رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء يبحثون وضع جماعات الإرهاب فى سوريا وتأثيراتها الإقليمية

جانب من الفاعليات
جانب من الفاعليات

عقد مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، جلسة حوار بحضور مجموعة من الخبراء المعنيين بقضايا الإرهاب والجماعات المتطرفة، تحت عنوان "الإرهاب في سوريا وتفاعلاته الداخلية وتأثيراته الإقليمية" بهدف إعادة رسم خريطة للتحركات الإرهابية والمتطرفة الحالية في الداخل السوري وتحديد امتداداتها الإقليمية سواء تأثيرًا وتهديدًا أو دعمًا وتشجيعًا.

وقدم الدكتور مصطفى صلاح الباحث في العلاقات الدولية والأمن الإقليمي تصورًا عامًا عن حالة الجهادية في سوريا، وأبرز العوامل المحيطة بانتشار الجماعات الإرهابية بسوريا ببعضها يتعلق بالجماعات نفسها والبعض الآخر يتعلق بالنظام السوري والبعض يتعلق بقوي خارجية خاصة القوى الإقليمية بشمال سوريا.

وأشار صلاح، إلى ظهر نوع من أنواع الاندماج الجهادي بين بعض الجماعات المتطرفة التي تحولت لاحقًا إلى صراع بينهم. فهيئة تحرير الشام تمكنت من بسط نفوذها في شمال غرب سوريا وأضفت على نفسها الطابع المحلي مما ساعدها على التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية. هذا المنظور الذي بدا أن يظهر بتحويل الجماعات الإرهابية إلى جماعات محلية تستطيع من خلالها التفاوض، وبالتالي نحن أمام نموذج شبيه بطالبان أفغانستان عندما تتحول الجماعات الإرهابية إلى هيئات مسلحة تبسط نفوذها العسكري والسياسي ويتم الاعتراف بها والتفاوض معها. 

 

وحذر من قدرة الجماعات الإرهابية على التحرك وبناء مجتمعات حاضنة لهم في الإقليم في ظل هشاشة النظام السوري الداخلي وهو ما سيطال دول الإقليم وعودتهم إلى بلدانهم الأصلية، خاصة الدول العربية سيمثل تهديدًا لاستقرارها.  

فيما أبرز رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، أن النظام السوري استفاد من المنظمات الجهادية لكنّ هناك أطرافًا إقليمية داعمة للإرهاب في سوريا، حيث إن أول عملية إرهابية في سوريا من تنظيم القاعدة وجبهة النصره، داعش جاءت من العراق من خلال تسهيل الأطراف الإقليمية المتورطة لهم، كما أن هيئة التحرير الشام قتلت اللاجئين السوريين وقامت بخطف الراهبات.

 وأشار إلى أن داعش أرسلت إرهابيين إلى ليبيا وكانت تستهدف مصر لولا وضع خط سرت كخط أحمر من قبل القيادة المصرية وهو ما منع تمددها شرقًا في الاتجاه المصري، وإتهم رامي عبدالرحمن بعض الأطراف الاقليمية داخل سوريا، ونوه على أن خطر الأطراف الإقليمية هو الخطر الأكبر على سوريا والشرق الأوسط ويجب على دول المنطقة وضع ذلك دائمًا في الاعتبار.  

وأشار منير أديب الباحث المتخصص في شئون الحركات الإرهابية والجماعات المتطرفة، إلى أن منظمات الجهاد هي صناعة عدد من الأطراف الدولية واستخدمت ووظفت ذات التنظيمات لتوجيه نفس الضربة للولايات المتحده فهذه التنظيمات لم تنشأ بعيدًا عن القوي الدولية بل بدعمها وتحت أعينها.  

هناك بعض الأطراف الإقليمية المتداخلة في سوريا ما زالت موجودة، وترى أن دعم أمنها القومي في دعم تلك التنظيمات، وهو دعم ليس مصلحيًا ولكن بعض الأنظمة ترى أن أمنه الحقيقي في دعم تلك التنظيمات واستمرارها، يرى منير أيضًا أن التنظيمات الداعشية ابنة البيئة العربية، ووجدت فيها حاضنة لها بسبب انتشار خطاب الكراهية الذي يجب مكافحته على كل المستويات، لأن استمراره يغذي الإيديولوجيا المبررة لوجود هذه الجماعات الإرهابية.

واستنكر أديب أن يتم وضع قوات سوريا الديمقراطية على قوائم الإرهاب عند بعض الدول وهي القوات الوحيدة التي أثبتت جدارتها في محاربة التنظيمات الجهادية وعملت على استقرار المناطق التي حررتها.

وشدد أديب علي أن مصر لديها تجربة ناجحة في مواجهة الإرهاب، لذا لابد من تعميم تلك التجربة، وكذلك التجارب الناجحة في مواجهة الإرهاب لذا على الجميع أن يتعاون ويواجهه، فلكي نقضي على الإرهاب لابد من أن تكون المواجهة دولية وحاسمة.

