رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤسس النهضة الفنية فى مصر

هل تعرف محمد ناجى؟

متحف محمد ناجى
متحف محمد ناجى

- أول مدير لمدرسة الفنون الجميلة بالقاهرة وعُيّن مديرًا للأكاديمية المصرية فى روما

- 1200 لوحة عن المهمشين والبسطاء والمرأة والنيل ورجال الدين والزعماء

- كرّمته فرنسا بقلادة «الشرف» وجداريات الإسكندرية النواة الأولى لمتحفه

- درس القانون بجامعة ليون الفرنسية وأتقن فن التصوير بأكاديمية فيرانزا الإيطالية            

على بُعد دقائق من شارع الهرم وفى فيلا أنيقة وصغيرة.. توجد ثروة فنية.. لوحات للفنان محمد ناجى.. أحد رواد عصر النهضة فى مصر وصناعها.. لأسباب كثيرة جدًا لا تعرف الأجيال الحالية الكثير عن رموزها ومن بينهم محمد ناجى .. فتعال نتعرف معًا على واحد من رموز الفن المصرى.

يعد واحدًا من جيل الرواد الذين وضعوا أساس النهضة الفنية الحديثة، عاش فى الإسكندرية وكان له التأثير الإيجابى على الحركة الفنية، كان دائمًا يحب السفر والترحال وهذا ما جعله يترك لنا إرثًا كبيرًا فى المكتبة الفنية.

الفنان محمد ناجى شكلت فرنسا وعيه، فقد قضى فترة من حياته بها، وتخصص فى فن التصوير آنذاك، ويعتبر ناجى أول المعاصرين خروجًا للطبيعة لذلك نبضت لوحاته بالكثير من الحيوية والتدفق، ونظرًا لتميزه وتكريمًا لفنه وإنجازاته وإسهاماته فى الحركة الفنية التشكيلية، قامت وزارة الثقافة بتحويل مرسمه الخاص بعد رحيله إلى متحف يضم جميع أعماله الخالدة.

وتعتبر أعمال ناجى وثيقة تاريخية وإنسانية تحمل بصماته، فنجد لوحاته مرتعًا للمهمشين والبسطاء، وتتنوع الشخصيات فى أعماله حيث نجد المرأة والنيل والعادات والتقاليد والطبيعة على سجيتها، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فقد صور فى أعماله أقاربه ورجال الدولة والزعماء ورجال الدين، وتعد تلك اللوحات من أبرز هدايا التاريخ القديم.

وفى أعماله يميل ناجى إلى ربط ماضى مصر الفنى القديم بحاضرها مع الشغف بالطبيعة والارتباط بها، وتتميز لوحاته بشفافية اللون وتناغمها مع قوة التركيب والتوازن، فتنقل خلال أعماله من الكلاسيكية إلى الرومانتيكية إلى الانطباعية إلى الحوشية ثم إلى ما بعد الانطباعية.

وتتنوع أعماله الفنية، كان ناجى معبرًا بصدق عن عصره حيث أعانته ظروف حياته والعناصر التى أسهمت فى فكره، وما أتاحته له ظروفه من سياحة وترحال على هذا التنوع الكبير فى لوحاته، فكان دائمًا يحب السفر والترحال وهو ما تحدثت عنه لوحاته وتميزت به.

 

من هو محمد ناجى؟

محمد ناجى من مواليد ١٧ يناير عام ١٨٨٨ بالإسكندرية ورحل عن عالمنا فى عام ٥ أبريل عام ١٩٥٦، بعد أن ترك لنا مجموعة من الأعمال الفنية التى أسهمت فى النهضة الفنية آنذاك، حصل على ليسانس القانون بجامعة ليون بفرنسا ١٩٠٦- ١٩١٠، ثم سافر إلى فلورانسا بإيطاليا، والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة، وبعد عودته قبيل الحرب العالمية الأولى أصبح ثائرًا على الأساليب المدرسية والأكاديمية فى الفن وظهر تأثره بالمدرسة التأثيرية.

ثم درس التصوير فى أكاديمية الفنون الجميلة بفيرانزا بإيطاليا فى الفترة من ١٩١١- ١٩١٤، عاش فى خمسة أماكن فكان يميل إلى الترحال والسفر وهى: الإسكندرية، الأقصر، القلعة، فرنسا، روما.

