رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شاهد عيان.. الرئيس السيسى يروى أسرار «المؤامرة» التى استهدفت مصر

الرئيس السيسى
الرئيس السيسى

نبّه الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى ضرورة الحفاظ على تضحيات الشهداء الذين دفعوا ثمنًا كبيرًا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للدولة، مشددًا على أن الحرب ضد الإرهاب لم تكن بسيطة طوال السنوات العشر الماضية.

وذكر الرئيس السيسى، فى كلمته خلال الندوة التثقيفية الـ٣٧ للقوات المسلحة بمناسبة «يوم الشهيد»، أننا نشعر ونقدر أن ثمنًا كبيرًا قد دُفع لكى نشعر بالأمان والاستقرار، مشيرًا إلى أن الاحتفال بـ«يوم الشهيد»، يعكس العرفان بحق الشهداء.

وروى الرئيس كيف أن مؤامرة كاملة كانت تُحاك لمصر فى ٢٠١١، فعندما كان الناس مشغولين فى الميدان، كان يتم تخريب مؤسسات الدولة فى سيناء، حتى خرجت الأمور عن السيطرة، وكان الأمر خطيرًا جدًا، فى ٢٨ يناير ٢٠١١.

وشدد على «أننا أكدنا، منذ سنوات، أن الإرهاب سينتهى، وأنه لن يكون هناك إرهاب فى البلد، طالما كنا على قلب رجل واحد»، مشيرًا إلى أن «هناك مقدرات وتكلفة قدمتها الدولة، خاصة أن ما حدث لم يكن وليد اللحظة، بل كان نتاج فكر وتخطيط من أهل الشر، كى تتعرض مصر لما مرت به مصر منذ ١٠ سنوات».

كان يتم تشكيل بنية أساسية ضخمة للإرهاب فى سيناء 

بدأ الرئيس السيسى كلمته بالحديث عمّا شهدته سيناء، وكان شاهد عيان عليه، قائلًا: «لا أعلم كيف أبدأ حديثى.. هل أقرأ نص الكلمة أم أتحدث بمشاعرى وإحساسى خلال هذا اليوم؟.. لقد شهدت جميع الأحداث التى وقعت ورأيتها وهى تحدث على أرض الواقع، وتترتب بشكل أو بآخر».

وأضاف الرئيس: «وكما رأيتم، فإن احتفالية وبرنامج اليوم يعكسان أمرًا واحدًا فقط، أنه مهما بلغت الصعاب والظروف التى واجهناها، ستمر تلك الصعاب بفضل الله، وهناك ثمن كبير تم تقديمه بالفعل، وتكرارى لهذا الكلام دائمًا ما يكون من أجل تقديم العرفان لأسر الشهداء الموجودة وغير الموجودة معنا اليوم».

وواصل: «هذا الثمن الذى تم بذله من أجل الوطن كان كبيرًا للغاية، عندكم وعندى أيضًا، وعند جميع المصريين الذين يشاهدوننا اليوم خلال هذه الاحتفالية، ويشعرون بمدى الثمن الكبير الذى تم بذله لتعيش مصر فى أمن وأمان وسلام».

وأكمل: «هذه الرسالة ليست للمصريين الطيبين فقط، لكن أيضًا رسالة للأشرار.. فعندما حدث هذا الكلام منذ سنوات، كنا نقول إن هذه الظروف العصيبة ستنتهى يومًا ما».

وشدد على أنه «ليس هناك إرهاب يستطيع القضاء على بلد أو هدمه، طالما كان على قلب رجل واحد»، مشيرًا إلى أن «هناك ثمنًا ووقتًا كبيرًا ومقدرات وتكلفة تضيع فى مواجهة الإرهاب، بجانب الأرواح التى تقدم فداء لمصر، لكن هناك نهاية بالتأكيد لكل ما رأيناه يوميًا على مدى ١٠ سنوات مضت».

