رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منافسة إيطالية أمريكية حول إنتاج حياة الرسول في فيلم سينمائي.. ما القصة؟

الفيلم الإيراني محمد
الفيلم الإيراني محمد رسول الله

منذ أن عرف الإنسان الحديث الصورة السينمائية، وتوالت عليها الموضوعات الحياتية والواقعية في جانب كبير من حكاياتها المصورة.. ومن القضايا الشائكة التي خاضتها السينما المصرية، قضية تناول قصص الأنبياء عبر شرائطها، لكن السلطات الدينية كانت تقف لصناع السينما بسيف المنع والتحريم.  

وكان الفنان يوسف وهبي من أوائل من تعرضوا لدعاوى التكفير تحديدا في العام 1926 عندما حرضت عليه مجلة المسرح الداخلية والأزهر لمنعه من إنتاج فيلمه “النبي”، ووقتها وبعد حملات الترهيب التي تعرض لها تراجع  “وهبي” عن مشروعه السينمائي.

ويعود الجدل مجددا بعد هذه المعركة بـ 36 عاما، تحديدا في العام 1962، مع تلقي الأمانة العام للجامعة العربية كتابا من إحدى الجمعيات الثقافية الإسلامية في العاصمة الأوغندية "كامبالا" تناولت فيه ما نشر في روما من إنتاج فيلم عن النبي محمد، تشارك في بطولته أمبراطورة إيران "ثريا". وناشد كتاب الجمعية جامعة الدول العربية باتخاذ كل ما يمكن لمنع إنتاج هذا الفيلم.

ــ سيناريست إيراني يدافع عن وجهة نظره

ولفتت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إلى مذكرة أخرى من وزارة الخارجية الأردنية تشير فيها إلى أن شركة "primavora" الإيطالية تنوي إنتاج فيلم عن حياة النبي محمد وظهور الدين الإسلامي، كما أشارت المذكرة إلى أن مؤلف الفيلم الإيراني "راهنما" كان قد وجه إلى الأمين العام للجامعة العربية، رسالة مؤرخة بتاريخ مارس 1961 يشرح فيها الجهود التي يبذلها في الولايات المتحدة من أجل إخراج فيلم عن حياة الرسول وطلبت الوزارة رأي الأمانة العامة في الموضوع خاصة وأن فتح الباب أمام الشركات السينمائية قد يدفع بعضها إلى التخطيط وتشويه الحقائق بدلا من إبراز جلال الإسلام وسمو رسالته. بحسب ما جاء في العدد 548 من مجلّة «الكواكب».

ــ إدارة الاستعلام والنشر بالجامعة العربية ترد

أما الأمين العام للجامعة العربية فحول المذكرتين إلى إدارة الاستعلام والنشر بالجامعة العربية، وأما إدارة الاستعلام والنشر بدورها ردت بعد اتصالاتها مع الجهات المعنية بالأمر وأرسلت مذكرة رفعتها إلى الأمين العام وأرسلت منها نسخة إلى الأزهر، جاء فيها: أولا بخصوص فيلم الشركة الإيطالية، اتصلت الإدارة بمكتبة الجامعة العربية في روما للتحقق من صحة المعلومات التي تلقتها الأمانة العامة وقد أبلغنا رئيس المكتب أنه استدعى الكونت "باولو سومان" المنظم العام لشركة movie Enterris فتأكد اعتزام الشركة إنتاج الفيلم المذكور ورغبتها في التعاون مع الدول العربية والإسلامية علي وضع هذا الفيلم لتلافي الوقوع في أخطاء وليكون الفيلم إشادة بالرسول وتعظيما له.

ــ منافسة إيطالية أمريكية حول إنتاج حياة الرسول بفيلم سينمائي

قرر رئيس المكتب، أنه لم ينجح في محاولته أن تعدل الشركة عن إنتاج الفيلم ذلك أنها تتوقع أن تسبقها إلى هذا العمل بعض الشركات الأمريكية التي قد تشوه الرسالة المحمدية السامية، وأبدت الشركة استعدادها لعرض القصة والسيناريو والحوار على ممثلي الدول المعنية وقبول أي اعتراض وتعديل ما يطلب تعديله، كما أعربت عن ترحيبها باشتراك أي دولة إسلامية في الإنتاج. ولم يقطع رئيس المكتب بجدية المشروع مبديا أنه بسبيل التقصي عن الشركة والقائمين عليها.

ــ شركة إنتاج أمريكية تعلن عزمها إنتاج فيلم أمريكي عن النبي

وتابع تقرير إدارة الاستعلام والنشر بجامعة الدول العربية: أما بخصوص الفيلم الأمريكي للمؤلف الإيراني، فقد توسط السفير "مصطفى كامل" سفير الجمهورية العربية المتحدة في واشنطن في تقديم رسالة موجهة إلى الأمين العام من السيد زين العابدين راهنما، تتضمن عرضا لاهتماماته الإسلامية فضلا عن اهتمامات أسرته، فقد كان جده زعيما لأربعين مليون شيعي، ثم تناول كتابا ألفه في ثلاثة أجزاء عن النبي محمد استغرق إعداده عشرين عاما وطبع بالفارسية والفرنسية، وتتخذ إجراءات طبعه بالإنجليزية، ثم انتهى إلى أنه عقد في الولايات المتحدة الأمريكية، اتفاقا مبدئيا على إنتاج فيلم تستقي مادته من كتابه الذي تقدمت الإشارة إليه، وحتى يكون الفيلم خير تعبير عن الوحدة الإسلامية، الأمر الذي دعا السيد راهمنا إلى الالتجاء إلى الأمين العام راجيا النصح وملتمسا التعاون الوثيق مع ممثلين لمختلف مدارس الفكر الإسلامي.

