رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير الأوقاف: الإسلام دين الإنسانية وكربة المرضى من أبواب التكافل المجتمعى

محمد مختار جمعة
محمد مختار جمعة

قال محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن ديننا دين الإنسانية، ونبينا (ص) نبي الإنسانية والطب مهنة إنسانية قبل كل شيء، وكم من طبيب إنسان بكل ما تعنيه كلمة الإنسانية من معان عرفتُه، وقد سموا الطبيب حكيمًا، والأطباء حكماء، لما هم عليه من الحكمة، وما يجب أن يتسموا به منها.

وأكد وزير الأوقاف، في بيان الخميس، أن المريض إنسان مكروب، ولا كرب أشدُّ من المرض، وأصعبُ من الألم، فالمريض إنسان في موضع ضعف شديد مهما كانت رتبته أو مكانته العلمية أو الأدبية أو إمكاناته المالية، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وليست الكربة في المال أو ضيق ذات اليد فحسب، بل إن كربة الألم أشد وأوجع، بدليل أن الإنسان مهما كانت درجة فقره أو فاقته فإنه يكون على أتم استعداد لبيع كل ما يملك بما فيه بيته الذي يأويه، بل على استعداد أن يستدين بأي طريق كان ليعالج نفسه أو زوجه أو ولده أو أحد أبويه.

وأوضح وزير الأوقاف أن المريض أكثر الناس حاجة إلى بث الأمل والطمأنينة في نفسه ولو مع دنو أجله, كما أنه في حاجة إلى الكلمة الرقيقة, والبسمة الحانية وإذا كانت البسمة في وجه أخيك الإنسان صدقة فإنها في وجه المريض أعظمُ أجرًا وثوابًا، كما أن المريض معذور بمرضه وإن ألح في السؤال لجهله، ألم يقل الحق سبحانه: "وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ" بإطلاق لفظ المريض دون تفرقة بين مريض ذكي وآخر غير ذكي، أو مريض عالم وآخر جاهل أو مريض مثقف وآخر غير مثقف؟!.

أشار إلى أن المريض قد يجتمع عليه المرض والعوز فيكون أكثر حاجة إلى الرحمة والشفقة والصبرِ عليه وجبرِ خاطره، فهذا المريض كفيله وشفيعه هو ربه الذي اختبره وامتحنه بما هو فيه من فقر ومرض، وامتحن الطبيب بمدى صبره عليه واهتمامه به، ألم يقل الحق سبحانه في الحديث القدسي: "يَا ابْنَ آدَمَ: مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي, قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟!"، فكيف بمن عالجه وسهر على علاجه، وفرّج عنه كربة مرضه.

وشدد "جمعة" على ضرورة أن يتذكر كل منا ما أنعم الله عليه به من نعم الذكاء والتعلم والتفوق والتوفيق, وأن يعلم أن لكل هذه النعم شكرًا يجب أن يؤدى، حيث يقول الحق سبحانه: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"، وأفضل شكر للنعمة هو ما يكون من جنسها والإحسان فيها, فشكر المهارة في الطب يكون بحسن معاملة المرضى وإكرام الفقراء والمحتاجين منهم.

وتابع: إن كفاية الأمة في جميع مجالات الحياة إنما هو فرض من فروض الكفايات، إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أثم كل من علم وكان قادرًا على أن يقوم بفرض الكفاية ولم يفعل, فكما أن تعليم علوم الدين وأصوله فرض كفاية على العلماء ومحو أمية غير المتعلمين فرض كفاية على المعلمين، فإن علاج المرضى فرض كفاية على الأطباء في كل مجتمع من المجتمعات قرية أو مدينة أو دولة كل على قدر استطاعته، على أن يكون الأمر على أعلى درجات الهمة والاستطاعة لا على أقلها ولا أدناها، فلا عليك إن خصصت جزءًا من وقتك لعلاج غير القادرين في مصحتك أو مشفاك.

وأكد أن علاج المرضى إنما هو من فروض الكفايات وباب من أوسع أبواب التكافل المجتمعي، سواء في ذلك ما يقدمه الطبيب في خدمة المرضى، أو ما يقدمه أهل الفضل إسهامًا في علاجهم، إضافة إلى أن ثواب تعلم الطب لا يقل عن ثواب تعلم الفقه، والعبرة بصدق النية مع الله وسد حاجة المجتمع، كما أن المريض في حاجة إلى الدواء والدعاء معًا وليس أحدهما بديلا للآخر، فليس الدعاء بديلا للدواء، كما أن الدواء لا يعمل بذاته، إنما يعمل بأمر من يجري المسببات على أسبابها ويقول للشيء كن فيكون. 

ونوّه جمعة إلى أن الحديث عن الإنفاق في سبيل الله في العديد من المواضع في القرآن الكريم جاء عامًا، ليشمل المال والوقت والجهد، حتى لو كان بكلمة طيبة جابرة للخواطر، حيث يقول سبحانه: "وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ"، ويقول سبحانه: "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ"، فالغني ينفق من ماله، والعالم ينفق من علمه، ومن ماله إن كان ذا سعة، والطبيب ينفق من علمه وجهده، ومن ماله إن كان ذا سعة، والجميع مأمورون بالكلمة الطيبة، والمريض أحق الناس بها.