وقال الرئيس: «أنا سأتحدث معكم كشاهد عيان من أجل أن تعلموا أنه ليس هناك شىء ينفذ وليد اللحظة، بل هناك فكر وتخطيط وترتيب وإجراءات لما حدث، من أجل الوصول فى النهاية إلى ما وصلنا إليه خلال السنوات العشر الماضية».

وأضاف: «أنا أقول وقائع، حيث كنت نائبًا لمدير المخابرات الحربية فى ٢٠٠٩، وكنا نعقد لقاءات من أجل مناقشة الوضع الأمنى فى سيناء، بحضور مدير المخابرات الأسبق، اللواء مراد موافى، ورئيس جهاز أمن الدولة (الأمن الوطنى) الأسبق، اللواء حسن عبدالرحمن، وخلصنا إلى أنه تم خلال ٧ سنوات تشكيل بنية أساسية ضخمة للإرهاب فى شمال سيناء، كانت عبارة عن مخازن للأسلحة والذخيرة والمفرقعات، وأيضًا عناصر بشرية كبيرة للسيطرة».

وواصل: «بالعودة إلى مواقع التواصل خلال الفترة من ٢٠٠٨ و٢٠٠٩، سوف ترون أنه كانت هناك أفلام للعناصر الإرهابية وهم ينظمون عروضًا عسكرية، وكأنهم خارج إطار الدولة».

اخترنا خوض معركتى البناء والقضاء على الإرهاب بالتزامن.. ونجحنا فى المهمتين

واصل الرئيس السيسى حديثه، وخاطب الشعب المصرى قائلًا: «عندما توليت المسئولية فى ٢٠١٤، كان لدى خياران، الأول: أن أُحمّلكم الهم، ويتم وقف كل الأعمال التنموية، ونقوم بحشد إعلامى ضخم بشأن الحرب ضد الإرهاب فى سيناء، التى لم تكن بسيطة».

وأضاف الرئيس: «لو تم عرض الأفلام التى صورت هذه المواجهات مع الإرهابيين، والتى تم تصويرها عن طريقهم وهى موجودة على مواقع الإنترنت، ستشاهدون حجم الخسائر والدمار والخراب الذى وقع على الأرض والمواطنين فى سيناء على حد سواء»، مشيرًا إلى أن هذه الأفلام تظهر بشاعة ما كانت ترتكبه الجماعات الإرهابية، وخوفًا على مشاعر المواطنين لم نعرضها.

وأكمل: «أما الخيار الآخر فكان السعى بكل همة وما أوتينا من قدرة لإنهاء المشكلة، جنبًا إلى جنب مع بناء البلاد، التى كانت تمر بظروف غاية فى الصعوبة، وزادت الصعوبة أكثر بعد الفترة من ٢٠١١ لـ٢٠١٣».

وأوضح أنه «تم اختيار الطريق الثانى، حيث كان أبناؤنا يحاربون فى سيناء، والبلاد تحارب أيضًا فى معركة أخرى هى معركة البناء، وقد نجحنا فى إنجاز المهمتين».

وقال الرئيس إنه «عندما قلنا إن الإرهاب اختفى من سيناء، أرادوا أن يعودوا من خلال عملية إرهابية، ليثبتوا أنهم ما زالوا موجودين، لذا يجب علينا الانتباه والحيطة دائمًا»، منبهًا إلى ضرورة أن تكون الدولة دائمًا منتبهة وفى يقظة تامة لما يحاك ضدها، وأن يظل «السلاح صاحى» فى مواجهة العناصر الإرهابية.

وكشف عن أن العمليات العسكرية كانت تكلف الدولة مليار جنيه على الأقل كل شهر، ولمدة ٩٠ شهرًا، وذلك منذ عام ٢٠١١ فقط.

وبيّن الرئيس أنه يقول هذا الكلام خلال الاحتفال بـ«يوم الشهيد»؛ لأنه يتصور أن جميع المصريين متأثرون جدًا بحالة أسر الشهداء، سواء زوجة أو أمًا أو أبًا أو أبناء، ونحن متأثرون مثلهم، لأننا بشر وهم أبناؤنا وأهلنا.