ــ مشاركة فنانيين عرب في فيلم أمريكي عن النبي

ويلفت تقرير إدارة الاستعلام والنشر بجامعة الدول العربية، إلى أن مؤلف سيناريو فيلم النبي زين العابدين راهنما، أبدى رغبته وتطلعه إلى تعاون مشترك مع الدول العربية والإسلامية لإنتاج الفيلم: هذا، كم قال السيد راهمنا، إنه سيقترح على الشركة منتجة الفيلم أن يراجع السيناريو قبل تنفيذه بمعرفة لجنة تتشكل من ممثلين عن السلطات المعنية، وسيصر على أن تصور مناظر الفيلم في الأراضي العربية، واشتراك أكبر عدد ممكن من فناني الشرق الأوسط في تمثيل الفيلم.

ــ إدارة الاستعلام والنشر توصي بالمرونة

وتختتم مذكرة إدارة الاستعلام والنشر بجامعة الدول العربية، المرفوعة إلى الأمين العام، بشأن إنتاج فيلمين، إيطالي، وأمريكي، عن حياة النبي محمد: "ينبغي النظر في هذا الموضوع  من النواحي التالية: تخطيط الحدود المرنة لتناول الموضوعات الإسلامية والبت فيما يجوز وما لا يجوز وتخطي الخلاف بين المذاهب الإسلامية بتأمين أسباب الاتفاق ومواضعه.

الاختيار والترغيب، أي اختيار الموضوعات التاريخية الصالحة للإنتاج الروائي السينمائي، وإعادة صياغتها في مختلف اللغات، وإثارة اهتمام المنتجين السينمائيين بها في مختلف مواطن الإنتاج العالمي.

تأمين التصوير السينمائي في الأماكن التاريخية بمختلف أنحاء العالمين العربي والإسلامي والتي تعتبر ملكا شائعا للمسلمين في جميع أنحاء المعمورة مع رعاية اعتبارات السيادة في هذه الحدود.

تحقيق أسباب الاطمئنان واعتبارات الأمن، بحيث تطمئن إلى سلامة الإنتاج السينمائي وتحقق الإشراف الكامل عليه من حيث هو قصة إلى أن يتم عرض فيلم صالح للعرض.

تأمين حقوق العاملين في الحقل السينمائي العربي، على أنه يأتي في المحل الأول من هذه البنود الأربعة وترى الإدارة أن جامعة الأزهر خير جهة يمكن البدء بالاتصال بها تمهيدا لتعيين المدارس والمذاهب الإسلامية في مختلف البلاد الإسلامية العربية وغير العربية، وتحديد قادتها وأساتذتها وزعمائها ومختلف الهيئات والجماعات والجامعات الإسلامية حتى تتصل بهم الأمانة العامة تمهيدا لتشكيل لجنة تتوفر على بحث ما أشرنا إليه في البند الأول، ثم تنتقل من التعميم إلى التخصيص فتنظر أو تفوض من سنظر في الموضوعات المعروضة للإنتاج السينمائي.

واختتمت المذكرة: "وإلى أن يتم ذلك ينبغي الاتصال بأصحاب المشروعات المقدمة لتوجه إليهم الشكر على عنايتهم ونبدي اهتمامنا بالموضوع ونطلب منهم الانتظار حتى تنتهي أعمال اللجنة مع مطالبتهم بموافاتنا بنسخ متعددة من مشروعاتهم، وبالذات من كتاب "النبي" الذي ألفه السيد "راهنما" باعتباره الأصل الذي تستقي عنه المادة السينمائية، فإذا انتهينا من هذه المرحلة جاز الانتقال بعدها".

ــ وأخيرا إيران تنتج فيلما عن النبي

وفي العام 2015 استقبلت دور العرض الإيرانية وفي عدد آخر من البلدان حول العالم، العرض الأول لفيلم “محمد رسول الله”، تحديدا في 12 فبراير من العام 2015، إنتاج إيراني، بدأ تصويره في العام 2008 وانتهى تصويره 2014، وصور في جنوب أفريقيا ومدينة “قم” الإيرانية.

والفيلم ناطق بالفارسية والعربية والإنجليزية، عن قصة وإخراج لـ مجيد مجيدي، ولاقي الفيلم آراء نقدية إيجابية، غير أن الأزهر منع عرضه في مصر، بينما عرض الفيلم في لبنان وروسيا والدنمارك وغيرها.

328292304_858026545285273_1869857914553263138_n