رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وصفة روبرت والدينجر ومارك شولز للسعادة وطول العمر: لا تعزل نفسك.. نشط علاقاتك.. كن فضوليًا واطرح الأسئلة

السعادة
السعادة

هل هناك وصفة للحصول على السعادة الدائمة والعمر الطويل؟ فى كتابهما «الحياة الجيدة: دروس من أطول دراسة علمية للسعادة فى العالم»، يحاول الطبيب النفسى روبرت والدينجر وعالم النفس الإكلينيكى مارك شولز، تقديم إجابة عن ذلك السؤال من خلال عرض النتائج التى توصلا إليها من دراسة الحالات والتجارب الاجتماعية لمئات الأفراد عبر القرنين العشرين والحادى والعشرين.

ويقدم العالمان روشتة لتحقيق اللياقة الاجتماعية، والتى وصفاها بأنها مفتاح الصحة العقلية والصحة البدنية وطول العمر، إذ يعتبران أن تنمية العلاقات الإيجابية والحفاظ عليها مع الآخرين، أمر يشبه التغذية السليمة والتمارين البدنية والنوم الكافى وتجنب العادات الضارة مثل التدخين.

ووفقًا للكتاب، فإن تعلم المهارات الشخصية والعاطفية، أصبح ذا أهمية متزايدة فى ضوء أزمة الشعور بالوحدة التى تفاقمت بسبب جائحة «Covid-19» وما يصاحب ذلك من العمل والتعليم عن بعد، كما تظهر الدراسة أيضًا أن غياب العلاقات الجيدة يقلل من صحتنا ورفاهيتنا. 

وتبين أن الأشخاص الذين يعانون من العزلة، تتدهور صحتهم أسرع من الأشخاص الذين يرتبطون بالآخرين، وتكون حياتهم أقصر، كما تزيد الوحدة المزمنة من حالات الوفاة سنويًا بنسبة ٢٦٪.

وأشار الكتاب إلى أنه حتى العلاقات الجيدة تصاب بالروتين، لذلك قد يكون الوقت مناسبًا لتجربة بعض الأشياء الجديدة، حتى فى علاقاتك الأكثر إيجابية، مقدمًا ٤ استراتيجيات وجدها العالمان روبرت والدينجر ومارك شولز، خلال رحلتهما فى البحث والعلاج لتنمية جميع علاقاتك.

أول شىء هو الكرم والعطاء، لأن العلاقات هى بالضرورة أنظمة متبادلة، والدعم يسير فى كلا الاتجاهين، ولكن نادرًا ما يكون الدعم الذى نتلقاه صورة طبق الأصل من الدعم الذى نقدمه للآخرين، وفكرة إعطاء ما ترغب فى الحصول عليه فى المقابل، هو نوع من العجز واليأس الذى يشعر به الناس أحيانًا عندما يفكرون فى علاقاتهم، فلا يمكننا التحكم بشكل مباشر فى طريقة تفاعل الآخرين معنا، ولكن يمكننا التحكم فى الطريقة التى نتعامل بها معهم، وقد لا نتلقى نوعًا معينًا من الدعم، لكن هذا لا يعنى أننا لا نستطيع نحن تقديمه.

وتُظهر الأبحاث بوضوح أن مساعدة الآخرين تُفيد الشخص الذى يساعد، فهناك رابط عصبى وعملى بين الكرم والسعادة، كونك كريمًا مع الآخرين، يمكن أن يكون هذا وسيلة لتهيئة عقلك لاستقبال المشاعر الجيدة، وهذه المشاعر الجيدة بدورها تجعلك أكثر سعادة فى المستقبل.

والاستراتيجية الثانية هى الفضول وطرح الأسئلة المهمة، تجعلك تقطع شوطًا طويلًا فى علاقاتك المهمة، وتفتح آفاقًا للحديث بين أصدقائنا وأحبائنا، كما تساعد الآخرين على الفهم والتقدير والاهتمام بتفاصيل حياة الآخرين، حيث يمكن أن يشكل ذلك نوعًا من الرعاية ويزيد من قوة الروابط والعلاقات الجديدة.

الأمر بسيط مثل طرح سؤال، والاستماع إلى الرد، فالشعور بالفضول يساعدنا على التواصل مع الآخرين، وهذا الاتصال يجعلنا أكثر انخراطًا واهتمامًا بحياة الناس، ويساعدنا على فهمهم، كلمات بسيطة يمكن أن تكون بمثابة وسيلة اتصال جديدة مع الناس.

ويتساءل الناس بشكل متكرر: «كيف يمكننا الاستماع إلى مشاكل الآخرين طوال الوقت؟»، فيمكن أن يكون ذلك مرهقًا ومحبطًا، فيرد الكاتبان: «صحيح أن الاستماع ليس سهلًا دائمًا، ولكن التجربة الأكثر انتشارًا وقوة هى الشعور بالامتنان للأشخاص الذين نعمل معهم، فنتعلم من تجربتهم، ونفهمها، خاصة عندما يشعرون بالغربة فى بيئاتهم الاجتماعية».

وعندما سأل العالمان المشاركين فى الدراسة من المسنين الذين بلغوا السبعينات أو الثمانينات من العمر، عما إذا كانوا يشعرون بالندم من أى شىء؟ قائليْن: «أخبرنا الكثيرون أنهم يتمنون لو كانوا تواصلوا وقتًا أكثر مع أصدقائهم وأحبائهم، أو تحدثوا مع الأصدقاء البعيدين، ومع أقاربهم الذين طالما رغبوا فى قضاء المزيد من الوقت معهم».

إن معرفة كيفية تحسين روابطنا الاجتماعية، ولياقتنا الاجتماعية، ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب تقييم علاقاتنا باستمرار، والصدق مع أنفسنا بشأن الاتجاه الذى نوجه إليه وقتنا وما إذا كنا نميل إلى الروابط التى تساعدنا على الازدهار والنمو فى حياتنا، وهذا يعنى أيضًا أن نسأل أنفسنا ما الذى يمثل تحديًا فى علاقاتنا وكيف يمكننا تحسينها فى المستقبل.

فكر للحظة فى صديق أو قريب تعتز به، ولكنك لا تقضى معه الكثير من الوقت كما تريد، فكر فى عدد المرات التى ترى فيها قريبك حاليًا؟ كل أسبوع؟ مرة فى الشهر؟ مرة كل سنة؟ يمكنك إجراء العمليات الحسابية وتحديد عدد الساعات فى السنة الواحدة التى تعتقد أنك تقضيها مع هذا الشخص، ومهما كان هذا الرقم، قارنه بمقدار الوقت الذى يقضيه الشخص العادى فى اليوم أمام الشاشات، وابدأ بالتواصل معهم من جديد، وتقييم علاقاتك باستمرار.