رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» داخل أول مستشفى بالعاصمة الإدارية الجديدة: صرح طبى عملاق

جريدة الدستور

فى السابعة من صباح السبت الماضى، كان الضباب ينزاح شيئًا فشيئًا لتظهر معالم المدخل الرئيسى للعاصمة الإدارية الجديدة، التى تعد رمزًا للجمهورية الجديدة التى تهتم بالبشر قبل الحجر وبكل ما فيها من مبانٍ عالمية وإنشاءات تفوق الخيال، كانت عيون عدد من طلاب وطالبات دارسى كلية الطب بجامعة الأزهر تطل خارج نوافذ الحافلة تستقبل الصور المبهرة التى تعكس أشعة الشمس الذهبية ليروا ما كانوا يسمعون عنه من قبل، ويرون بعض صوره على منصات التواصل الاجتماعى. ترجل أطباء وطبيبات المستقبل من الحافلة ليجدوا أمامهم مبنى شاهقًا جديدًا وكأنه نبت نبوتًا فى هذه المنطقة المواجهة للحى الحكومى والبرج الأيقونى الذى يعد الأكبر فى إفريقيا، ولوادر صاخبة تمهد ما تبقى من طريق يربط بين الطريق الرئيسى والمبنى الذى لم يكن سوى «مستشفى العاصمة الإدارية الجديدة»، أو إن صحت تسميته بمستشفى عالمى من الدرجة الأولى للرعاية بالعاصمة الإدارية الجديدة.

فى بهو المستشفى التف شباب وشابات جامعة الأزهر حول ماكيت يحيطه مجسم زجاجى يرنون بعيونهم تجاه تفاصيل الصرح العملاق، ويتوسطهم المسئول المالى والإدارى للمستشفى يشرح لهم تفاصيل المكان الذى خطف نظرات إعجاب الشباب بمجرد أن وطأت أقدامهم هناك، ليوضح لهم محتويات ومميزات ما جرى تجهيزه ليخدم المواطن المصرى، سواء المقيم أو العامل أو حتى الزائر للعاصمة الإدارية، مؤكدًا أن المستشفى يتبع الهيئة العامة للتأمين الصحى.

وحسب مسئولى مستشفى العاصمة الإدارية الجديدة، يقع المستشفى على مساحة ٧ أفدنة بالقرب من منطقة الأعمال المركزية بطاقة استيعابية تبلغ ٣٠٠ سرير، منها ١٠٠ سرير للرعاية المركزة و٢٠٠ سرير لباقى الحالات، و١٠ غرف للعمليات، إضافة إلى تقنيات متقدمة لإجراء العمليات الجراحية باستخدام «الروبوتات» ومعملين للقسطرة القلبية، وبرنامج شامل لعلاج الأورام.

ولفت مسئولو المستشفى، خلال حديثهم لـ«الدستور» بحضور طلاب الأزهر، إلى أنه جرى إنشاء ما يعرف بـ«مراكز التميز» فى جميع منشآته أو ما يعرف بالتماشى مع الكود الخاص بالمستشفيات العالمية، حيث يوفر المستشفى خدمات طبية متكاملة للمرضى تضم أحدث التقنيات المتطورة وتغطى ٧ تخصصات رئيسية هى: القلب، والأعصاب، والأورام، وجراحة العظام والعمود الفقرى، والكلى وزراعة الكلى، وأمراض الجهاز الهضمى والكبد وزراعة الكبد، وأمراض الجهاز التنفسى، ومركز تدريب لتعزيز مهارات الأطباء والممرضين الجدد.

خلال الجولة تساءل الطالب بالفرقة الثالثة بطب الأزهر، عمر محمد، عن رؤيته للافتة بارزة قبل الدخول لنطاق المستشفى تشير إلى أنه ستكون هناك «مدينة طبية» فى المستقبل، وفى المقابل أوضح له مسئولو المستشفى أن المدينة ستكون عبارة عن مجموعة من المستشفيات تطل على موقع استراتيجى، يطل على النهر الأخضر والبرج الأيقونى من جميع الجهات.

