رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ربيع الغفير: قضية الرزق من فقه الدين وروح العقيدة الإسلامية

د. ربيع الغفير
د. ربيع الغفير

ألقى الدكتور ربيع الغفير، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، خطبة الجمعة من فوق منبر الجامع الأزهر اليوم، ودار موضوعها حول "قضية الرزق".

وأكد خطيب الجامع الأزهر، أن حياة الإنسان وأحواله على هذه الأرض تتقلب بين النفع والضرر، والصحة والمرض، والغنى والفقر، مضيفا أن ذلك يختلف عن أحوال الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولذا فيجب على الإنسان أن يعُد العدة للآخرة التي لاهم فيها ولا كدر وأيا من هموم الحياة.

ولفت الغفير إلى أن قلب المؤمن الموصول بالله -سبحانه وتعالى- لا يتعلق بمعطيات الحياة، فيأمن إذا فزع الناس، لأنه يعلم أن مقاليد الأمور بيد الله - سبحانه وتعالى - فهو المانع والمانح، ما شاء كان ومالم يشأ لم يكن "وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ".

ونوه خطيب الجمعة بالجامع الأزهر، إلى أن كل مايواجه البشر في هذه الدنيا تتلخص في انقطاعهم عن الله سبحانه وتعالى، الذي بيده الخزائن كلها، وتعلقهم بالدنيا واتباع الشيطان الرجيم، الذي يَعد الإنسان الفقر قال الله - سبحانه وتعالى- "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".

وشدد على أن الرزق كله بيد الله، فالإنسان لاينبغي أن يشغل باله إلا بالعبادة قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، "وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"، ففِقه وفهم قضية الرزق هي من فقه الدين وروح العقيدة الإسلامية  فجوهرها الثقة بالله والتوكل عليه واللجوء إليه.

واستشهد الغفير بحديث أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: "إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ"، فكما لايستطيع الشخص أن يفر من أجله، أيضا لن يفر من أجله، فلن يستوفي الإنسان  أجله حتى يستوفي رزقه، قال الصادق المصدوق ﷺ "إنّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي ، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ ، وأجمِلُوا في الطَّلَب، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ".

وأشار إلى أنه يجب على الإنسان أن يطرق الأبواب ويأخذ بالأسباب، وليكن قلبه معلقا بمُسبب الأسباب، فالذي يرزق في الرخص هو الذي يرزق في الغلاء، فلن تُرفع البلاءات إلا أذا عدنا إلى الله وأصلحنا قلوبنا وذات بيننا وتراحمنا فيما بيننا ورددنا الحقوق لأصحابها.

وتابع الغفير قائلا، إن الرزق قضية هامة تُبنى على الثقة بالله وبما عنده، يروى أن سيدنا موسى- عليه السلام- كان أمامه صخرة، فأمره الله - سبحانه وتعالى - أن يضربها بعصاه، فضربها فانفلقت عن صخرة أخرى أقل حجما، ثم أمره الله  -سبحانه وتعالى أن يضربها مرة أخرى فانفلقت عن ثالثة أصغر ليجد دودة صغيرة بيدها عود أخضر تعض عليه وهي تقول بلسان فصيح "سبحان من يراني ويرزقني ولا ينساني".