رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة الرئيس السيسي إلى يريفان.. مسئولون وخبراء أرمن: تعاون مرتقب فى 3 ملفات

الرئيس السيسي
الرئيس السيسي

- مسئولون وخبراء أرمن: تعاون مرتقب فى ملفات الطاقة المتجددة والدفاع ومكافحة الإرهاب

وصل الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، إلى مدينة يريفان، عاصمة أرمينيا، وذلك فى زيارة هى الأولى من نوعها لرئيس مصرى، منذ استقلال أرمينيا، وذلك فى أعقاب زيارته إلى الهند وأذربيجان.

والتقى الرئيس السيسى، اليوم، مع رئيس أرمينيا فاهاجن خاتشاتوريان، ورئيس الوزراء نيكول باشينيان، حيث من المنتظر أن يتم تبادل الرؤى بشأن سبل تعظيم العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين على شتى الأصعدة فى جميع القطاعات، خاصةً التجارية والاستثمارية، فضلًا عن التباحث بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن زيارة الرئيس السيسى لأرمينيا الصديقة تأتى فى ظل العلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين والشعبين الصديقين، التى لا تقتصر فقط على الشق الرسمى، وكون مصر أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع أرمينيا عقب استقلالها، وإنما تتعدى ذلك لتشمل العلاقات الشعبية الوطيدة واستضافة مصر جالية أرمينية كبيرة، ساهمت من جانبها بدور هام فى تاريخ مصر على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية.

وأشاد عدد من المسئولين الأرمن بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى دولة أرمينيا، مؤكدين أنها زيارة تاريخية وتبشر بزيادة التعاون الاقتصادى بين الدولتين.

وقال الدكتور أرمين مظلوميان، رئيس الهيئة الوطنية الأرمينية فى القاهرة، إن بلاده تهتم جدًا بزيارة الرئيس السيسى، لأنها تمثل أول زيارة لرئيس مصرى إلى أرمينيا، مشيرًا إلى أن تلك الزيارة تأتى فى وقت مهم جدًا، فى ظل وجود تحديات كبيرة تواجه المجتمع الدولى نتيجة تداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية على الاقتصاد العالمى، فضلًا عن التغييرات الجيوسياسية فى النظام الدولى.

وأضاف «مظلوميان»، لـ«الدستور»: «هناك أيضًا تغيرات فى الاتجاهات والاستراتيجيات الكبرى فى منطقة القوقاز واللاعبين الرئيسيين فيها، وهناك ازدياد فى حدة المنافسة بين الدول التى تسعى إلى توجيه دفّة الصراعات من أجل تعزيز نفوذها الإقليمى أو العالمى، وإشعال صراعات جديدة ومريرة قد تؤدى إلى تداعيات سلبية، وتُحدث المزيد من المعاناة الإنسانية لشعوب المنطقة بأسرها».

ولفت إلى أن الزيارة ستثمر توطيد العلاقات بين البلدين، فهى تحمل مؤشرات بشأن المستقبل دون شك، موضحًا: «أتوقع عقد جلسة مباحثات موسعة بين وفدى البلدين لبحث مختلف الملفات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية التى تهم مصر وأرمينيا، انطلاقًا من موقف مصر المحايد تجاه نزاع ناجورنو كراباخ، ومكانة مصر كقوة فاعلة بالمنطقة».

وقال: «أتمنى أن يتوسط الرئيس السيسى لدى أذربيجان، من أجل احترام روح ومضمون بنود الاتفاقية الثلاثية، الموقعة فى ٩ نوفمبر الماضى، لإعادة أسرى الأرمن لديهم». 

وأشار إلى أن العلاقات التى تجمع بين مصر وأرمينيا عميقة وتاريخية وتتسم بالخصوصية، وبدأت قبل آلاف السنين، بحسب المؤرخين، ومن خلال اكتشافات تل العمارنة، ظهر الأرمن فى مصر فى عهد الأسرة الفرعونية الثالثة القديمة. 

وأوضح: «بعد هذه الزيارة التاريخية، أرى ضرورة توجيه جهودنا للعمل على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستويات جديدة، وذلك من خلال تعزيز فرص التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين فى مختلف المجالات، منها التعليم والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والأدوية والثقافة والسياحة والزراعة والأمن». وتابع: «أرمينيا ومصر تتعاونان منذ سنوات عديدة فى المنظمات والمحافل الدولية، بالتصويت ودعم بعضهما البعض، كما تدعم أرمينيا توقيع اتفاق للتجارة الحرة بين مصر والاتحاد الأوراسى».

