رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تؤثر أسلحة الغرب على مسار الحرب الروسية الأوكرانية؟

الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

دخلت الحرب الروسية الأوكرانية فصلا جديدا بعد نحو 11 شهرا من اندلاعها مطلع 2022، حيث استجابت دول عدة، من بينها الولايات المتحدة، إلى دعوة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لتزويد كييف بمزيد من الأسلحة.


وتحدثت الولايات المتحدة عن إرسال حزمة بقيمة 2.5 مليار دولار، تضم عربات مدرعة وأنظمة دفاع جوي.

كما تعهدت عدة دول أوروبية بإرسال حزم خاصة بها، من بينها المملكة المتحدة التي تعهدت بتزويد أوكرانيا بمئات الصواريخ.
وتأتي هذه التعهدات بالتزامن مع انعقاد اجتماع أزمة في ألمانيا اليوم الجمعة، حيث من المقرر تنسيق 50 دولة إمدادات الأسلحة.

 في وقت أكد الكرملين، أن تسليم دبابات غربية لأوكرانيا لن يغير شيئا في الوضع على الأرض.


وقال المحلل السياسي الروسي ديمتري بريجيت، إن السلاح الغربي قد يزيد التصعيد في الأشهر المقبلة، وبخصوص ذلك هناك أخبار تناقلتها وسائل إعلام روسية عن وضع أنظمة للدفاع الجوي في مدينة موسكو، وهذا يعني أن المعركة قد تحدث في قلب العاصمة الروسية، كما أن هناك محاولات من بعض الجنود في الجيش الروسي للانقلاب، وآخر تلك المشاهد إطلاق نار من قبل أحد الجنود الروس في ثكنة عسكرية في مدينة بلجراد قرب الحدود الروسية الأوكرانية.


وأضاف بريجيه في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن المعركة قد تتحول إلى الأراضي الروسية إذا لم يستطع الجيش الروسي التقدم هذه الشهور وحسم المعركة التي تحولت إلى معركة واسعة النطاق باستعمال مرتزقة من دول مختلفة.


وأكد المحلل السياسي الروسي، أن المعركة  كبيرة وصعبة على الطرفين، حيث كل طرف يحاول حسم المعركة بقصف البنى التحتية. مستبعدا اللجوء الروسي لاستخدام السلاح النووي في الوقت الحالي، لأنه قد يؤدي إلى دمار روسيا أكثر من دمار أوكرانيا.


وحول تفضيل دول الغرب تزويد أوكرانيا بالسلاح بدلا من بحث التفاوض لإنهاء الحرب، يرى بريجيه أنه سلوك طبيعي في ظل غياب الحل الدبلوماسي، أو انتصار بوتين أو الدول الغربية في نفس الوقت.

حرب بالوكالة

من ناحيته، قال الدكتور أشرف كمال، مدير المركز المصري الروسي للدراسات، إن عملية تسليح وتدريب عناصر الجيش الأوكراني بدأت عام 2014 بدعم بريطاني وأمريكي، والإعداد لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية في منطقة "أوتشاكوف" القريبة من شبه “جزيرة القرم"، ثم اتسعت مساحة المشاركة من الدول الأوروبية حتى وصلنا إلى المشهد الراهن، الذي يستهدف إطالة أمد المواجهة العسكرية مع روسيا.  


وأضاف كمال في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أنه لطالما حذرت القيادة الروسية من ممارسات الغرب الجماعي في كييف والمناطق المتاخمة للحدود الروسية. وكشفت تصريحات المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل والرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشنكو، عن أن الهدف من اتفاق مينسك، عام 2014 كان كسب الوقت من أجل تسليح أوكرانيا، وهي التصريحات تعكس التحذيرات الروسية من مخطط من استخدام أوكرانيا في مواجهة مسلحة طويلة الأمد.


وأشار إلى أن حجم المساعدات العسكرية الأمريكية إلى حكومة كييف، تجاوز 33 مليار دولار، فضلا عن قيام وزارة الدفاع الأمريكية، مؤخرا بتوقيع عقد قيمته 1.2 مليار دولار لإنتاج أنظمة دفاع جوي متطورة لصالح كييف، وعقد آخر بقيمة 431 مليون دولار لتصنيع منظومة إطلاق صواريخ، كما يتضمن مشروع ميزانية الدفاع الأمريكية للعام 2023 ما قيمته 800 مليون دولار مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا. بينما يؤكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن حلف شمال الأطلسي والحلفاء قدموا مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا بقيمة 40 مليار دولار وستواصل تقديم مساعدات أخرى.


وتابع كمال بقوله: المشهد في روسيا يتفاعل بشكل نوعي مع التصعيد العسكري الغربي للأزمة، حيث أرسلت موسكو عددا من الرسائل، لعل أهمها تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤخرا، بأن الانتصار لا مفر منه، والرسالة الأخرى كانت في جولة الفرقاطة "الأدميرال جورشكوف" حول المناطق الاستراتيجية بالنسبة لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.


واستطرد: كذلك رفعت موسكو مستوى قيادة العمليات العسكرية في مواجهة عناصر الجيش الأوكراني، حيث يتولى رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، الجنرال فاليري جيراسيموف قائدا للقوات المشتركة في العمليات، ما يعني احتمالات توسيع نطاق العمليات الخاصة في ضوء إمداد الغرب أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة، وأنظمة الدفاع الجوي.


ومضى كمال قائلا: في الواقع، لا تحتاج موسكو إلى استخدام أسلحة غير تقليدية في المنطقة، فهي تدير الأزمة بثقة وإرادة قوية تستهدف القضاء على مصادر التهديد ومخاطر عدم الاستقرار، ثم فرض أسس عادلة لنظام عالمي جديد بعيدا عن النفوذ الأمريكي. والوضع الراهن، يسير في اتجاه يعكس قوة الموقف الروسي، ودقة البيانات والمعلومات التي اعتمدت عليها موسكو في مواجهة المواقف الغربية تجاه الأزمة، والاستعداد لكافة سيناريوهات تطورات العمليات العسكرية الخاصة. 


ونوه بأن موسكو لا تحتاج إلى استخدام سلاح غير تقليدي في الجوار القريب، أو استهداف مناطق أخرى. وبحسب العقيدة العسكرية الروسية، فإن الأسلحة المتطورة والدقيقة بما فيها الأسلحة النووية هي للردع والدفاع، وليست للعدوان. وتضمن مشروع الضمانات الأمنية المقترح على الإدارة الأمريكية وعلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) تأكيد موسكو على أهمية السعي إلى تجنب أي مواجهة عسكرية ونزاع مسلح بين الطرفين، وإدراك أن الصدام العسكري المباشر بينهما يمكن أن يؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية.


وأوضح كمال، أن الكثير من فرص السلام في أوكرانيا، ضاعت بسبب غياب الإرادة الحقيقية للسلام من جانب الغرب الجماعي، ولن يقف الكرملين مكتوف الأيدي أمام التهديدات والتحديات الناجمة عن السياسات العدوانية المدعومة من الولايات المتحدة والتي دفعت بالحكومة الأوكرانية، ومن قبلها الحكومة الجورجية، إلى التخلي عن علاقات الصداقة والتعاون، وتحولت إلى مصدر تهديد مباشر للمصالح الروسية.


وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن هذه الشحنات من الدبابات لا يمكن أن تغير شيئا، بل ستسبب مشكلات جديدة لأوكرانيا. 


واعتبر "بيسكوف" أن الغرب واهم بشأن إمكان تحقيق انتصار في أوكرانيا، مضيفا أن الصراع يتطور في دوامة تصاعدية.