رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسائل لن تصل إلى عمر خورشيد الرسالة رقم ١٦ وداعًا أمى!!

مرت الأيام كالعادة ومرت معها لحظات كنت أظنها داوت قلبي المكلوم.
لا أخفي عليك، اكتشفت أن بمرور الوقت، يبدأ الاشتياق ووجع الذكريات بالازدياد..!
وجع لا ينتهي، حزن سكن قلبي وروحي وحفر على ملامحي..!!
هناك جزء مني انطفأ، تلاشي، ربما ذهب معها أيضًا أينما ذهبت..؟!
كلما زرت منزلنا
أتأمل جنباته وأتساءل أين ذهب أحباب الدار؟
كنا هنا يومًا عائلة صاخبة جدًا. الدراما والحركة شركاء لنا خلال مراحل حياتنا.!
جلسنا هنا، وهنا غضبنا وضحكنا وتناقشنا وهنا تجمعنا ذات يوم.
والآن هدوء تام...!
الصمت يخيم على المكان، غاب أصحابه، من بسببهم تجمعنا من كان وجودهم حياة ومعنى وروح..!
كنا هنا عائلة والآن انفرط العقد..!
ستأخذنا الدنيا بدوامتها رغم حرصنا على التماسك وأن نبقى يدًا واحدة.

تفاصيل كثيرة جمعتنا تحت سقف هذا المنزل لا يمكن نسيانها بسهولة، والتي من حسن الحظ أننا حرصنا على توثيقها.. !

