رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة جفاف.. مخاطر تغيرات المناخ تهدد المحاصيل الزراعية

جفاف
جفاف

مفاجأة صادمة أعلن عنها الاتحاد المصري للتأمين مؤخرًا، حين كشف عن حدوث خسائر كبيرة للتأمين على المحاصيل الزراعية؛ إثر التغيرات المناخية التي طرأت على العالم في الآونة الأخيرة، وكانت أزمة الجفاف هي الأبرز في إعاقة التنمية المستدامة.

وناشد الاتحاد في بيان رسمي، بضرورة تدخل الجهات المعنية في مواجهة الأزمة، بعد أن تسببت التغيرات المناخية في ارتفاع معدل مطالبات وتعويضات التأمين، مؤكدًا أن درجات الحرارة المرتفعة تعمل على تعزيز عملية التبخر، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض نسبة المياه على سطح الأرض ويعمل على زيادة نسبة جفاف التربة، وكُل ذلك يؤثر بشكل كبير على الزراعة، الطاقة، الصحة، البيئة، وموارد المياه.

كانت بلغت تكلفة الخسائر الاقتصادية المرتبطة بالجفاف حوالي 124 مليار دولار، وفقًا لآخر إحصائية صادرة عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، في الفترة بين 1998 و2017، وتبين أن حالات الجفاف ارتفعت بنسبة 29% منذ عام 2000، ويتضرر منها نحو 55 مليون شخص سنويًا، بالإضافة إلى أن الجفاف تسبب في وفاة  11.7 مليون شخص، حتى عام 2019.

خسائر فادحة

يوضح المهندس أشرف مختار، الخبير الزراعي، أن الجفاف يقلل من توافر المياه ونوعية المياه اللازمة للمزارع الإنتاجية؛ ما يؤدي إلى آثار اقتصادية سلبية كبيرة مباشرة وغير مباشرة على القطاع الزراعي، كما يسهم أيضًا في تفشي الحشرات، وزيادة حرائق الغابات وتغيير معدلات الكربون والمغذيات ودورة المياه، فضلًا عن تأثيره على وظائف النظم الإيكولوجية الحيوية التي تدعم النظم الزراعية.

ويستكمل «مختار» حديثه لـ «الدستور»، مشيرًا إلى أن الآثار الاقتصادية الناتجة عن الجفاف في الزراعة معقدة للغاية، كونها تبدأ من المحاصيل الزراعية وتصل إلى ارتفاع الأسعار على المستهلك، ويمكن أن تشمل الآثار غير المباشرة للجفاف في هذا القطاع انخفاض الإمدادات إلى الصناعات التحويلية، مثل مصانع الأغذية، وانخفاض الطلب على المدخلات مثل الأسمدة والعمالة الزراعية.

أما عن المحاصيل الأكثر تضررًا من أزمة الجفاف، يقول الخبير الزراعي، إن الفاكهة والخضروات والأعشاب الطبية أكثر عرضة للجفاف من المحاصيل الحقلية ولها قيمة أعلى لكل وحدة من الأرض، لذلك قد يمثلون خطرًا أكبر للتعرض لخسارة اقتصادية في الجفاف، إذا تجاوز الطلب على إمدادات المياه للمحاصيل.

ويختتم: «يؤدي استنفاد توافر المياه في التربة إلى انخفاض كبير في إنتاجية المحاصيل والماشية، بالإضافة إلى ذلك، قد تنخفض إمدادات المياه السطحية والجوفية أثناء الجفاف، مما يؤثر على توافر المياه ويزيد من تكاليف الوصول إلى المياه لري المحاصيل أو الأعلاف، لذا يحاول الجميع تعويض هذه الخسائر بتعويضات التأمين في ظل ظروف المناخ السيئة التي يعيشها العالم».

تهديد مباشر

من جانبه، يقول نيكولاس فيليب، الباحث البيئي بمبادرة المناخ والتنمية الإفريقية، إن الجفاف يحتل المرتبة الثالثة بين الظواهر البيئية المرتبطة بالكوارث المناخية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات منذ عام 1980، بعد الأعاصير المدارية والعواصف الشديدة، كما يبلغ متوسط تكلفة أحداث الجفاف أكثر من 9 مليارات دولار سنويًا، بتكلفة سنوية تزيد عن 6 مليارات دولار، مما يجعله خطرًا كبيرًا له عواقب اجتماعية واقتصادية كبيرة.

ويتابع: «قد يؤدي الجفاف المصحوب بارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة انتشار الآفات والأمراض التي تؤثر على المحاصيل والأعلاف والماشية وحدوثها، وللجفاف المستمر أيضًا آثار سلبية كبيرة على المحاصيل والثروة الحيوانية، بما في ذلك انخفاض الإنتاج، وتدمير الممتلكات، وبيع الماشية».

ويؤكد الباحث البيئى بمبادرة المناخ والتنمية الإفريقية، في حديثه لـ «الدستور»، أن ندرة المياه تؤثر على مليارات الأشخاص، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، ولكن أيضًا بشكل متزايد في أوروبا وأمريكا الشمالية، ومؤخرًا كان الجفاف من بين التحديات الرئيسية التي نواجهها في جميع أنحاء العالم والتي تتفاقم بشكل كبير، وتهدد الزراعة والإمدادات الغذائية.

ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة حول تنمية المياه في العالم لعام 2019، من المتوقع أن يؤدي الاحترار العالمي إلى زيادة عدد المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي وتفاقم النقص في المناطق التي تم تحديدها بالفعل على أنها تعاني من الإجهاد المائي. 

ويظهر أحدث تقرير للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي صُدر في فبراير 2022، أن التوقعات كانت صحيحة بالفعل، من حيث تهديد زيادة تبخر المياه، وتجفيف السطح، ونضوب المياه الجوفية، التي أثرت على سبل عيش المزارعين في العديد من المناطق حول العالم، بينما يرى آخرون أن محاصيلهم تتعرض للخطر بسبب الفيضانات والأعاصير.