من جهته، قال الدكتور بنيامين بوغوسيان، رئيس مركز الدراسات السياسية والاقتصادية الاستراتيجية فى أرمينيا، إن بلاده- منذ استقلالها فى عام ١٩٩١- طورت علاقات ودية مع العالم العربى، بما فى ذلك مع مصر، لافتًا إلى أن وجود الأرمن فى الدول العربية يلعب دورًا مهمًا فى تعزيز هذه العلاقات.

وأكد «بوغوسيان»، لـ«الدستور»، أن مصر بذلت جهودًا كبيرة لمصلحة أرمينيا، وليس من قبيل المصادفة أن تكون أكبر منظمة خيرية أرمينية «الاتحاد العام الخيرى الأرمينى» تأسست فى القاهرة عام ١٩٠٦.

وذكر أن «زيارة رئيس مصر ذات أهمية قصوى لأرمينيا، لأنها ستسمح للبلدين بتعزيز علاقاتهما، وستضيف ديناميكية للجهود الأرمينية لزيادة علاقاتها مع العالم العربى، كما أن العلاقات مع الدول العربية تمثل أولوية قصوى لبلادنا».

ولفت إلى أن أرمينيا ومصر تتمتعان بإمكانات هائلة تسمح بتحقيق التعاون الاقتصادى، مشيرًا إلى أن مستقبل العلاقات بين البلدين سيشمل تعميق العلاقات الاقتصادية، وهو أمر مدرج على جدول الأعمال خلال الزيارة.

فى السياق ذاته، قال أرتور خاتشاتريان، عضو برلمان أرمينيا، إن العلاقات بين مصر وأرمينيا عميقة، وتشمل تعاونًا اقتصاديًا، فهناك أكثر من ٥٠ وثيقة تحكم العلاقات الاقتصادية بشكل رئيسى.

وأوضح عضو برلمان أرمينيا، لـ«الدستور»، أنه «مع كل هذا التطور فى العلاقات فإن هناك مجالًا واسعًا للتعاون بين الدولتين، فيمكن أن تكون أرمينيا مكانًا للصادرات الصناعية والزراعية المصرية.. وعلى سبيل المثال يمكن للمنتجات الزراعية والمنسوجات المصرية الدخول إلى السوق الأرمينية، وهى منتجات ذات جودة عالية». وتابع: «يمكن لأرمينيا أيضًا تصدير المواد الغذائية المصنعة والآلات وغيرها من السلع إلى مصر، كما أن السياحة تمثل قطاعًا مهمًا يمكن أن يستفيد منه الجانبان».

وأكد أن التعاون السياسى له أهمية قصوى، وأرمينيا هى أول دولة فى جنوب القوقاز استضافت سفارة مصرية، وبالنظر إلى التهديدات العالمية، فأرى أن التحالف طبيعى بين البلدين.

وحول دلالات زيارة الرئيس السيسى إلى أرمينيا، قال: «هذه أول زيارة على أعلى مستوى منذ استعادة أرمينيا استقلالها عام ١٩٩١، وفى العام الماضى زار الرئيس الأرمينى، فاهاجن خاتشاتوريان مصر، ومن مصلحة أرمينيا أن ترى قوة وتأثير مصر فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبالمثل، فإن وجود أرمينيا الأقوى فى منطقة القوقاز يصب فى مصلحة مصر أيضًا».

بدوره، قال كارينا سركيسيان، رئيس الهيئة التأسيسية للمجلس الوطنى لأرمينيا الغربية، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لأرمينيا هى زيارة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. 

وأوضح «سركيسيان» أن الشعبين المصرى والأرمينى لهما تاريخ تمتد جذوره لآلاف السنين، وهما شعبان أصيلان، مؤكدًا أن الوقت قد حان لتغيير المعادلات فى المنطقة. 

وشدد على أن هذه الزيارة خطوة حكيمة من قبل القيادة المصرية، موضحًا أنه يجب على أرمينيا الحفاظ على نجاح أهداف تلك الزيارة.

وأعرب عن ترحيب «المجلس الوطنى الأعلى لأرمينيا العربية» بهذه الزيارة التاريخية، والتى تعتبر انطلاقة جادة وضرورية لرسم حدود جديدة للدور المصرى الإقليمى فى هذه المرحلة الحساسة لجهة تبلور نظام عالمى جديد.

وتابع: «نحن نثمن التنسيق بين الشعبين الأرمنى والمصرى على كل المستويات، ودون استبعاد المكون الأرمينى الغربى المهجر، وإتمام الزيارة سيعطى مصر هامشًا أوسع فى ممارسة سياستها الإقليمية التى تعول عليها وتتمنى لها الاستمرار والنجاح».