أتأمل منزلنا الفارغ المهجور أراه هادئًا..
يزين حوائطه صورة أبي وأخرى لآمي..!
أزلنا كل شيء وأخليناه من كل شيء وتركنا أبي وأمي يحمون ما تبقى منا من ذكريات وحب وحياة..!
أجل.. تركنا منزلنا في حماية أبي الذي تتوسط صورته الجدار..!!
وكأننا نرفض الرحيل..؟!
نعم خلا المنزل من كل شيء إلا أنتم..؟!
لم نجرؤ على نزع صوركم لآخر لحظة..
ربما رفضا واعتراضا عما يحدث.. لست أدري..!
أتأمل أغراض أمي المحببة إليها وأبحث عنها.. ومازلت أبحث عنها داخل كل كلمة كل موقف كل لحظة كل شيء يذكرني بها.. فهي لم تكن أما عادية.. كعادة كل الأمهات.. أمهاتنا نور البيوت.. جنة الله في الأرض؟!
بقيت الأغراض وغادرنا أصحابها..!
تركوا إثرهم ومشوا..!
يا لها من حقيقة موجعة..!
أتجول في بيتنا البارد وأتساءل أين أبي؟ أين أمي؟ أين سيدة الدار؟!
تلك الجميلة التي كانت ضحكتها ضياء وغضبها نار وصوتها بركان..
أين أمي تلك الحكيمة خفيفة الظل.. من تحسب أعقد المسائل الحسابية بالفطرة وفي لحظة.. أين ذهبت تلك العبقرية التي كانت أبا وأما في أدق محطات حياتنا.. أكاد أصرخ وأنادي.. 
خذوا كل شيء وأعيدوها لنا؟!
لتملأ بيتنا صخبًا..!
نتفق ونختلف، نبتعد ونقترب،
ونحاول تقريب وجهات النظر ويساء الفهم..!
أعيدوها حتى ولو ظلت طيلة عمرها غاضبة..!
أعيدوها لنا ليؤنس صوتها وحدتنا، فصوتها أرق من الناي وأدفأ من عزف الكمان..!
أمي تلك الأميرة التي تتربع على عرش قلوب كل من مرت بخاطرهم وحياتهم.
ذهبت رغم التمهيد الشديد الذي قدمته لنا لتخفيف الصدمة ووجع الفراق.
تركت كل شيء دون أدنى لحظة تردد.
تركتنا بعد أن أوصت أخي أن يعطيني ما يرتدي من جاكيت فخم..!
تركتنا وهي لم تتذكر إلا أنا.. تركتنا وهي تحدث الجميع عني وعن قلمي وكتبي بفخر..!
أفتقد محادثتها اليومية لي..
أفتقد تحقيقها معي أين كنت وبرفقة من كنت؟
أفتقد مناداتها لي أن تعالي واجلسي بجواري ثم توكلني بأمر خاص بها! 
مهما حاولت التغبير عن حجم الفراغ الذي خلفته في حياتنا.. لا سيما أخوتي لن أستطيع أن أعبر عما نشعر به من كم الفراغ الذي تركته بداخلنا وحولنا..!
تركتنا بعد أن أمطرتنا بوابل من الدعوات..
تركتنا وهي مطمئنة أني سأكون محلها رغم استحالة ذلك!
عزيزي عمر خورشيد..
أعدك أن تكون هذه آخر رسائلي الحزينة أو بها لمسة حزن دفين.
أجاهد نفسي كل يوم وأقرر أن أكتب لك بمرح كالسابق لكن قلمي ما يزال أسير الفراق والوجع.
لا أخفي عليك اعتدت أن أضع سيناريوهات لكل شيء قد تتخيله إلا فراق أمي.
وما تبعه من تنفيذ لتوصيات كانت تسمعني ياها دومًا.
يا لها من أمانة ثقيلة تثقل عاتقنا. ما ذكرته في السطور السابقة ورسائلي الأخيرة أعتبرها نقطة في بحر مما أشعر به حقا وأعانيه.. !
أعلم أنها في مكانة أفضل، وأن ما حدث مقدرًا من الله ورحمة من رب العالمين.. أوقن أن ما عند الله خير وأبقى لكنها أمي وأنا بشر..!
أنا وحيدة أمها فقدتها منذ ما يقارب 25 يومًا.
لذا أطلب من الجميع تحملني وأن يدعوا لها بالرحمة هي وكل من فارقوا دنيانا..!
أمي الحبيبة أحبك جدا وأعلم أنك تدركين ذلك..
أمي الحبيبة من خلال سطوري هذه أودعك لأنه لا ذنب للآخرين في حزني وما أعانيه من وجع.. أعدك أن أتذكرك كل لحظة وأن أدعوا لك دومًا وأعلم انك توقنين أنك تسكنين قلبي وستظلين..
أمي الحبيبة وداعًا.. وإلى اللقاء 
عزيزي عمر خورشيد..
أشكرك وأشكر كل من يقرأ رسائلنا وأتمنى لكم عامًا جديدًا كله فرح ونجاح وأمنيات قيد التنفيذ..
كل عام وأنتم أقرب لتحقيق كل ما هو مستحيل.
فكل محال ممكن وكل ممكن نستطيع تطويعه وتسخيره لما ينفعنا وينفع الآخرين ومن قبلهم مصرنا الحبيبة
عزيزي عمر خورشيد..
لا يمكن أن أختم رسالتي لك، إلا ولحنك الملحمي بطل أيامي المظلمة.. يزين حياتي رغم كل شيء..
فقد كان عونًا بشكل خاص جدًا.. يذكرني بأيامنا الجميلة معاً ويذكرني بأحلام بنيتها معك ومع من يحبك مثلي.. وجوده ووجودهم شكل فارقا كبيرا وكان عونا لي في تخطي أيامي القليلة الماضية.
ذكرني لحن رصاصتك الأبدي بأجمل ما في حياتي أنت ورصاصتك التي تزين جيبي وجيب من يحبك مثلي.. !!
ارتبط لحنك الملحمي بصديقي الفيلسوف وصديقة الممر صديقتي الغالية التي أعتبر لقاءها شفاء، وحديثها نجاة والبوح لها تعافٍ..
عزيزي عمر خورشيد
كن بخير لأكتب لك مجددًا 
وإلى اللقاء.