وقال مسئولو المستشفى، الذين رافقونا فى الجولة، إنه من المخطط لتلك المدينة أن تشمل مستشفى جامعيًا لكل التخصصات، ومستشفى للتأهيل وجراحات للتجميل والتعافى، ومستشفى متقدمًا لعلاج الإصابات والحوادث، ومستشفى للطب الشخصى المتقدم، ومستشفى لنقل وزرع الأعضاء، ومركز محاكاة متقدمًا للتدريب وللتعليم الصحى والطبى المستمر، ومستشفى افتراضيًا، و١١ مستشفى تخصصيًا.

كما ستشمل المدينة الطبية محطة خدمات مركزية، ومبنى للتحكم والإدارة، ومركزًا لرعاية المسنين وللرعاية الطبية والصحية طويلة الأمد، وفندقًا، ومولًا ومركزًا تجاريًا.

يتكون مستشفى التأمين الصحى بالعاصمة الإدارية من بدروم وأرضى و٥ أدوار متكررة، إضافة إلى مبنى ملحق لسكن الأطباء والتمريض يتكون من ٣ أدوار.

وقال مسئولو المستشفى إن معدلات الإنشاء والتجهيزات غير الطبية بالمستشفى بلغت ١٠٠٪، وإنه جارٍ تجهيزها وفرشها تمهيدًا لبدء العمل الفعلى وتقديم الخدمات الطبية بالمستشفى، وإدراجه ضمن منظومة التأمين الصحى.

وحسب الأطقم الطبية المسئولة عن المستشفى، فإنه سيعمل على تقديم أفضل تغطية صحية شاملة لجميع الفئات على مدار ٢٤ ساعة من الموظفين والعمال والمواطنين المنتقلين للعاصمة، مؤكدين أهمية هذا المستشفى كونه يُعد بمثابة نواة المدينة الطبية، باعتباره أول كيان طبى تأمينى بالعاصمة يعمل بالنظام الذكى، وصديقًا للبيئة.

وزار وفد طلاب طب الأزهر خلال جولتهم التفقدية العيادات الخارجية بالمستشفى، التى تضم ١٢ عيادة تخصصية تشمل «العظام، والقلب والصدر، والأطفال، والباطنة العامة، والنساء والتوليد وخدمات تنظيم الأسرة، والرمد، وأوعية دموية»، إضافة إلى ٣ عيادات أسنان ومعمل لتركيبات الأسنان، وتفقدوا قسم المعامل، فضلًا عن تفقدهم قسم الأشعة الذى يضم أشعة «عادية، ورنين، ومقطعية، وموجات فوق صوتية، وماموجرام»، الذى سيتم تجهيزه بأحدث وأفضل أجهزة الأشعة، وذلك لتقديم خدمات مميزة تتناسب مع المعايير العالمية.

ووجهت عزة الشاذلى، الطالبة بالفرقة الأولى بكلية الطب جامعة الأزهر، سؤالًا لمرافقينا عن الفئات التى سيكون لها حق العلاج فى المستشفى، فأوضح لها المسئولون أن المستشفى سيعمل وفق لائحة هيئة التأمين الصحى، وسيعالج حاملى البطاقات الخضراء «التأمين الصحى»، وكذلك الأفراد والمؤسسات مجانًا، لافتين إلى أن من سيقدم الخدمة العلاجية هم فريق من الأطباء والممرضين على أعلى مستوى من الكفاءة تم اختيارهم واختبارهم مسبقًا للعمل فى المستشفى.

واستكمل وفد طلاب الأزهر جولتهم فى المستشفى وصولًا لقسم الطوارئ وغرفة عمليات الطوارئ، والغسيل الكلوى الذى يضم ٢٤ ماكينة غسيل كلوى، وقسم العلاج الطبيعى الذى سيتم تجهيزه بأحدث الأجهزة المستخدمة عالميًا لخدمة المرضى.

كما تفقدوا وحدة العناية المركزة بقوة ٢٢ سريرًا، ووحدة القسطرة القلبية، وغرف العمليات الجراحية بسعة ٨ غرف عمليات، وغرفة عمليات القلب المفتوح، علاوة على زيارة وحدة مناظير الجهاز الهضمى والقنوات المرارية، والاستقبال وغرفة العلاج على نفقة الدولة.