وفى السياق ذاته، قال جوزيبى دينتيس، رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى المركز الإيطالى للدراسات الدولية «Centro Studi Internazionali»، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أرمينيا وأذربيجان جاءت فى إطار جولة إقليمية كبيرة، بدأها الزعيم المصرى بزيارة الهند فى الأسبوع الماضى. وأضاف «دينتيس»، لـ«الدستور»: «زيارة الرئيس السيسى إلى أرمينيا يمكن تفسيرها من خلال العلاقات التاريخية والثقافية والروابط السياسية والعسكرية القوية بين البلدين. أما زيارته إلى أذربيجان فتعد خطوة جديدة تمامًا، وتهدف إلى تعزيز الموقف والدور المصرى الجديد فى منطقة الشرق الأوسط».

وواصل: «بشكل عام الزيارة مهمة للغاية، لأنها المرة الأولى التى يذهب فيها الرئيس السيسى إلى تلك المنطقة، وليس من المعتاد أن نرى زعيمًا عربيًا يزور بلدًا هامشيًا جدًا فى السياسة الخارجية المصرية، وقد يعنى هذا أشياء مختلفة».

وتوقع الباحث فى الشأن الأرمينى أن تنشأ عن هذه الزيارة مصالح مصرية خارج الدائرة الحالية والمعتادة حول الشرق الأوسط وإفريقيا، مضيفًا: «القيادة المصرية وبشكل متسق مع سياساتها فى الاتجاه نحو الشرق، تحاول تقييم قنوات جديدة ودعم مصالحها بقوة، وهو ما يتضح فى زيارة الرئيس السيسى إلى الهند قبل زيارته أذربيجان وأرمينيا».

وشدد على أن «زيارة الرئيس السيسى إلى أرمينيا وأذربيجان يمكن أن تكون فرصة مناسبة لبناء روابط وتوازنات جديدة فى المصالح الدولية، وهذا يعنى أن جميع الأطراف قد تكون مهتمة بتطوير سياسة خارجية متعددة الأوجه مع الشرق الأوسط الكبير بأكمله».

وقال رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى المركز الإيطالى للدراسات الدولية: «فى هذه اللحظة التاريخية الدقيقة، لدى مصر اهتمام كبير ببناء علاقات جديدة مع لاعبين دوليين مميزين آخرين، وبشكل عام يمكن جذب مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية القوية مع كلا البلدين».

وأوضح أنه «على سبيل المثال، تعد أذربيجان لاعبًا مهمًا فى مجال الطاقة، كذلك قد تكون أرمينيا مهتمة جدًا بتوطيد العلاقات مع مصر، خاصة فى قطاع الدفاع».

وتعليقًا على إمكانية لعب مصر دور الوساطة بين أرمينيا وأذربيجان، قال الخبير فى الشأن الأرمينى: «هذا التوجه يمثل أفقًا جديدًا، لكن ليس من السهل سد الفجوة التى يمكن لروسيا أن تتركها، فى ظل وجود دوافع مختلفة يمكن أن تمارسها موسكو ضد كلا البلدين».

وأضاف: «على أى حال، إذا كان لدى القاهرة طموح لدعم موسكو فى الوساطة بين البلدين، فمن المهم جدًا النظر فى إيجابيات وسلبيات ذلك الالتزام الدبلوماسى، لأنه فى سياق معقد للغاية، مثل قضية ناجورنو كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان، وفى هذه اللحظة قد يكون من المثير للاهتمام لمصر أن ترفع مكانتها بين البلدين عبر هذا الدور».

وتطرق إلى إمكانات التعاون بين الدول الثلاث، قائلًا إن «التكيف مع تغيرات المناخ يعد تحديًا تاريخيًا ليس فقط لمصر أو دول منطقة القوقاز، لكنه التزام عالمى، ولكل بلد طريقته الخاصة فى التنفيذ، وهذا يعنى أن مصر يمكن أن تساعد أرمينيا وأذربيجان».

وبيّن أنه «على سبيل المثال، يمكن تحقيق ذلك فى البحث عن فرص جديدة لتطوير أجندة خضراء، ودعم تنويع مصادر الطاقة خاصة مشاريع الهيدروجين الأخضر، وهى مسألة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمسائل الطاقة»، مضيفًا: «بهذه الطريقة قد يكون مثيرًا للاهتمام أن تكون مصر نموذجًا للدول الأخرى فى تطوير مشروعات طاقة خضراء متجددة مثل محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية».

كما نوه إلى إمكانية التعاون فى مكافحة الإرهاب، باعتباره موضوعًا حاسمًا يوحد جميع بلدان المنطقة، متابعًا: «مكافحة الإرهاب، مثلها مثل تغير المناخ، تمثل تحدى القرن، ومن الضرورى لجميع الأطراف الإقليمية أن تتعاون فى مجابهته».

وأكمل: «تتمتع مصر بتقاليد وخبرة طويلة فى مكافحة الجماعات الإرهابية من مختلف الأصول، وهذا سيكون ذا فائدة كبيرة للبلدان الأقل اعتيادًا على التعامل مع مثل هذه القضايا الصعبة».