الفلوس وهي بتشيلها عندها، وأنا من وقت للتاني بتصل بيها أقولها ياسر هيعدي عليكي ياخد مبلغ معين ومكنتش بستغربه، لأننا أكتر من إخوات وماكنش فيه بينا أي مشاكل، وفي وقت ما أنا عملت حادثة لما كنت في العوينات رُحت مستشفى أسيوط، كان أول واحد جري يسأل عليّا وفضل معايا لحد بعد ما اتحسنت.

فضلت علاقتي بيه كويسة لحد شهر رمضان تقريباً في شهر مايو ٢٠٢١، وحصلت مشكلة بيني وبين مراتي وضربتها وسابت الأوضة مابقتش تنام معايا فيها. في يوم سمعت أصوات غريبة، لما قرّبت عشان أسمع. سمعتها بتقول كلام كده و(أيوة يا أبو يوسف) وكلام خارج، وفضلت كده لحد ما أتأكدت، في مرّة سمعتها بتقوله (الله عليك يا ياسر) وأتأكدت إنه صاحبي، ومن وقتها بقى بدأت أفكر أنتقم منهم وأقتلهم همّا الاتنين.

كنت بفكّر أخلص منه لحد ما وصلت إن أخويا هو أقرب حد ليّا ولو ساعدني مش هيفتن عليّا، وكنت مخطط طريقة إزاي أنتقم منه. رُحت لأخويا قبل الواقعة بيومين وحكيت له اللي عملته مراتي وإني عاوز أنتقم منهم، فنصحني إني أطلّقها أحسن ما أقتلها.

المجني عليه

أنا صممت أقتلهم وقولت أبتدي بياسر واتفقت مع أخويا وقتها إن في واحد جاي يشتري الأرض بتاعتي وإني المفروض أروح أقابل السمسار والشاري وإني أقوله ييجي معايا عشان كان عاوز يستلف مني فلوس والمبلغ هو ١٥٠٠ جنيه، واتفقت مع طه أخويا يروح الورشة اللي جنب البيت، ورشة صاحبها اسمه (مصطفى العريش) عشان يجيب شاكوش حديد وده اللي هضربه بيه وقولتله وقتها (لو سألك عاوزه ليه؟ قوله العجلة عطلانة وهنفك البلية بيها) واخترت يوم الخميس ٢٩ يوليو ٢٠٢١ عشان في فرح واحد اسمه (مهدي) عند وابور الميّة عشان نثبت إن إحنا كنّا في فرح لو الحكومة سألتنا أو شكت يبقى في شهود.

واتفقنا إن إحنا في وسط الفرح نمشي ونكلّمه نقابله بعد ما نكون جبنا جيركن البنزين من بنزينة القرية وناخده ويبقى راكب وسطينا واتفقت مع أخويا أنه يبقى سايق وياسر وراه وأنا ورا ياسر، واتفقت معاه كمان إنه ياخد طريق الجبانة- توماس 1 بمركز إسنا وبعد كده نمسك الطريق بتاع ترعة الحاجر (مكان العثور على الجثة) عشان أنا عارف إن الطريق ضلمة ومفيش سكان ومحدش هيحس بينا وبعدها أتفقت أنا وطه على كل الكلام ده وقلت له اطمن أنا اللي هضربه. أنت هتجيب الشاكوش وهتسوق المكنة وهتمشي في الطريق اللي اتفقنا عليه ووقت ما أقولك وقف بالمكنة عشان العجلة فيها ريحة شياط ولما ننزل علشان نبص عليها أقول لياسر نوّر الكشاف بتاع تليفونك ووقتها أضربه لحد ما أخلص عليه وبعدها أولع فيه بالبنزين ونهرب، وبالفعل في اليوم المحدد حوالي الساعة ٦ ونص مساءً طه راح الورشة وجاب الشاكوش وأتواصلت مع ياسر علي الساعة 8 مساءً ونفذنا الخطة زي ما قولنا عليها بالظبط.

IMG-20230316-WA0001

وأقر شقيقه «طه» بالاعترافات نفسها أمام النيابة.

أسرة ومحامي المجني عليه يتحدثون

صالح قرني إبراهيم، محامي المدعين بالحق المدني (أسرة المجني عليه) يقول إن كبير الأطباء الشرعيين وشهود الإثبات أكدوا ارتكاب المتهمين للجريمة.

ويضيف إبراهيم لـ«الدستور» أن أبرز المستندات القاطعة التي تم تقديمها للمحكمة وتؤكد كذب الجاني، هي شهادتا ميلاد لطفليه التوأم، الذي كانت بداية فترات حمل زوجته فيهما بعد شهرين كاملين من اكتشافه تهمة الخيانة الزوجية المزعومة، لافتاً إلى أنه من غير المعقول أن رجلاً يكتشف خيانة زوجته ثم يقيم معها علاقة.

ويشير إلى أن زوجة الجاني نفت وقوع أي خلاف بينها وبين زوجها بسبب «خيانة» وأنها لم تعلم برواية زوجها إلا أمام النيابة العامة وعند التحقيق معها.

ومن بين الأدلة التي يوردها المحامي أن الجاني كان لديه إصرار علي تسمية طفليه التوأم وأنه أخبر أسرته نصاً في أثناء وجوده في محبسه «ماحدش هيسمي أولادي غيري»، ما يؤكد بدوره نفي أقواله.

