رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة نجاح «كوكا».. بدأت من غرفة المونتاج وصولًا إلى الأفلام العالمية

الفنانة كوكا
الفنانة كوكا

الفنانة "كوكا"، أو ناجية إبراهيم بلال، أشهر الفنانات اللاتي أدين دور المرأة البدوية في السينما المصرية. كانت كوكا ضيفة الشاعر صالح جودت في زاويته التي يكتبها لمجلة الكواكب المصرية، تحت عنوان “أهل الفن في المرآة”.

 

ففي عددها الـ80 والصادر بتاريخ 10 فبراير 1953، كتب صالح جودت عن الفنانة كوكا، مشيرا إلي كواليس مقابلته الأولي لها: عرفتها منذ سنوات طويلة قبل أن تعيش في محيط ضيق، في غرفة "المونتاج" تتسلل فيها إلا البلاتو، حيث تتطلع من بعيد إلي الممثلين والممثلات، وتري بعينيها كيف يبني المجد، وتذيع الشهرة ويتناثر الذهب، فتعود إلي غرفتها وئيدة الخطي، مطرقة الرأس، تفكر وتتساءل وتحلم.

 

ويوضح “جودت”: تفكر، هل قضي عليها أن تقضي حياتها في غرفة "المونتاج"؟، وتتساءل: هل خلقها الله من طينة غير طينة هؤلاء الذين ينعمون بالمجد والشهرة والذهب؟، وتحلم: هل يجيئ اليوم الذي يبتسم لها فيه القدر، فتقفز من غرفة المونتاج إلا البلاتو؟.

 

ــ هكذا ابتسم الحظ لـ“كوكا” 

ويمضي الشاعر صالح جودت عن الفنانة “كوكا”: وكان اليوم الموعود في انتظارها، وكانت أول نجمة بدأت حياتها خلف الستارة، ثم استطاعت بطموحها أن تتخطي الستارة لتحتل مكانها فوقها.

 

 وهكذا ابتسم لها الحظ ففازت بدور صغير كانت تظنه يومئذ أقصي طموحها، وكلنها لم تكن تدري أن القدر قد أعد لها عدة ابتسامات أخري لم تخطر بأحلامها في يوم من الأيام.

 

ــ "كوكا" بطلة للفيلم العالمي “تاجر الملح”

ويضيف “جودت”: وكانت الابتسامة الثانية، حينما وقعت عليها عين مخرج إنجليزي، ورأي فيها من المواهب ما لم تره في نفسها، وما لم يره فيها أحد من مخرجينا، وما لم يره هو في أحد غيرها، فاختارها لبطولة فيلم "تاجر الملح"، أمام النجم الكبير بول روبسون.

 

وهكذا قدر للطفلة السمراء، التي كان أقصي أحلامها أن تفوز بدور صغير في فيلم محلي، أن تصبح بين يوم وليلة، نجمة عالمية في فيلم عالمي.

 

وإنما أقول إنها ابتسامة من ابتسامات القدر، لأن كثيرات من بنات الفن عندنا، قد التمسن المجد الفني الدولي، وضحين من أجله بالكثير في سبيل الظهور في فيلم عالمي. أما "كوكا"، فقد سعد إليها المجد الفني الدولي وهي جالسة في عقر وطنها، وجعل منها نجمة عالمية.

 

ــ لقاء “كوكا” المخرج نيازي مصطفي

ويضيف صالح جودت: وكانت ابتسامة القدر الثالثة، وهي أجمل الابتسامات جميعا، أن وقعت كوكا في قلب المخرج نيازي مصطفي. ونيازي واحد من مخرجينا القلائل الذين لم يأخذوا الفن ارتجالا، فقد درس السينما في أكبر معاهدها بألمانيا، وعاد إلي مصر، فلم يقفز إلي رسالة الإخراج، إلا بعد أن تدرج في جميع العمليات السينمائية، من تصوير ومونتاج ومكياج وبزغ فيها جميعا براعة عظيمة، وأخيرا انتهي إلي الإخراج وهو متمكن من كل خطوة في السينما. ولعله المخرج الوحيد الذي يعد خبيرا وحجة في جميع العمليات السينمائية. كان اقتران اسم "كوكا" باسم نيازي مصطفي من أجمل حوادث حياتها، فقد فتح لها أفقا جديدا علي السينما، ألا وهو دور الفتاة البدوية، في الأفلام البدوية.

 

ــ “كوكا” تنطلق في عالم المجد والشهرة

ويلفت “جودت” إلي أن نيازي مصطفى فتح من خلال الأفلام البدوية أفقا جديدا في السينما المصرية، لم يكن أحد ينتبه إلي جماله من قبل، وقد استطاع الفيلم البدوي المصري الذي كان نيازي مصطفي وكوكا رائديه الأولين أن يغزو أسواقا جديدة لا سيما في البلاد العربية التي أحبت هذا اللون وتعشقه لقربه من طبيعة الشرق، وما فيه من جدة وصدق.

 

ــ عمارة “كوكا” في الجيزة

ويختتم “جودت”: هذه هي كوكا النجمة السينمائية، أما كوكا الثانية، صاحبة عمارة كوكا بالجيزة، وهذه العمارة تنهض دليلا علي أن الفن يستطيع أن يثمر ماديا كما يثمر أدبيا، وأنها ليست كبقية الفنانات اللواتي ينفقن في بذخ، ذلك لأن كوكا تعرف أن دورها الذي خلقت له هو دور الشابة البدوية، التي تعتمد علي شبابها وملاحتها.

 

واليوم الذي تتجاوز فيه سن الشباب، هو اليوم الذي يتحتم عليها فيه أن تهجر الستارة وتودع الفن. وستهجر الستارة يوما ما، ولكنها لن تودع الفن وداعا نهائيا، بل سوف تعود كما كانت في بدء حياتها، إلي العمل وراء الستارة، بيد أنها لن تعود إلي غرفة المونتاج كما كانت، بل ستعمل في ميدان الإنتاج، وهي تتدرب منذ الآن علي هذه المهمة، فهي منتجة منذ حين، ناجحة الإنتاج، وإن كان نيازي مصطفي يشكو من كثرة أحلامها بالأرقام، وإنشغالها بالبيع والتوزيع والفواتير والحسابات.

 

وأخيرا .. هناك "كوكا" الزوجة، أنها إنسانة رقيقة، وزوجة صالحة وربة بيت ناجحة، تقوم حياتها الزوجية دليلا علي أن الفنانة تستطيع أن تكون زوجة مثالية.

330166684_893897112035138_4103623246492417552_n