تقلد العديد من المناصب منها: انتخب عضوًا بمجلس إدارة جمعية محبى الفنون الجميلة، ثم عُيّن ملحقًا ثقافيًا فى البرازيل ثم فى باريس، كما عُيّن بوزارة الخارجية فى ١٦ يونيو ١٩٢٥، وعُيّن كأول مدير لمدرسة الفنون الجميلة بالقاهرة، ثم عُيّن مديرًا لمتحف الفن الحديث بالقاهرة، انتدب مديرًا للأكاديمية المصرية للفنون الجميلة بروما وملحقًا ثقافيًا بها عام ١٩٤٧- ١٩٥٠.

وتصف شقيقته الفنانة عفت ناجى نشأته فتقول: «عاش طفولته فى بيت الأسرة، وهو بيت فسيح تحيطه حديقة كثيفة متنوعة الأزهار، ويطل على ضفاف القناة، حيث يمر المتنزهون على شاطئها فى عربات تجرها خيل مزينة السرج، يجرى من حولها السياس فى زيهم المذهب، ويجلس الشاب ناجى على ضفة القناة تحت شجرة الجميز التى تغنى بها فى أشعاره.

وكتب ناجى ذات مرة فى إحدى رسائله يصف حياته هذه فيقول: «الحياة السائدة هنا هى القناة التى تبدو لى قصيدة شاعرية وبطولية، نرى فيها الرجال يجرون المراكب ويتسلقون الصوارى، ويطوون القلاع ويدقون المجداف فى نقطة ارتكاز بقاع القناة، لتدفع مراكبهم المحملة».

أقام ناجى العديد من المعارض، منها: معرض بلندن موضوعه «مصر والحبشة» عام ١٩٣٤، ثم خُصصت لناجى قاعة خاصة لأعماله فى المعرض الرابع عشر لجمعية أصدقاء الفن بالقاهرة ١٩٣٥، وأقام معرضًا للوحات التى صورها بالحبشة بصالة الفنون فى لندن «التايت جاليرى» عام ١٩٣٦ حيث عرض نحو ٤٥ لوحة وتم اقتناء واحدة للمتحف، كما أقام معرضًا ببروكسل ومارسيليا، وغيرها من المعارض التى ميّزت أعماله.

وتتويجًا لأعماله المتميزة، حصل على قلادة الشرف الفرنسية عام ١٩٢٧، وخلال بعثته إلى الحبشة عام ١٩٣٢، التى عاش بها نحو ثلاث سنوات حيث صور الطبيعة بألوانها الصاخبة كما صور الإمبراطور ورجال الدين والكثير من الشخصيات البارزة فى بلاط «هيلا سلاسى» فقد أهدى للنجاشى أحد البورتريهات التى رسمها له.

 

تاريخ نشاة المتحف

بعد رحيل الفنان التشكيلى محمد ناجى، اقتنت وزارة الثقافة مرسمه عام ١٩٦٢م، بعد ٦ سنوات من رحيله، تمهيدًا لتحويله إلى متحف تكريمًا لإنجازاته ودوره فى نهضة الفن التشكيلى، وقامت شقيقته الفنانة «عفت ناجى» بإهداء الدولة أربعين لوحة زيتية من أعماله ومجموعة كبيرة من رسومه التحضيرية بالإضافة إلى متعلقاته الشخصية، والمتحف يضم مجموعة من أعمال الفنان الرائد «محمد ناجى».

وفى ١٣ يوليو ١٩٦٨ افتتح الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة حينئذ، متحف ناجى للجمهور بنفس عدد الأعمال الفنية التى تم إهداؤها وفى عام ١٩٨٧ حصلت وزارة الثقافة على ٢٨ لوحة زيتية لناجى، كما أهدت الفنانة عفت ناجى للمتحف مجموعة أخرى من رسوماته، وشهد عام ١٩٩١ افتتاح المتحف بعد تطويره وتحديثه، ووصلت مقتنياته إلى ١٢٠٠ لوحة والكثير من متعلقاته الشخصية.

وترجع النواة الأولى للمتحف إلى عام ١٩٥٢م، حينما شيَّد الفنان محمد ناجى مرسمه، الذى أقيم عليه بعد سنوات عدة المتحف ذاته، حيث يقع فى ٩ شارع محمود الجندى فى حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة، هذا هو عنوان المتحف وموقعه الذى اختاره الفنان ناجى قبل ما يزيد على ٦٧ عامًا.