شقيق المجني عليه يحكي روايته

يقول أحمد أبو المجد، شقيق المجني عليه، إنّ الجريمة وقعت منذ نحو عامين، وأن وقت وقوعها كان في آخر أسبوع من شهر يوليو 2021، وأن «ياسر» اختفي علي غير العادة لمدة يوم كامل وعند بحثهم عنه أخبرته زوجة شقيقه أنه في آخر تواصل بينهما أخبرها أنه متوجه مع صديقه لأخذ مبلغ مالي منه حسب الشراكة التي كانت بينهما خلال العمل في مجال المقاولات والتي بدأت منذ نحو 14 عاماً بجانب عمله الأساسي كعامل في مدرسة «البنات الإعدادية» بإسنا، وأن شقيقه (المجني عليه) لم يثق في أي أحد غير الجاني لأنهما أصدقاء عمر.

ويضيف «أبو المجد» لـ«الدستور»: «بعد فترة غيابه تلك، تواصلت مع أحد أقاربي وهو أمين شرطة على المعاش وأخبرته بقصة اختفاء شقيقي كاملة، وتمّ تحرير محضر بقسم الشرطة بواسطته، وفي نفس اليوم أخبرته مساء بالعثور علي جثة مجهولة الهوية وحالتها محترقة بالكامل حتى اختفت معالمهما ويتضح منها أنها لشاب عشريني وليس شقيقه المجني عليه»، مشيرًا إلي أنه بعد عدم عثورهم عليه أخبرهم ضابط المباحث أن يعاينوا الجثة التي عثر عليها والمتعلقات الخاصة بها 

ويوضح أن بعد استدعاء شقيقه وابنه تعرّف الأخير علي المتعلقات التي من أبرزها الخاتم وبخاخ علاج أمراض الصدر وقدمه، ثم بعدها توجه إلي المباحث بنفسه ورافقته زوجة المحني عليه للتأكد أن الجثة التي تم العثور عليها هي جثة زوجها المختفي وبعد رؤية المتعلقات التي كانت برفقة الجثة تأكدوا أنها له.

ويتابع أنهم لم يكن لديهم أي توقع أن مرتكب جريمة القتل هو صديق عمره والذي نشأ معه منذ طفولته، كما أهل وأقارب الجاني كانوا مرافقون لهم في كل تحركاتهم حتى يستطيعوا العثور علي شقيقه «ياسر» وليس لديهم أي علم أن ابنهم هو القاتل.

أبناء المجني عليه

ويزيد: «إحنا أصلاً جيران وهو صاحب عمره ومعاه من الطفولة وبينهم شغل حتي أهله كانوا معانا والستات وإخواته كانوا بيصوتوا مع الستات اللي عندنا في البيت بعد ما عرفنا إنه ياسر اتقتل، محدش كان متوقع اللي حصل».

 ويلفت إلي أنه بعد التأكد من أن قاتل شقيقه «ياسر» هو صديق عمره بالتعاون مع شقيقه وفق خطة متكاملة الأركان كانوا في حالة ذهول، وتحديدًا أن القاتل كان لديه اعترافات كاذبة وأن «الخيانة الزوجية» سبباً للقتل، وأدلي بها أمام سرايا النيابة حتي يستطيع أن يهرب من جريمته الفظيعة التي فعلها وتجرد فيها من مشاعر الإنسانية والرحمة.

ويؤكد أن جميع أهل بلدتهم يشهدوا لشقيقه بحسن الأخلاق وأنه محبوب ولم يستطيع العديد منهم استيعاب أن صديق طفولة شقيقه هو الذي قام بقتله بهذه الطريقة البشعة، قائلاً «حسبي الله ونعم الوكيل».

زوجة المجني عليه: حسن السمعة وطيب القلب

تقول زوجة المجني عليه إنّها متزوجة منذ نحو 10 سنوات وأن زوجها حسن السمعة وطيب القلب والجميع يشهد له بذلك، وأنهم منذ زواجهما وهو يعاملها أحسن معاملة ولم يقصر في حقها أبدًا، وأنهم أنجبا طفلين هما «يوسف وزينب» وحياتهما كانت تسير علي نحو جيد وهادئ، حتى يوم الواقعة الذي ما زال كابوساً يراود جميع أفراد الأسرة.

وتضيف لـ«الدستور» أنها حتى الوقت الحالي تقيم في بيت زوجها وبرفقة أهله حتى أن الأقاويل التي أدلي بها الجاني خلال اعترافاته في النيابة لم تؤثر عليها مطلقًا لأنها وأهلها يثقون في أن المجني عليه كان حسن الخلق وطيب السمعة وكل ما قاله المتهم مجرد كذب حتى أنه ليس لديه أي دليل علي ما يقوله نهائيًا.

وتتابع: «من يوم وفاة جوزي بالطريقة دي وأنا حالتي مش كويسة خالص. نفسيتي مدمرة وحزينة جداً والعيال بيسألوني عن أبوهم كل شوية، كانوا بيحبوا جدًا ومتعلقين بيه وهو كمان كان كده».

واختتمت أسرة المجني عليه حديثها لـ«الدستور» بالقول: «حسبي الله ونعم الوكيل ونطالب بالقصاص وإحنا واثقين في عدالة القضاء المصري وإنهم هيطفوا نار قلوبنا التي لا يعلمها غير الله علي ابننا وهيتحكم عليه قريب ونشوفهم في حبل المشنقة عشان اللي عملوه في ابننا».