رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالتزامن مع عيد الحب.. قصة تسلط الضوء على إخلاص ووفاء الأزواج

عيد الحب 2023
عيد الحب 2023

يحتفل العشاق وهم على قيد الحياة بالحب، ويجدد طاقتنا من أجل مشاهدة شروق الشمس، اليوم نستعد جميعا لعناق من نحب، نخبرهم بأنهم أهم شىء في حياتنا، نكافح من أجل الفوز بحياة حرة جانبهم، مستعدون لبذل قصارى جهدنا للحفاظ على مودتهم حتى نكمل المسيرة في تلك الحياة.

 

اليوم لن نسرد قصة الأحبة الذين ينعمون بالجنة على الأرض مع من يستحقون، لكن سنحكي عن قصص أشخاص وافتهم المنية ومازالت قصص حبهم محفورة في ذاكرتنا نلقنها للأبناء والأحفاد والأجيال، فالشاب م.ج الذي بلغ الثلاثينات من العمر مازال يتذكر جده الراحل في مئويته وكيف كان يحب جدته بعنفوان شديد، فكما يقول هو دائما "جدي الذي انتصر على كل شيء وهزمه الحب".

 

كان جده بالنسبة له حالة فريدة من نوعها، عاش في قرية صغيرة، لم يكن يذهب إلى المدن إلا لمشاهدة مشايخ الصوفية، فلم يلتقي بضراوة الحياة ليحب ويتألم ويعرف قيمة الحب، ولم يتعلم أساسيات الحب، ولم يرى زوجته إلا في ليلة الزفاف، لكنه أحبها بكل وجدانه، وبكل المعاني التي تعلمها من زراعته في الأرض، وحمل الفأس، ورعاية الماشية.

 

يقول م.ج: "كان جدي قوياً في كل شيء، قوياً في جسمانه وشخصيته وصوته وهيبته، لم أره خائفاً قط، لم يخف المرض ولا الموت، بالعكس كان يواجهه في كل مرة وينتصر عليه، حتى الموت نفسه انتصر عليه أكثر من مرة، إلى أن هزمه الحب، نعم هزمه الحب، وهنا وجد الموت سبيله"، كان جده يعمل في الأرض وهو على مشارف التسعين كشاب في العشرينيات من عمره، يحب أم كلثوم ويستمع لحفلتها كل ليلة، وبعدها يحول على إذاعة القرآن الكريم للعمل طوال اليوم، حتى تأتي أم كلثوم في اليوم التالي وهكذا، يحب الأفلام القديمة ويشاهدها، يحب فاتن حمامة وتحية كاريوكا وزكي رستم ومحمود المليجي، كل ذلك كان يفعله كل يوم بجوار حبيبته الجدة الطيبة التي ترعى أحفادها، وتتمنى لهم السلامة دائما.

كانت تجلس دائما بجوار حبيبها تساعده في الأعمال الريفية وتشاركه الأحاديث طوال اليوم، وماذا فعل ذلك الشخص، وكيف تتصرف في ذلك الموقف، كان الجد يسمع كلامها بشكل عجيب وكأنه أمر مقدس، فعلى الرغم من أميتها إلا أن آرائها لم تخطىء يوما كما قال عنها الجد لأحفاده.

 

يقدم م.ج موقفا غريبا عن علاقة الحب منذ مايقرب من قرن من الزمان: "سألت جدتي ذات مرة، سؤالاً اعتبرته محرجاً، كيف تعرفتي على جدي؟، ردت جه اتقدم لأبويا وأبويا وافق، رددت على الفور إيه يا ستي انتي بتكروتيني ليه"، أجابت بأنها فقط رأته من شباك صغير وهو يقرأ فاتحتها مع والدها، لكنها لم تتحدث معه أبدا، فسألها الشاب مرة أخرى "طيب كان بيجي يزوركم بعد ما قرأ فاتحتك"، لتجيب بأنه فقط كان يحتسي الشاي مع والدها في الغيط، ثم رأته لمرة واحدة أخرى قبل الزفاف" أه شوفته مرة وأنا مالية زلعة المية ومروحة"، ثم سألها مرة أخرى هل ذهبت مرة لمنزل والدك بعد معركة طاحنة مع جدي لتجيب: "ولامرة"، ربما تتعجب بأنهما عاشا سويا كل هذا العمر، ولم تتركه له ولو لمرة واحدة.

 

كانا يجلسان سوياً دون حديث فقط يونسان بعضهما البعض يصليان يستمعان لأم كلثوم، يشاهدان فيلم قديم ويتبادلان أطراف الحديث المفيد، وكانت تدعو له دائما"ربنا يجعل يومي قبل يومك يا راجلي"، لتفارق الجدة الحياة قبل 6 سنوات من وفاة الجد، ويوم وفاته رآه لأول مرة يبكي، فتعجب الشاب وقال في كينونة نفسه "يا الله هل تبكي مثلنا هل لديك دموع مثلنا، لقد بكى وكأنه لم يبكي من قبل، بكى بحرقة كبيرة، وقال "طيب كنتي زعليني"، كان الجد يبحث لمعشوقته التي تركته وحيدا بائسا عن أى خطأ صغير ليواسي جراح التي لم تلتئم بعد وفاتها.

 

لقد أصبح الجد ضعيفا كانت سر قوته، لذلك لم يصمد أكثر من 6 سنوات وهرول إليها ليكملا أحاديثهما، ويخبرها بأن الجميع بخير وسعيد.