رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محيى الدين: «COP 27» خرج بتوصيات محددة لإعادة تشكيل البناء المالى العالمى

الدكتور محمود محيي
الدكتور محمود محيي الدين

 أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، أن ما سيدفع البلدان الغنية إلى الإسهام في تمويل أهداف التنمية المستدامة بما في ذلك هدف التصدي للتغير المناخي هو إدراك المصلحة القومية لهذه البلدان التي يهددها خطر تدهور المناخ كما يهدد الأمن الدولي من خلال النزوح الجماعي وتزايد ظاهرة اللجوء المناخي.

وقال محيي الدين - في تصريحات له - إن العالم في حال اتخاذه موقفاً موحداً لن يحتاج لموارد مالية وحلول علمية وتكنولوجية للتعامل مع أزمة المناخ، ولكن ما يفتقر إليه العالم هو الإرادة السياسية التي تستطيع توجيه هذه الموارد والحلول إلى المناطق والبلدان الأشد احتياجاً إليها.

واقترح محيي الدين ترتيبات جديدة لتمويل العمل المناخي والتنموي تتسق مع مقترحات لإصلاح البناء المالي العالمي، ويقوم نظام التمويل وفق هذا المقترح على أساس فترة سماح لا تقل عن 10 سنوات، وفترة سداد بعدها تمتد لـ20 عاماً، وبتكلفة لهذا التمويل لا تزيد على 1% تشمل الإسهام في العون الفني، على أن يقدم هذا التمويل من خلال المؤسسات المالية وصناديق التمويل المتخصصة القائمة، ومن خلال التعهدات المالية التي التزمت البلدان النامية بالوفاء بها في السابق، كما اقترح تخفيض تكلفة التمويل على أن تتم زيادة رأس مال هذه المؤسسات التنموية الدولية بما يسهم في توفير تمويل إضافي للعمل المناخي يعادل التريليون دولار المطلوبة لتجسير فجوة التمويل.

وأضاف أن النظام الراهن للتمويل الدولي للمناخ والتنمية يتسم بأنه غير كاف وغير كفء وغير عادل، لأن فجوة تمويل العمل المناخي تبلغ نحو تريليون دولار سنوياً حتى عام 2030، بينما لا تفي الدول المتقدمة حتى الآن بتعهداتها في مؤتمر كوبنهاجن بشأن تمويل العمل المناخي في الدول النامية والمقدر بمائة مليار دولار سنوياً.

وأشار إلى أن التمويل غير كفء لأن عملية التمويل تستغرق فترات طوال منذ بدء الاتفاق بين الحكومات المعنية بالتمويل إلى اليوم الذي يصل فيه التمويل فعلاً إلى المشروعات والمجالات التي تترقب وصوله، وغير عادل لأن الدول النامية تتم مطالبتها بالاستدانة بتكلفة باهظة لعلاج أزمة المناخ التي تسببت فيها في الأساس الدول المتقدمة، كما تتحمل الموازنات العامة للدول الحجم الأكبر من تمويل العمل المناخي في مقابل مساهمات ضئيلة للقطاع الخاص في تمويل بعض مناحي العمل المناخي.

وفي هذا السياق، أفاد محيي الدين بأن مؤتمر الأطراف السابع والعشرين بشرم الشيخ خرج بتوصيات محددة لإعادة تشكيل البناء المالي العالمي، لمساندة تمويل العمل المناخي والتنمية المستدامة، وهي التوصيات التي يمكن إدراجها ضمن الإنجازات الملموسة للمؤتمر بجانب الاتفاق على تأسيس صندوق الخسائر والأضرار.

وقال محيي الدين إن ما يأتي في إطار تحقيق تقدم مُرضٍ بالمؤتمر هو إطلاق أجندة شرم الشيخ للتكيف المناخي، وتشمل مجالات العمل في قطاعات الغذاء والزراعة والمياه والطبيعة والمناطق الساحلية والمحيطات والبنية الأساسية والتجمعات السكنية، وتأسيس نظام عالمي للإنذار المبكر للتعامل مع أزمة المناخ وفقا لمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، واستكمال برنامج التخفيف اعتماداً على مخرجات تحالف جلاسجو للمناخ، وتدشين تقرير مجموعة الخبراء رفيعي المستوى بتوصياتها العشر للتعامل مع المعايير والإجراءات واجبة الاتباع بشأن تعهدات الحياد الصفري للانبعاثات الضارة، والتصدي لمخاطر الغسل الأخضر، وتنظيم أسواق التمويل المستدام للاقتصاد الأخضر.

وأضاف أن النتائج المرضية للمؤتمر تشمل الانتقال العادل في مجالات الطاقة بما في ذلك الاستثمارات المشتركة للتخارج من الطاقة الأحفورية وزيادة الطاقة المتجددة، والتعامل مع الآثار الاقتصادية والاجتماعية لعملية التحول، وتطوير ملف التمويل والاستثمار من خلال تدشين تقرير تمويل العمل المناخي والتنمية، وإعلان مبادرة السوق الإفريقية للكربون، والابتكار المالي لتخفيض الديون ومبادلتها باستثمار في المناخ والطبيعة، والتزام مؤسسات التأمين بتقديم تغطية تأمينية في إفريقيا ضد مخاطر المناخ بقيمة 14 مليار دولار، وفقا لإعلان نيروبي.

ونوه محيي الدين عن طرح نتائج المبادرة الإقليمية لمشروعات العمل المناخي بالتعاون بين الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ واللجان الاقتصادية الإقليمية للأمم المتحدة ورواد المناخ في شرم الشيخ، وإصدار تقرير بـ50 مشروعاً نموذجياً على مستوى العالم بتكلفة استثمارية قدرها 89 مليار دولار، إلى جانب عرض نتائج مبادرة المشروعات الخضراء الذكية للمحافظات المصرية كنموذج لتوطين العمل المناخي.

وشدد محيي الدين على أن المؤتمر تجنب السماح بتراجع ما التزمت به مؤتمرات سابقة من تعهدات بما في ذلك ما يتعلق بتخفيض الانبعاثات الضارة بالمناخ، موضحاً أن اهتمام مؤتمر شرم الشيخ انصب على إنفاذ التعهدات السابقة من تمويل وتعاون فني على هذا الصعيد.

وأكد أن الوضع الاقتصادي العالمي الراهن الذي يعاني تراجع معدلات النمو وتهديدات الركود التضخمي، وأزمات في قطاعات حيوية مثل الغذاء والطاقة وارتفاع مخاطر وتكاليف الديون الدولية، لا يستقيم معه الاستمرار في اتباع نهج مختزل في سياسات الاستدامة لتعنى فقط بجانب من جوانب العمل المناخي وهو تخفيض الكربون رغم أهميته الكبيرة.

وأشار إلى خطورة التغافل عن أركان العمل المناخي الأخرى وخاصة التكيف مع التغير المناخي الذي تحتاج إليه الدول النامية، لافتا إلى ضرورة إعادة إدراج العمل المناخي في إطار أهداف التنمية المستدامة المتفق عليها عالمياً، وإنهاء نهج الجزر المنعزلة في التعاون الدولي الذي أضر بالتنمية المستدامة وأوضاع الفقر ولم يصلح من شأن العمل المناخي.