وأضاف: «هناك ثمن كبير جدًا تم دفعه، إلى جانب دم الشهداء والمصابين»، مستنكرًا فعل الإرهابيين بقوله: «هان عليهم الأرواح دى»، فى إشارة إلى الشهداء. 

وواصل: «هناك أشخاص لا تنام وآخرون يستشهدون لكى نعيش فى سلام، ومن المهم جدًا أن يشعر أهالى الشهداء بالثمن والتقدير الكبير من جانبنا لهم جميعًا»، مشددًا على أن «الدولة المصرية حريصة على تأكيد ذلك».

وقال الرئيس: «أكدت سابقًا أننا لا بد وأن نصبح أكثر صلابة من الآن، لأن التحديات أمامنا كثيرة ولم تنته»، مشيرًا إلى أن «بناء دولة بها ١٠٥ ملايين نسمة، وأكثر من ٦ ملايين من الضيوف الذين يعيشون وسط المصريين، واستعادة مكانتها فى التعليم والصحة وغيرهما من المجالات، أمر ليس باليسير، ويحتاج جهدًا وتضحية كبيرة».

وأضاف: «عندما بدأت المعركة مع الإرهابيين، كان الكثير ينتظر انتهاء تلك المعركة، وكنا نعلم أنها ستنتهى بفضل الله، وبدماء الشهداء»، معلنًا إقامة معرض يخلد ذكرى تلك الحرب، لـ«نطلعكم على الأشياء التى كانت موجودة وما تبقى منها، وهى كثيرة جدًا، سواء سلاحًا أو ذخائر أو أجهزة اتصالات، وكل ما تتصل بها من معدات للحرب».

وأعاد التشديد على أن «الحرب هناك لم تكن بسيطة، فأغلب الناس اعتادوا أن يروا الحرب من منظور الدبابات والطائرات، مثل كل الحروب التقليدية، لكن تلك الحرب كانت أكثر شراسة، لأننا فى الحرب العادية نعلم العدو التقليدى ونراه ونستطيع التعامل معه وجهًا إلى وجه، لكن هذا العدو مختلف، لا نراه؛ لأنه يختبئ بيننا، ويرتدى نفس ملابسنا، ليقوم بكل خسة وجبن بالمباغتة والهجوم»، مضيفًا: «نحن نعلم أن كل أسر الشهداء تشعر بالأسى والوجع على فراق أبنائها، وأيضًا على مستقبل بلدها».

وتابع: «سننفذ هذا المعرض لتخليد تلك الحرب الشرسة، لنريكم من خلاله صور وأسماء هؤلاء الأعداء والمجرمين»، محذرًا من تكرار هذا الأمر مرة أخرى.

وقال الرئيس السيسى: «إياكم يا مصريين أن تكونوا السبب مرة أخرى فى خراب بلدكم، فهذا الأمر حدث عندما تفككت البلاد فى ٢٠١١، وسأكرر هذا الحديث لكم باستمرار، وسأحاسب أمام الله عليه».

ووجّه الرئيس بضرورة تدريس هذه الأحداث داخل المدارس، ونشرها فى وسائل الإعلام والجامعات، محذرًا من أن «تدمير الدول من الداخل أمر عظيم، وهو فكر وعلم، كما أنه أرخص تكلفة عند من ينفذونه، فتدمير بلد بأهله تكلفته قليلة جدًا على المنفذين».

فى 28 يناير 2011.. أبلغت المشير طنطاوى بأن مشكلة كبيرة جدًا قد تحدث 

أكمل الرئيس: «كان التشخيص للوضع، آنذاك، بأنه توجد مشكلة كبيرة فى سيناء، وأن الكتلة الإرهابية التى تشكلت على مدى السنوات من ٢٠٠٥- ٢٠٠٨ تحتاج إلى جهد وعمل عسكرى مشترك كبير من الشرطة والجيش، من أجل التدخل لمواجهة هذا الخطر، لكن لم يتم تنفيذ ذلك، حيث كانت هناك ظروف واتفاقيات تحكم الوضع فى سيناء، وتنص على تواجد قوات شرطة محدودة، وقوات من الجيش فى المنطقة (أ) فقط، وظل الموضوع كذلك».