وقال محمد أحمد، ممرض بقسم العناية المركزة، إنه فخور باختياره للعمل بالمستشفى، وإنه لمس تنظيمًا شديدًا على مستوى تقسيم وحدات المستشفى وتوزيعها فى أدوار منفصلة، مؤكدًا أنه كان يسمع فقط عن مثل تلك المستشفيات، لكنه حاليًا يعمل بها ويحكى لأقاربه وأهله عنها.

استكمل وفد طلاب الأزهر جولتهم بتفقد قسم حضانات الأطفال، وقسم النساء والتوليد، الذى يضم ٣ غرف عمليات نساء، و٨ غرف إقامة داخلية، و٤ أسرة رعاية مركز نساء.

كما تفقدوا غرف فحوصات رسم المخ والعضلات وكشف السمعيات، إضافة لتفقد وحدة التعقيم المركزى وتضم ٣ أجهزة حديثة، فضلًا عن غرف الإقامة الداخلية للمرضى، وذلك للوقوف على مدى تجهيزها بأفضل الأسرة وأحدث الأجهزة الطبية، وتوفر جميع المستلزمات التى يحتاجها المريض أثناء إقامته وحصوله على الرعاية الصحية بالمستشفى، كما زار الطلاب غرفة المشاهدة والتواصل مع مرضى العناية المركزة.

وأشارت إحدى الطالبات، خلال الجولة، إلى أنها لم تر مثيلًا للمستشفى، لكنها لفتت إلى حزنها بأن باقى المستشفيات ليس بنفس الكفاءة والجمال والنظافة، وهو ما دفع أحد المسئولين بالتجاوب معها شارحًا أن الدولة لا تترك قديمًا إلا وحدثته وطورته ورفعت من كفاءته، لكى تسير فى مسارين، فهى تبنى الجديد وترفع كفاءة القديم، خاصة أن تلك الأمور تتكلف ملايين من الجنيهات من اقتصاد الدولة.

وعلى هامش الجولة، تحدثت «الدستور» مع أميرة عبدالعاطى، مديرة التمريض بالمستشفى التى أوضحت أنه وللمرة الأولى يجرى استخدام الأسقف المعلقة داخل المستشفيات وتصميم غرف العمليات لتكون مضادة للبكتيريا والميكروبات والفيروسات.

وتدخل الطالب بالفرقة الثالثة بطب الأزهر عمر عبدالفتاح، موضحًا أن من سيعمل بالمستشفى سيمكنه أن يعمل بإبداع، لاسيما مع هذه الأجواء الرائعة والتشطيبات اللائقة والخدمة المحترمة، وإنه يتمنى حينما يتخرج بأن يعمل مع فريق المستشفى، واصفًا الفريق الطبى الذى يعمل فى المستشفى بأنه سيكون فريق الأحلام.

وقالت يارا محمد، الطالبة بالفرقة الثالثة بطب أسنان الأزهر، إن المستشفى يتمتع بإمكانات عملاقة لم ترها فى أى مستشفى آخر، وأنه حقًا يليق بالعاصمة الإدارية والجمهورية الجديدة، مؤكدة أنها كانت تسمع فقط عن كل هذه المميزات والإنجازات على منصات التواصل الاجتماعى وكانت تعتقد أنها مبالغات فقط، لكن زيارتها للمكان جعلتها تصدق كل ما يقال.

أما الطالبة بالفرقة الأولى عفاف محمود، فقالت إن أكثر شىء أعجبها بالمستشفى هو الشاشات التفاعلية الموجودة بالعنايات المركزة التى تمكن أهالى المريض من التواصل معه دون الاقتراب منه.

كما قالت الطالبة هاجر، إن ما رأته هو أبلغ رد على كل ما كان يثيره المشككون فى حجم الإنجاز الذى تحقق فى العاصمة الإدارية، ويدحض أحاديثهم ومزاعمهم عن أن العاصمة الإدارية عبارة عن صحراء جرداء، لأن الواقع يقول عكس ذلك.