رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الصدق فى الأقوال والأعمال».. أول موضوعات خطب الجمعة الأولى من شعبان 2023

مسجد
مسجد

تزايد البحث عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، وعبر محركات البحث، فور قدوم شهر شعبان عن خطبة الجمعة الأولى من الشهر الكريم، إذ حددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة الأولى من شهر شعبان وجاءت تحت عنوان "الصدق في الأقوال والأعمال"،  حيث يستعد الكثير من في شهر شعبان إلى التقرب لله تعالى كونه أفضل الشهور عند الله تعالى إذ يرفع فيه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، إضافة إلى استعداد المسلمين في هذا الشهر واتخاذه فرصة للتأهب لشهر رمضان المبارك.

خطبة الجمعة الأولى من شعبان

وحددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة الأولى من شعبان، حيث أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف على جميع الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة نصًّا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية.

وعن نص خطبة الجمعة القادمة التي حددتها وزارة الأوقاف جاء كما يلي: 

الصدق في الأقوال والأعمال

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد:

فإن الصدق قيمة إنسانية نبيلة، وخلق إسلامي أصيل، ينبئ عن طيب المعدِن، وكمال المروءة، يقول الفضيل بن عياض (رحمه الله): لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال.

والمتأمل في كتاب الله (عز وجل) يدرك أن الله (تبارك وتعالى) وصف نفسه بالصدق؛ دلالة على شرفه وعلو قدره، حيث يقول الحق سبحانه: {قُلْ صَدَقَ الله}، ويقول سبحانه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}، ويقول تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}، كما يوقن أن الصدق والإيمان متلازمان، فالصدق دليل الإيمان وشاهده؛ لذلك أمر الله تعالى المؤمنين بالصدق، وبيَّن سبحانه أن المؤمنين حقًّا هم الصادقون، حيث يقول الحق سبحانه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

والصدق دأب الأنبياء والمرسلين، حيث يقول الحق سبحانه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}، ويقول سبحانه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ}، ويقول تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}، ويقول (جل وعلا) في شأن خاتم الأنبياء والمرسلين (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى}.

والمسلم الحق يدرك أن الكلمة أمانة، فيتحرى الصدق في جميع أقواله، سواء أكانت مسموعة، أم مرئية، أم مكتوبة؛ يبتغي بذلك وجه الله، وبركته في الدنيا، والجنة في الآخرة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلَا يَضُرُّكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: صِدْقُ حَدِيثٍ، وَحِفْظُ أَمَانَةٍ، وَحسنُ خَلِيقَة، وعِفَّةُ طُعْمَةٍ)، وحينما أرادت السيدة خديجة (رضي الله عنها) أن تطمئن نبينا (صلى الله عليه وسلم) بعد نزول الوحي عليه كان من جملة ما وصفته به (الصدق)، حيث قالت: والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، ويقول سبحانه: {قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا).

نص النصف الثاني من خطبة الجمعة القادمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين.

لا شك أن نور الصدق إذا سطع في القلب صدق الإنسان في عمله كما صدق في قوله، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}، والعمل الصادق هو الذي لا خداع فيه، ولا غش، ولا رياء، ويكون ذلك بتحري الحلال، والبعد عن الحرام، والوفاء بالعهود، وتأدية الأمانات، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، ويقول (جل شأنه): {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقد عدَّ نبيُّنا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ضد ذلك من الصفات علامات على النفاق، حيث يقول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)، كما أن الصدق في العمل يتطلب بلا شك إتقانه على الدرجة الأكمل كما أمر نبينا (صلى الله عليه وسلم) في قوله: (إنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ).

أننا نؤكد أن الإنسان الصادق قولًا وعملًا سليم النفس، نقي الفطرة، قريب من الناس، يألف ويؤلف، لا يغش في تجارةٍ، ولا يُخادع في معاملةٍ، ولا يتاجر بالأزمات، فيورثه الصدقُ الأمانَ النفسي، والطمأنينةَ القلبيةَ، والسعادةَ المجتمعية، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَة، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ)، ويقول سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): من كانت له عند النّاس ثلاث، وجبت له عليهم ثلاث: من إذا حدّثهم صدقهم، وإذا ائتمنوه لم يخنهم، وإذا وعدهم وفى لهم؛ وجب له عليهم أن تحبَّه قلوبُهم، وتنطق بالثّناء عليه ألسنتُهم، وتظهر له معونتُهم.