رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاصفة فى مجال الجوائز الأدبية!

بالأمس القريب أعلنت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية عن نتائج مسابقتها الثقافية السنوية، في دورتها الثامنة عشرة، وقد كان اسم شادي لويس بطرس هو الفائز بجائزة الرواية، فرع كبار الكتاب، عن روايته الصادرة عن دار العين "تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة".. قبل شادي الذي يعيش في لندن أن يحتفي بحصد الجائزة ليوم واحد فقط، كما كتب على السوشيال ميديا، ثم يعتذر عن عدم قبولها، رادا قيمتها المادية والمعنوية التي آلت إليه بالفوز إلى أصحابها، بل راغبا في الشطب كأن لم يكن، وقد كان تصرفه العجيب بمثابة عاصفة شديدة، خاف الواعون من تشويشها للمناسبات الشبيهة بعد ذلك..
الكاتب، فيما عرفنا بالمتابعة، يملك موقفا ثابتا معاديا للجوائز، ولكن المعرفة لم تحسم الإجابة على سؤال تكرر: لماذا تقدم إليها أصلا، بصورة قانونية، ما دام يملك موقفا مضادا لها، وينوي نبذها لو حصل عليها؟!
توجد أجوبة مقنعة عن السؤال الذي يبدو مفحما للوهلة الأولى، لكنها الأجوبة التي تفتح أبوابا لأسئلة أخرى لا تنتهي بتة، فمن الأجوبة التي أقصدها أن يقال: أراد أن يسجل احتجاجا معينا، ولم يكن يستطيع تسجيله من خارج الدائرة المحددة. لا بأس بالإجابة، لكنها بالتأكيد ستقودنا إلى أسئلة جديدة، من بينها: هل صار الأمر لعبة ما؟! كيف فقدنا الاحترام هكذا؟! ماذا كان في نيته؟!.. 
كل متسابق، في النهاية، بيده زمام أمره، وبالذات ما دامت الجائزة لم تشترط عدم التراجع عنها إن نيلت، ومن أراد الاستغناء فليستغن، هذه قوة بلا شك، ولكن، للأمانة، يعد إطلاق الحرية التامة للمتسابقين، سببا لحاكمية الفوضى وفقدان الجوائز هيبتها مع الوقت؛ ومن ثم حدوث الخسارات للجميع.. بينما الواجب أن نبني على الجهود، خصوصا جهود المجتمع المدني، لا أن نهدرها.
الجوائز الأدبية مدانة بصورة كبيرة، نحن متأكدون، هناك تحفظات كثيرة على طريقة إدارتها، ولا أحب هنا، بحكم الخبرات، أن أكشف قدرا من الأسرار التي تسيء إلى الجوائز، دولية وعربية ومحلية، إنما أكتفي بعلم المعنيين بما يشوب، ورغبة الأنقياء منهم في أن تتم تصفية المجال من شوائبه المزرية. 
لا شبهة في جوائز المؤسسة الساويرسية الراسخة المعتبرة، هذا ما أثق به، وقد شاركت في تحكيم أحد أفرعها من قبل، وللمؤسسة دورها المشهور المشكور في دعم الحياة الثقافية ببلادنا، وقد أصدر مجلس أمناء الجائزة بيانا موجزا، بشأن ما جرى، يوصف بالبساطة والاحترام؛ فلم يسئ إلى من قلب الطاولة، إنما طوى الصفحة معترفا بإبداعه ومتمنيا له التوفيق المستقبلي.. 
القرارات الشخصية الجديدة واردة، وربما مطلوبة للتغيير أحيانا مهما كانت غريبة ومستفزة؛ وعلى هذا فالفائز المتنصل من فوزه، يمكن أن تنبهنا مفاجآته اللا معقولة إلى أخطاء في إطار التنافس الثقافي، من الأهمية أن نصححها سريعا!

[email protected]