رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وكيل الأزهر يشارك فى اجتماع أمانة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب

جانب من الفعاليات
جانب من الفعاليات

قال الدكتور الضويني، وكيل الأزهر، إننا إذا تأملنا حاضرنا اليوم وما يشوبه من أفكار وثقافات فإننا قد نرى صورة أقل إشراقا وأكثر إخفاقا إذا ما قورنت بعصورنا الزاهرة، فلا يخفى على أحد ما تواجهه أمتنا من تحديات في مختلف المجالات وعلى الأصعدة كافة، وفي مقدمتها المجالات الفكرية.

وأوضح أننا الآن بين تيار جانح متشدد يقف حائلا أمام تقدمنا ورقينا، يستخدم العقول النابهة في اختراع ما يضر الناس كوسائل القتل والدمار، بدلا من الاستفادة من فكرهم في ما ينفع المجتمعات؛ وتيار ثان جمد عن التطور ومواكبة العصر نتيجة فهم خاطئ لمبادئ الأديان السماوية السمحة ولا سيما ديننا الإسلامي الحنيف، وتيار آخر وضع من الانحراف الفكري والأخلاقي بوابة ينفث بها سمومه ليدمر مستقبل الأجيال الناشئة، وهو ما يوجب علينا التصدي لها ومنع انتشارها، ولا أجدر ولا أقدر على مواجهتها من العلماء والمفكرين والأدباء الذين يخاطبون العقول والقلوب.

وأكد الدكتور الضويني، خلال كلمته باجتماع "الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب"، بحضور نخبة من الكتاب والأدباء العرب؛ أن الأزهر يقف برمزيته الدينية وتأثير قادته، وعلى رأسهم فضيلة الإمام الأكبر، كأحد أبرز منارات الإشعاع الحضاري والإنساني منذ أكثر من ألف عام؛ يؤدي رسالته النبيلة ليستفيد منها شعوب العالم الإسلامي، ويحرص علماؤه على مقاومة الفكر المنحرف والمضلل عبر العصور، وحماية علوم الشريعة واللغة العربية، والدفاع عن مكارم الأخلاق، وتقديم العلم الصحيح في نفوس أبنائه، فضلا عن عشرات الآلاف من الطلاب الوافدين من مختلف بلاد العالم الذين ينهلون من علومه في أروقته ومعاهده وكلياته.

ولفت فضيلته إلى أننا في هذه الأيام نشهد في مصر العرس الثقافي السنوي، وهو معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يشارك فيه الأزهر وقطاعاته بمئات الإصدارات العلمية والكتب باللغة العربية واللغات الأجنبية، موضحا أن جناح الأزهر يقدم مجموعة متنوعة من الكتب والمؤلفات والإصدارات لشيوخ الأزهر الشريف وكبار علمائه وأساتذته، تلبي الاحتياجات الفكرية والثقافية والعلمية لمختلف فئات المجتمع، وتناقش قضايا فقهية وفكرية وفلسفية، وتستعرض جهود الأزهر محليا وإقليميا وعالميا، وأوضاع المسلمين حول العالم، لافتا إلى أن الجناح يعرض مجموعة من الإصدارات والمجلات المترجمة إلى ثلاثة عشرة لغة أجنبية؛ تستهدف الأسرة والشباب والأطفال، وتعالج أبرز القضايا المعاصرة التي تشغل الباحثين وطلاب العلم، وتواجه المفاهيم المغلوطة، ومن أبرز هذه الإصدارات على سبيل المثال: "كتاب دفاعا عن القرآن ضد منتقديه ومقومات الإسلام» و«كلمات الإمام في التسامح والسلام للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، و«الإسلام عقيدة وشريعة للإمام الراحل محمود شلتوت، و«نظرية الحرب في الإسلام» للشيخ محمد أبوزهرة، والإسلام» بن الحقيقة والادعاء» للدكتور محمود حمدي زقزوق، ووثائق الأزهر»، والتعريف بالإسلام) للشيخ عطية صقر، وغيرها من كتب في مختلف الفنون العلمية.

وأوضح وكيل الأزهر أن المولى - عز وجل- كرم الإنسان وميزه عن غيره من سائر الكائنات الحية بالعقل، حث في كثير من الآيات القرآنية البشر على التفكير، ودعا إليه في جميع مجالات الحياة؛ ولذا أعلى قدر العقل والعلم والعلماء، مبينا أن الإسلام دين الإبداع، والمبادئ، وقيمه الإسلامية موجهة للتفكير الإبداعي المنضبط، لافتا إلى أن هناك قصرا في فهمه وإدراكه، وروج لشبهة تدور حول رفض الفكر الإسلامي لحرية الفكر أو الإبداع، وهذا يرجع إما للجهل بالإسلام، وعدم فهم حقيقة هذا الدين أو أنه ناتج عن رؤية أحادية غامقة لا ترى الدنيا إلا لونا واحدا، موضحًا أن السبب في نظرة البعض إلى الفنون والآداب هذه النظرة الاتهامية هو الاعتقاد الخطأ بأن الدين مجال والفن والفكر مجال آخر متناقض معه وربما يناهضه، مؤكدا أن الحقيقة التي لا مراء فيها أن الإسلام دين يحمي حرية الإنسان في دينه وفكره وماله، ويحميه في فنه وخياله وإبداعاته، دين قائم على احترام كل ما ينتجه الإنسان من فكر وفن يخدم الدين، وأن لفظ الإبداع ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {بديع السماوات والأرض}، فالله أبدع الكون ومنه الإنسان، وللإنسان بما أبدعه الله فيه أن يبدع ويتفنن ويتجمل فيما حوله ولمن حوله.

وأشار فضيلته إلى كلمة جوستاف لوبون في مقارنة بين الإسلام وغيره فقال: (إن الإسلام هو الذي علم الإنسانية كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين، وقد كان يظن أنهما لا يجتمعان)، موضحا أن حرية الفكر في الإسلام كانت واضحة وضوحا لا حد له في كل الأعمال التي تتناول الأديان الأخرى، وكان مبدأ "الإنصاف" واضحًا في هذا المجال، لافتا إلى أن قضية العلاقة بين العقائد والأديان ومدى تعارضها مع الفنون والآداب والثقافة النافعة للشعوب والمجتمعات في كل الأزمان؛ من أبرز القضايا التي تطرح نفسها في العصر الحديث، خاصة مع التطور الهائل في وسائل الاتصال التي دخلت إلى كل بيت وأصبحت "منبرا" لا يسعى الناس إليه، بل يفرض نفسه عليهم بشكل رهيب.

مؤكدا أن قضية العلاقة بين العقائد والأديان وهل تتعارض مع الفنون والآداب والثقافة النافعة؛ تحتاج إلى عودة ضرورية لصياغتنا الحضارية الإسلامية، وهذه العودة من شأنها أن تعيدنا إلى الأخلاق والأصالة، وأن تعطي القيم الإسلامية آفاقا بعيدة في التأثير على الناس وتوجيههم التوجيه الحميد، لافتا إلى أن وجود هذا المنتدى الثقافي الأدبي في قاعة مؤتمرات الأزهر؛ دليل على إيمان الأزهر ورجاله بدور الإبداع والأدب في إثراء البناء الثقافي للأمة وتعزيز هويتها ورقيها الفكري والحضاري، وفيه أبلغ رد على هذه القطيعة المدعاة بين الإبداع والدين، مؤكدا أن العقائد والأديان لا تتعارض مع الفنون والآداب والثقافة النافعة للشعوب والمجتمعات، التي ترتقي بالمشاعر، وتوجه السلوك.