وعبر تقنية الزووم شارك فرهاد شامي المتحدث الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، وقام بعرض الموقف الحالي في الداخل السوري، حيث انتشار الجماعات الإرهابية في البادية السورية، وأن هناك حملة عسكرية لتطهير منطقة الرقة من الجماعات التي تتخذ من العمليات الفردية تارة والعمليات الجماعية تارة أخرى لإعلان تواجدها بالداخل السوري.

وأكد فرهاد شامي أن استراتيجية القضاء على الجماعات الإرهابية تقتضي وجود نظام سياسي سوري يمثل كل السوريين ومتفق عليه من الجميع، لأن الإرهاب يستفيد من التشرذم السياسي وينفذ إلى العمق السوري ويعيش على اختلالاته السياسية، كما أشار إلى أهمية البعد الاقتصادي والاجتماعي في محاربة التنظيمات المتطرفة فإيجاد بيئة مستقرة ونمو اقتصادي يؤدي إلي رفض الحاضنات الاجتماعية لنمو أو تعايش هذه الجماعات.
وفي كلمته أشار النائب عاطف مغاوري عضو مجلس النواب ونائب رئيس حزب التجمع، أنه منذ 2012 عندما كان عضو في لجنة الشئون البرلمانية بمجلس النواب وكان وقتها تشكيلته سلفية إخوانية حذر من دعم للجماعات الإرهابية الذي ظهر جليًا منذ اليوم الأول للأزمة السورية، كما أنه رفض الموقف المصري وقتها بطرد السفير السوري من القاهرة وسحب السفير المصري من سوريا لأن إنسحاب مصر من الملف السوري سوف يعطي المساحة للقوى الأخرى بالتواجد والتغلغل على حساب أمننا القومي.

ويشير النائب عاطف مغاوري، إلي رصد عدد  169 تنظيمًا إرهابيًا نشطًا في الداخل السوري، وهذا يمثل تهديدًا حقيقيًا ووجوديًا للأمن الإقليمي بمفهومه الضيق والواسع، ولابد من دعم كل الجهود التي تحافظ علي وحدة سوريا، وعلي تخليصها من الإرهاب وتجفيف منابعه، خاصة من جانبه التركي، ونوه إلي أنه ضد أي عمل عسكري من جانب تركيا يستهدف الشمال السوري فهذا اعتداء مرفوض، ويعطي فرصة لإعادة الحياة لبعض التنظيمات الإرهابية التي تتعايش علي هذه التدخلات العسكرية التركية.  
وأكدت ليلي موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية بالقاهرة، أن هناك خطرًا يهدد أمن المنطقة عمومًا والعالم أجمع بوجود الجماعات الإرهابية. فنحن في سوريا لا يوجد بيت واحد لم يقدم شهيدًا في حربنا ضد الإرهاب والتطرف. وحذرت من أن الإرهاب لم ينته وداعش، لم ينته، لأنه مشروع فكري إيديولوجي لذا نحن بحاجة إلي مشروع فكري حقيقي يتصدي للإيديولوجيا المؤسسة للتنظيمات الجهادية.  

ونوهت ليلي أن تركيا دائمًا تهدد باجتياح سوريا اجتياحًا بريًا وعسكريًا وهو ما يزعزع الشمال السوري، ويعزز من تواجد الجماعات الإرهابية التي تجد في الدعم التركي طوق نجاة لها، واستمرارًا لوجودها.  

وفي نهاية اللقاء أشار الدكتور هاني إبراهيم رئيس مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، أن الجلسة تناقش الإرهاب في سوريا ولا تناقش الوضع السياسي السوري، حيث إنه شديد التشابك ويحتاج إلى سلسلة من الجلسات التي تتم فيها دعوة كل الأطراف الممثلة للداخل السوري. لكنه أشار إلي ثلاث نقاط رئيسية: (1) الدولة المصرية نادت في كل المحافل بضرورة تجفيف منابع تمويل الإرهاب وعلي الدول الراعية للجماعات المتطرفة أن تتوقف عن تمويلها لهذه الجماعات إذا كنا نريد للإرهاب أن يختفي، (2) الإرهاب في سوريا يتواجد بسبب هشاشة النظام السياسي الداخلي وعدم تمثيله التمثيل العادل لمختلف مكونات الشعب السوري، (3) الأهم هو المحافظة علي وحدة سوريا مع الإنصات لمطالب الداخل السوري وطرح مشروع الإدارات الذاتية للأقاليم السورية داخل الدولة السورية وهو ما يمكن أن نسميه لا مركزية الحكم في سوريا وهو حل ديمقراطي أخذت به العديد من الدول لتنمية أقاليمها الداخلية والحفاظ علي وحدتها العامة، وقد يكون هذا هو طريق القضاء علي التنظيمات الإرهابية.