رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى أحدث مؤلفاتها.. هويدا صالح تدافع عن الفلسفة فى ظل الذكاء الاصطناعى

هويدا صالح مع كتابها
هويدا صالح مع كتابها

في أحدث مؤلفاتها تدافع الكاتبة والناقدة الدكتورة هويدا صالح، عن الفلسفة دفاعًا عن الإنسان كذات واعية. وذلك من خلال كتاب "موت الفلسفة" في ظل الذكاء الاصطناعي والسوشيال ميديا.

تتساءل "صالح" عن أهمية استعادة الفلسفة، لماذا الآن وقد وصل الإنسان إلى هذا التقدم العلمي الذي أوصله إلى أن يكتشف كل أسرار الفضاء والكون والمجرات وغيرها يريد أن يطرح أسئلة الفلسفة؟.

وتجيب: "إنه سؤال الغاية والجدوى، وذلك بغية تصحيح التمثلات التي يتمثلها قارئ الفلسفة في الألفية الثالثة، وفي ظل هذا المناخ لهيمنة التقنية على كل شيء صارت الفلسفة أو التفلسف والتأمل ترفًا لا يحتاجه مجموعة التقنيين الذين يقودون العالم، بل وصل الأمر في ظل هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) أن يتحدث الجميع حتى الحمقى، ويبدون الرأي في كل شيء مثلما صرح الروائي والمفكر الإيطالي أمبرتو إيكو، أولئك الذين لا يمتلكون أي معرفة أو وعي بالمفاهيم والقيم المعرفية ومع ذلك يمكنهم أن يقودوا تأثيرات كبرى في العالم. وقد ظهر الآن ما يُسمّى بالـ "المؤثرين" الذي يقدمون رسائل للعامة ينساق وراءها حتى النخبة المثقفة. لقد بدا أن أولئك المؤثرين بإمكانهم أن يقودوا العامة إلى كثيرٍ من الأنساق الجديدة التي تخلقها التكنولوجيا، لكن هل بإمكانهم أن يبدعوا أنساقًا جديدة في العلم مثلا، أو أن يقترحوا نظامًا أخلاقيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا يحقق رغائب الإنسان المعاصر ومقاصده، ويحل أزماته النفسية العميقة؟

ــ لماذا نحتاج إلى الفلسفة؟

وتمضي "صالح" موضحة: لا شكَّ أن العقل التقني يتلقى المعرفة دون أن يتوقف أمامها ليُسائلها أو يشكك في جدواها، لأنه عقلٌ واثق من معطيات العلم، لقد أسلم نفسه للآلة مثل التلميذ الصغير الذي تعوّد على إجراء عملياته الحسابية بالآلة الحاسبة لدرجة أنه ألغى عقله، فلا يتمكن أن يجمع عددًا من الأرقام البسيطة دون اللجوء إلى تلك الآلة الحاسبة.

لذا فنحن نحتاج إلى الفلسفة، أكثر من أي وقتٍ مضى، باعتبارها نشاطًا للتفكير والتأمل، فتاريخ الفلسفة هو تاريخ العقل كما قال هيجل؛ أي تاريخ المفاهيم المعرفية عبر مسيرة الحضارات الإنسانية، وبالفلسفة استطاع العقل الإنساني أن يفكر في الذات والعالم، قارب العقل قضايا الوجود والزمان والكينونة والمعنى.

وعودة الاهتمام بالفلسفة هو عودة للاهتمام بالعقل ومهارات التفكير، وعودة للاهتمام بحق طرح الأسئلة، العقل النقدي، والفلسفة هي وحدها تمنحنا هذا الحق بل إنها تدافع عنه بإصرار، بهذا يكون الدفاع عن الفلسفة دفاعًا عن الإنسان كذات واعية. 

بل إنه دفاع عن العقل الإنساني نفسه الذي من المهم له أن يكون عقلا ناقدا يُسائل مفاهيم اليقين والوثوقية، ويفكك ما هو قار ويخلخل بنياته المركزية؛ ليقيم بنىً معرفية تقوم على مفاهيم عصرية تنتصر للتصالح مع النفس والعالم؛ مما يسهم في خلق وعي جمعيّ بما هو اجتماعي وما هو سياسي؛ ومن ثمّ إصلاح المجتمع من خلال تطوير الحياة فيه، فاللحظة الراهنة المرتبكة ما بين هيمنة التقنية من ناحية وهيمنة أفكار الخرافة والميتافيزيقا من ناحية أخرى بحاجة إلى عقل فلسفي تأملي يفسر كيف لعقل درس العلوم البحتة والفيزياء والكيمياء ولديه تفسير علمي عن نشأة الكون يجنح للأفكار الماورائية في تفسير نشأة الكون.

ــ دفاعًا عن الفلسفة

يتكون الكتاب من 12 فصل جاء الأول بعنوان "كيف نقرأ الفلسفة"، أمّا الفصل الثاني، فيطرح سؤالًا: هل تساعدنا الفلسفة على مقاومة الأمراض النفسية؟ وبدوره يطرح الفصل الثالث يطرح سؤالًا رئيسًا عن لماذا نحتاج لممارسة الفلسفة في حياتنا اليومية؟ وترى الباحثة أنه زاد التعاطي مع الفلسفة بشكل كبير منذ بداية الألفية الثالثة، كما ظهر الاهتمام بها، سواءً عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية، كذلك زاد الطلب على كتب الفلسفة من قبل القرّاء، إضافة إلى الفعاليات العامة على أرض الواقع والدورات والبودكاست والبرامج التلفزيونية والإذاعية وأعمدة الصحف.

والفصل الرابع يناقش: كيف تساعدك الفلسفة على إجراء محادثات عمل ناجحة؟، وفي الفصل الخامس يناقش فلسفة التكنولوجيا، ومدى حاجتنا إلى الفلسفة في عصر التكنولوجيا، أما الفصل السادس فيناقش فلسفة تغيير المعتقدات المقيدة للذات، وفيه تناقش أهمية اكتشاف المعتقدات التي تعيق طريق سعادتنا ونجاحنا، وأهمية تغيير رؤيتنا للعالم.

أما الفصل السابع فيناقش فلسفة التحكم في أحلامك، وما هي الأحلام الصافية، ويأتي الفصل الثامن ليناقش فلسفة "الإهمال الحميد" وكيفية التعامل مع الأحفاد، ودعم الأم الصغيرة الشابة في تعاملها مع أبنائها.

ويأتي الفصل التاسع عن فلسفة التوحد مع الأفكار العميقة وهي دراسة تؤكد على مهارة الغوص داخلنا، كيف يمكننا أن نعود للداخل لنتمكن من معرفة كيفية فهم ما يقابلنا من مشكلات، وفي الفصل العاشر يناقش كيف فلسفة استعادة حياتك من القلق على المدى الطويل.

في الفصل الحادي عشر عن فلسفة الجدل بين الجهد العقلي والاسترخاء الجسدي، ويتساءل أيهما يمكن أن نفضل: بذل جهد عقلي أم الاسترخاء على شاطئ البحر، ويأتي الفصل الثاني عشر فلسفة الراحة الجسدية، وهي دراسة تبين كيف أن "الراحة" تمنحنا حياة أكثر إبداعًا واستدامة.