ويعود اختيار المرسم إلى طبيعة ناجى فكان يعشق الهدوء، حيث أراده فى مكان منعزل قصى عن صخب القاهرة ليحظى بالسكينة، فكانت المنطقة آنذاك شبه خالية من السكان، وقيل إن الغرض من اختياره هذا المكان هو استكمال لوحته الأهم «مدرسة الإسكندرية» التى بدأ رسمها عام ١٩٣٩ عندما كان مديرًا لمتحف الفن الحديث.

 

مقتنيات متحف محمد ناجى

يضم المتحف ١٢٠٠ لوحة موزعة على صالتين أساسيتين، الأولى كانت بمثابة المرسم الخاص بالفنان، والثانية استحدثتها وزارة الثقافة لعرض اللوحات، فضلًا عن وجود مكتبة ومخزن يضم بعض الأعمال والمقتنيات.

وتوجد بقاعته الرئيسية قاعة «محمد ناجى» مجموعة من الأعمال الفنية، التى تضم لوحات تعبر عن الحياة الريفية وطبيعة الريف والمرأة الريفية، حيث كان دائمًا يجول فى المحافظات ويجسد ما يراه من خلال لوحاته.

إضافة إلى أعمال تتحدث عن ثلاث سنوات أثناء رحلته إلى الحبشة فقد سلط فيها الضوء على ما يميز القارة الإفريقية، وكانت اللوحات قد رسمت بالألوان النارية وفقًا لطبيعة القارة ومحاكاة لها، وتطرق فى لوحاته للعادات والتقاليد لإثيوبيا والمرأة الإثيوبية وفكرة النيل الأزرق، وكل ما يتعلق بالقارة الإفريقية.

ومن أبرز اللوحات التى تتزين بها جدران المتحف لوحة ترعة المحمودية، لوحة أمومة، لوحة الهدية، لوحة الصياد، لوحة صائد السمان، لوحة خفراء الحدود، وتعد من أهم لوحاته لوحة مدرسة الإسكندرية وهى من الجداريات التى رسمت بمساحة ٧ أمتار وكانت سببًا فى أن يكون له مرسم خاص تم تحويله إلى المتحف فيما بعد، كما يضم المتحف لوحة التحطيب التى تعد إحدى أشهر لوحاته.

ومن إنجازاته المهمة اللوحات الجدارية التى تمثل لوحات بمستشفى المواساة، تمثل الطب عند العرب وعند قدماء المصريين، كما رسم لوحته الكبيرة عن نهضة مصر التى توجد فى مبنى البرلمان منذ عام ١٩٢٢ وحتى الآن، ومن اللوحات المهمة أيضًا لوحة موكب الأمير.

كما يضم المتحف عددًا من مقتنيات محمد ناجى الخاصة مثل: كرسى هزاز كان دائمًا ما يجلس عليه، وصندوق خشبى يحتوى بدلاته الرسمية الأنيقة، كذلك «شيفونيرة» عتيقة تعود إلى بدايات القرن العشرين، وهذا لأن محمد ناجى الذى تولى عددًا من المهام والمناصب فى الدولة كان شديد التأنق ومعروف عنه وجاهته وهيئته المميزة، التى تتوازى مع ذوقه الفنى الرفيع فى ما يرسم.

 

 

مواعيد افتتاح المتحف وأسعار التذاكر

يفتح متحف محمد ناجى أبوابه للزائرين من الساعة العاشرة صباحًا حتى الرابعة مساءً، عدا الإثنين والجمعة.

وحدد قطاع الفنون التشكيلية التابع له المتحف أسعار التذاكر للرواد، وهى: ٣ جنيهات للطالب المصرى، و٥ جنيهات للمصريين، بينما ١٠ جنيهات للأجنبى، وهناك مجموعة من الأفراد معفاة من الرسوم، وهم: ذوو الاحتياجات الخاصة، والمحاربون القدماء، وكبار السن فوق ٦٠ سنة، وصغار السن أقل من ١٢ عامًا، وأعضاء النقابات الفنية المهنية، وأعضاء اللجان الوطنية للمتاحف العالمية.

 

مديرة المتحف تتحدث

من جانبها، قالت الأستاذة أمانى فاروق الحناوى، مدير متحف محمد ناجى، إن المتحف يضم بين جدرانه من المقتنيات ١٢٠٠ لوحة زيتية ومقتنيات شخصية، كانت فى البداية من إهداءات شقيقته عفت ناجى، منوهة بأن المتحف فى البداية عبارة عن قاعة واحدة، وأما الآن فهو عبارة عن قاعتين.

