رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مهمة جديدة لمسبار «جوس» لاكتشاف المشتري وأقماره الجليدية

المشتري
المشتري

استكمل المسبار الأوروبي "جوس" (JUICE) استعداداته للانطلاق في رحلة تستمر ثماني سنوات إلى كوكب المشتري وأقماره الجليدية، تهدف إلى استكشاف إمكان وجود أشكال من الحياة في محيطاتها الموجودة تحت كتلة من الجليد.

يعيش القمر الاصطناعي "جوس" (والاسم مؤلف من الأحرف الأولى بالإنجليزية لعبارة مهمة "مستكشف أقمار المشتري الجليدية") لحظاته الأخيرة على كوكب الأرض في القاعة البيضاء لشركة "إيرباص" المصنعة له في تولوز، حيث بدا التأثر على وجوه المهندسين والفنيين والعلماء الذين عملوا لسنوات في هذه المشروع المهم لوكالة الفضاء الأوروبية.

ويشرح هؤلاء لوسائل الإعلام أن المركبة التي تزن 6,2 أطنان مزوّدة عشر أدوات علمية، وهوائياً يبلغ قطره 2,50 متراً، وألواحاً شمسية ضخمة ينبغي اختبارها مرة أخيرة.

ويتوقع أن توضع المركبة الفضائية في الأيام القليلة المقبلة مطوية الأجنحة داخل حاوية تُنقل فيها إلى كورو في غويانا الفرنسية، حيث من المقرر إطلاقها في أبريل المقبل بواسطة صاروخ "أريان 5".

ووضعت على ظهر المركبة لوحة تذكارية تحيةً لغاليليو، أول من اكتشف كوكب المشتري وأكبر أقماره عام 1610.

ويوضح مدير مشروع "جوس" في "إيرباص للدفاع والفضاء" (Airbus Defence and Space) سيريل كافيل وهو يحمل نسخة من "الرسالة الفلكية" (Sidereus nuncius) لغاليليو، أول مرجع في تاريخ العالم عن علم الفلك والعالم، أن القمر البركاني آيو والأقمار الجليدية الثلاثة غانيميد ويوروبا وكاليستو هي "أول أقمار اكتُشِفت غير قمرنا".

بعد 400 عام، يستعد الإنسان لاستكشاف معمّق للأقمار الطبيعية للكوكب الغازي العملاق، من خلال وضع مسبار للمرة الأولى في مدار أحدها. وسيكون "جوس" كذلك أول مهمة أوروبية تدخل النظام الشمسي الخارجي الذي يبدأ بعد المريخ.

لكنّ المهمة تستلزم الصبر إذ أن الرحلة طويلة، ومن المتوقع أن تصل المركبة إلى هدفها سنة 2031. كذلك ستكون الرحلة متعرجة، إذ لا يمكن سلوك مسار مباشر لبلوغ كوكب المشتري الذي يقع على بعد 740 مليون كيلومتر من الشمس.

وسيحتاج "جوس" بعد إطلاقه إلى الجاذبية الأرضية، ثم إلى جاذبية كوكب الزهرة، ويقول المدير العلمي للبعثة في وكالة الفضاء الأوروبية نيكولا ألتوبيلي الأرض والزهرة سيكونان "أشبه بالمنجنيق الذي يعطي (المسبار) الزخم اللازم للوصول إلى المشتري".

كذلك يُفترض بالألواح الشمسية التي تبلغ مساحتها 85 متراً مربعاً تخزين أقصى قدر من الطاقة قبل أن تواجه درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق (نحو -220 درجة).

ولدى وصول المركبة إلى وجهتها، بعد أن تكون اجتازت مسافة ملياري كيلومتر، وتتموضع في مدار كوكب المشتري بعد عملية كبح تنفذها باستقلالية تامة، ويقول سيريل كافيل "إذا فشلت هذه العملية، تفشل المهمة".

سيجري المسبار مسحاً لنظام المشتري، أي للكوكب وتوابعه، فيطير فوق أقماره، ثم يدور حول غانيميد، وهو أكبرها، وستحاول الكاميرات وأجهزة الاستشعار ومقاييس الطيف والرادارات التي يحملها "جوس" جمع المعطيات التي تتيح معرفة إمكان وجود ظروف مواتية للحياة.

وهذه الظروف يمكن أن تكون متوافرة ليس على السطح المتجمد، بل على عمق 10 أو 15 كيلومتراً تحته، حيث تتحرك المحيطات السائلة، وهي بيئة يحتمل أن تكون مواتية لأشكال الحياة البدائية في الموائل العميقة، مثل البكتيريا، على ما يشرح ويوضح المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية يوزف أشباخر الذي يقول: "لن نكتشف أسماكاً كبيرة".

ويتطلب وجود هذه الأشكال من الحياة توافر عدد من الشروط، من بينها الماء السائل ومصدر للطاقة التي قد تكون في هذه الحالة "تأثيرات المد والجزر" التي تمارسها جاذبية المشتري على أقماره.

وبفضل الإشارات المغناطيسية لغانيميد، سيكون في إمكان "جوس" أن يكتشف ما إذا كان الماء متصلاً بنواة صخرية، وهو ما قد يسمح لعناصر كيميائية ضرورية للحياة ، مثل العناصر الغذائية، بأن "تذوب في الماء"، على ما يرى نيكولا ألتوبيلي.

وسيكمل المسبار الأميركي "يوروبا كليبر" البحث من خلال استكشاف القمر يوروبا.

وفي حال ثبت أن ظروف وجود أشكال من الحياة متوافرة على القمرين، ستتمثل "الخطوة المنطقية التالية" بإرسال مركبة هبوط إليهما، وهو "أحد أحلام العلماء"، على ما يقول سيريل كافيل الذي يشعر بالتأثر لكون المسبار "سينهي حياته على سطح غانيميد".