رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الصين.. والاتفاق السعودى الإيرانى

رحبت رئاسة الجمهورية المصرية بالاتفاق السعودى الإيرانى، وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمى "إن مصر تقدر هذه الخطوة المهمة وتُثّمن التوجه الذى انتهجته السعودية من أجل إزالة التوتر فى العلاقات على المستوى الإقليمى"، كما أكد أن مصر تتطلع لأن يكون لهذا التطور مردود إيجابى إزاء سياسات إيران الإقليمية والدولية، بما يعزز من فرص التعاون وتوطيد التواصل الإيجابى الذى يلبى آمال شعوب المنطقة فى الازدهار والتقدم.
فى شأن آخر، صرح المستشار أحمد فتحى بأن رئيس الجمهورية أشاد بقوة العلاقات المصرية الصينية وتميزها معربا عن التهنئة للرئيس الصينى شى جين بينج بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا للصين لفترة جديدة.
وما زال العالم يتابع باهتمام شديد الاتفاق السعودى الإيرانى الذى تم الإعلان عنه فى العاشر من مارس 2023، من خلال البيان الثلاثى المشترك للسعودية والصين وإيران، ونص الاتفاق على استئناف العلاقات الدبوماسية، بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية إيران الإسلامية، مع إعادة فتح السفارات فى غضون شهرين، من أجل تخفيف حدة التوتر فى المنطقة وتعزيز دعائم الاستقرار والحفاظ على مقدرات الأمن القومى العربى، وتطلعات شعوب المنطقة فى الرخاء والتنمية والاستقرار، والاتفاق على حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية فى إطار الروابط الأخوية، مع تفعيل اتفاقية التعاون فى مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والشباب الموقَّعة بينهما عام 1998.
كما تضمن الاتفاق السعودى الإيرانى التأكيد على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمنى بينهما الموقَّعة فى عام 2001.
لقد جرت المباحثات فى الصين بمبادرة الرئيس الصينى شى جين بينج لتطوير حسن الجوار بين السعودية وإيران على مدى السنتين الماضيتين، وانتهت المباحثات فى الفترة من 6 إلى 10 مارس الحالى بين وفدى الجانبين (برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى على شمخانى، ومستشار الأمن الوطنى السعودى الوزير مساعد بن محمد العيبان وبحضور وزير الخارجية الصينى) إلى مبادرة إعادة العلاقات. وأعربت الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمى والدولى.
ورحبت أعدد كبيرة من دول العالم بالاتفاق، كما رحبت الأمم المتحدة بالاتفاق ووصفته بالخطوة البناءة، وبالطبع شككت الولايات المتحدة الأمريكية فى الالتزام بالاتفاقية من جانب إيران.
إن هذه الخطوة تؤكد نجاح الدبلوماسية الصينية التى تقوم على دعم السلام العالمى ونجاح مبادرة الرئيس شى جين بينج لإقامة العلاقات بين الدول على أساس المنفعة المتبادلة والمصير والمشترك واحترام سيادة الدول، كما أنها تسهم فى إنهاء الحرب على اليمن التى أدت إلى معاناة الشعب اليمنى، وتؤدى للاستقرار فى المنطقة العربية من أجل التنمية لخير الشعوب، كما تفتح الباب لإعادة العلاقات بين إيران وعدد من الدول العربية، وتنهى الصراع بين السنة والشيعة.
ومن نتائج هذه الاتفاقية إنهاء ما سعت إليه كل من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيونى إلى تكوين "حلف ناتو عربى إسرائيلى" فى مواجهة إيران باعتبارها العدو الأساسى لاستمراراستنزاف ثروات المنطقة فى الصراعات والحروب.
ويمهد الاتفاق الإيرانى السعودى لخروج الدول العربية من التبعية لهيمنة أمريكا وسياساتها النيو ليبرالية التى ساعدت على زيادة الفجوة الطبقية بين قلة من الأغنياء وغالبية من الفقراء داخل دول العالم الثالث، بجانب نهب الثروات وإفقار هذه الدول.
كما يؤكد الاتفاق على نجاح الصين كقطب مؤثر عالميا فى إطار العلاقات الدبلوماسية والسياسية الدولية، وعلى بزوغ عالم متعدد الأقطاب على المستوى الاقتصادى والاستراتيجى العسكرى، وإنهاء حقبة القطب الواحد الذى شغلته الولايات المتحدة الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى نهاية تسعينات القرن الماضى.
ويؤكد مكانة الصين وتأثيرها العالمى أيضا ما جاء فى خطاب وزير الخارجية الصينى الجديد تشين جانج فى أول مؤتمرصحفى له منذ توليه المنصب على هامش المؤتمر الوطنى لنواب الشعب عام 2023، حيث قال "نرفض سياسة القوة ونرفض عقلية الحرب الباردة والمواجهة بين المعسكرات، والقمع والاحتواء، والعقوبات أحادية الجانب، ونحافظ على سيادة البلاد وأمنها ومصالحها التنموية، ولا نرضى بالحروب أوالاستعمار أو النهب، بل نلتزم بالسلام والتنمية والكسب المشترك".
إن الشعوب العربية من مصلحتها تعزيز التعاون مع الصين ومع كل الدول على أساس المصلحة المشتركة، ومن مصلحتها عالم متعدد الأقطاب وإنهاء سيطرة القطب الأمريكى الواحد الذى أدت سياساته الاستعمارية والرأسمالية المتوحشة إلى إفقار الدول والشعوب. كما أن الشعوب العربية تعرف أن العدو الأساسى هو الكيان الصهيونى الاستعمارى العنصرى المحتل لفلسطين العربية، وأنه لا بد من تضافر الجهود من أجل دعم المقاومة الفلسطينية المشروعة فى مواجهة الجرائم الوحشية التى ترتكبها حكومة الكيان اليمينية المتطرفة يوميا فى حق الشعب الفلسطينى.