وأضافت فى تصريحات لـ«الدستور» أن المتحف يرجع اختيار محمد ناجى له إلى أنه كان يعتزم رسم لوحة الإسكندرية وكانت ٧ أمتار، فكان لا يوجد مكان لرسمها فاختار هذا المرسم، إضافة إلى أنه كان يحب الهدوء.

وأشارت إلى أن مجموعة الحبشة تعد من أبرز اللوحات، التى رسمها ناجى فى ٣ سنوات، وهى عبارة عن ٣٦٠ لوحة زيتية موضحًا معالم القارة الإفريقية، وبعض العادات، ومجموعة متميزة، وتم عرض جزء كبير منها بالمتحف، كما أن هناك لوحات متميزة وأهمها الريف المصرى، وجزء من لوحاته الخاصة بالشخصيات «البورتريهات» فهناك لوحة جمع فيها ثلاث شخصيات وهم: أمير الشعراء أحمد شوقى، وعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، وهدى شعراوى، كما يوجد لوحات له ولشقيقته وبعض أصدقائه.

وأكملت أن هناك لوحة مهمة وهى لمبايعة محمد على، ولوحات تعود لحقبة الفراعنة معروض منها لوحتان، ومن ضمن اللوحات المتميزة النيل الأزرق والفيضان، لافتة إلى أن هناك لوحات دخلت مرحلة الترميم.

وأوضحت أن المتحف يتكون من مبنى قاعات عرض والمخزن الرئيسى، وأما عن عدد الغرف داخل كل بناية، فيوجد ٢ قاعة عرض واستقبال، ٤ غرف إدارية، ٣ غرف مرافق، غرفة شباك تذاكر، غرفة أمن، على مساحة ٢٠٠٠ متر شاملة المبانى والحديقة المتحفية.

وقالت الحناوى إن المتحف لديه الكثير من الأنشطة الثقافية التى تخدم الجمهور التى تتمثل فى الندوات الثقافية، والمسابقة السنوية «مسابقة ناجى» وكان آخرها «أعياد بلدنا» وكل عام يتم اختيار موضوع للمسابقة وهى للأطفال ويتم توزيع جوائز مادية وعينية للفائزين، ويتم اختيار لجنة التحكيم من أساتذة من كليات الفنون الجميلة، ويتم إجراؤها حسب شروط معينة مثل السن والخامات ومقاسات اللوحة.

وتابعت: «كما يتم تنظيم ورش صيفية فى مجال الرسم والتصوير، إضافة إلى المسرح المتحفى الذى يقام سنويًا لمحاكاة لوحات الفنان يتم تجسيدها فى مسرحيات، والذين يمثلونها هم أولاد من متابعى ناجى».

وأكدت أن أغلب الزائرين من طلاب المدارس خاصة المرحلة الإعدادية، حيث يتم تدريس محمد ناجى فى منهج إعدادى، فيأتون بصفة منتظمة، إضافة إلى زائرين من المراحل التعليمية المختلفة، وبعض المهتمين بمسيرة ناجى، والمهتمين بأعماله من الأجانب من فرنسا وإيطاليا.

وأشارت إلى أن طبيعة العاملين فى المتحف من خريجى كليات الفنون التطبيقية والفنون الجميلة، وعندما يأتى وفد لزيارة المتحف يكون مصاحبًا له أمين من أمناء المتحف يشرح له اللوحات وعما تتحدث، كما نعطيه مطويات للمكان، والمسئولون عن الجولات أمناء المتاحف، كما توجد بالمتحف مجموعة من الإداريين وأفراد الأمن.

وأكدت الحناوى أنه يوجد خلال الفترة الحالية ١١ لوحة لمحمد ناجى فى كلية الفنون الجميلة بالمنيا، تمت إعارتها لفترة محددة وبشروط معينة وضعها قطاع الفنون التشكيلية، ويتم تجديدها سنويًا، كما توجد بالعاصمة الإدارية الجديدة لوحتان أيضًا.

ونوهت مديرة المتحف بأن يوم ١٧ يناير يتم تنظيم احتفالية ذكرى ميلاد محمد ناجى تتم فيها دعوة المحبين له والمهتمين بسيرته وكل من كتب عن ناجى.

وقدمت عددًا من المقترحات لتطوير المتحف، وهى: أن يكون هناك تسويق ثقافى للمتحف، وخطة دعائية تزيد من الزائرين للمتحف، ومن ضمن المقترحات أيضًا أن يكون ملحق بالمتحف مركز ثقافى، ويتم تفعيل أمسيات شعرية وغنائية به، إضافة إلى الندوات والورش.