وتابع: «المؤامرة اتضحت فى عام ٢٠١١، فبينما الناس مشغولة فى الميدان، كان يتم تخريب مقدرات الدولة المصرية الموجودة فى شمال سيناء، من خلال الاعتداء على الأقسام والمديريات وكل ما يتعلق بمؤسسات الدولة، وتم الإعلان عن (ولاية وقضاء شرعى) للإرهابيين، على حد تعبيرهم».

وأشار إلى أنه «فى يوم ٢٨ يناير ٢٠١١ خرجت الأمور عن السيطرة، وتحدثت إلى وزير الدفاع، آنذاك، المشير محمد حسين طنطاوى (رحمه الله)، وأبلغته بأن مشكلة كبيرة جدًا قد تنشأ لو استمر الأمر على هذا الوضع، لأنه كان من الممكن للإرهابيين تنفيذ عمليات عبر الحدود ضد إسرائيل فترد عليها، وكان هذا سيمثل مشكلة تؤدى إلى صراع كبير، وربما كان هذا هو هدفهم فى النهاية».

وأضاف: «كان القرار من المشير طنطاوى الدخول بقوات، وقمنا بالإجراءات المطلوبة مع الإسرائيليين فى ذلك الوقت، حيث اتصلت بهم وأبلغتهم بأننا نحتاج تدخل قوات بسرعة فى العريش ورفح والشيخ زويد من أجل السيطرة على الوضع هناك، وهم كانوا متفهمين، وطلبوا أن نبلغهم بعدد القوات التى ستكون موجودة فى هذه المناطق».

وواصل: «إننا مستمرون فى ذلك الوضع حتى الآن، فقد زاد حجم القوات الموجودة خلال الـ٨ و٩ سنوات، حتى نتمكن من التعامل مع التحديات هناك»، مشيرًا إلى أنه يروى هذا الكلام حتى «لا نغفل أو ننام عن أى شىء داخل مصر، والانتباه لأى شىء يمس مصر من الخارج».

أطمئن المصريين: «بلدكم بخير وسلام وأمان.. واليوم أفضل من الأمس»

طمأن الرئيس السيسى المصريين بأن الدولة بخير وسلام وأمان، واليوم أفضل من الأمس، منبهًا إلى أنه «لا يجب أن نقيس ظروفنا الاقتصادية بحال الدولة»، وأن «الأزمة الاقتصادية الراهنة التى نمر بها ليست هى المقياس الحقيقى للدولة».

وذكّر الرئيس السيسى بالوضع فى مصر عامى ٢٠١٢ و٢٠١٣، وما نحن عليه الآن، مطالبًا بضرورة عدم نسيان ذلك، وأن هذه الأحداث كادت تدخل البلاد فى حرب أهلية تستمر لسنوات عديدة، منبهًا إلى أن هناك العديد من الدول دخلت حروبًا أهلية ولم تخرج منها حتى الآن.

وأضاف: «الله أراد لمصر بفضله ألا تدخل فى هذه الحروب، ورغم كل التخطيط والمكر، الله أراد أن ينجى مصر من تلك الأزمة، وهذا ما حدث بفضل الله».

ووجّه الرئيس السيسى التحية والتقدير لأسر الشهداء والمصابين التى حضرت احتفالية اليوم، وغير الموجودة، قائلًا: «عهدنا معكم أننا لن ننساكم، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لكم، لكن العهد الأكبر أننا سنجعل ثمن دماء أبنائكم، والإصابات التى حدثت وقدمت فداء لمصر، ميلادًا لدولة يفتخر بها أبناء مصر وأحفادها».

واختتم الرئيس كلمته بترديد عبارة: «تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر».