رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أوراق الورد».. على مسرح النسيان..

قبل الحكاية..
ما دامت الحكاية.. ليست حكايتك.. فأنت حكيم..

امرأة عمرها 36 سنة.. ولديها طفلان.. تزوجت منذ 16 سنة من رجل من الطبقة المتوسطة.. من المفترض أنه كامل الأهلية، وكما كانت ترى فى الأفلام أن الفارس الهمام سوف ينتظرها أمام باب الجامعة، وهو يرتدى البدلة.. ويفتح لها الباب لحياة سعيدة مليئة بالأحلام والأمنيات مع شريك الحياة.. لبناء أسرة سعيدة.. ولكن الحقيقة.. تتزوج الفتاة وتصبح فى خبر كان..

تقول فى السنة الأولى من الزواج كانت الأمور عادية، وكانت رعاية كل من الأب والأم لها.. رعاية وافية لكل التزامات منزلها من طعام واحتياجات الأعياد والمناسبات.
تمر الأيام.. وبعد 9 أشهر بالتمام والكمال أنجبت طفلها الأول.. ومر العام الأول وفارس الأحلام الوهمى لا يتحمل مسئولية أى شيء. ويأتى العام الثانى.. يحمل الأمنيات والأحلام المؤجلة من العام الأول.. فتتمرد عليه وتقول له: وماذا بعد؟!
ويكون الرد دائماً سابق التجهيز: المرتب لا يكفى سوى البنزين والسجائر.. وأحياناً الفطار والأصدقاء..

ترك على عاتقها كل الالتزامات المادية للمنزل.. ومسئولية الطفل الأول بالكامل.. دون أى تغيير فى أسلوبه. ومع نهاية العام الثاني أنجبت طفلها الثانى.. ومع تكرار نفس النمط، ولكن مع زيادة معاناتها من عدم تحمله أى مسئولية حقيقية.. وزيادة أعباء الحياة على كاهلها.
ومع بداية العام الثالث أعلنت تمردها الصريح فى كلمات محددة عندما قالت له: لقد فقدت الحلم والأمل من فرط أنانيتك.. لقد سلبت مالى وذهبى وأحلامى وأمنياتى.. تخليت عن كل شيء وتركته.. إلا رغباتك..
لم تعد تتحمل هذه الحياة، وطلبت الانفصال.. وذهب وأتى بالأهل والأصدقاء لإقناعها بالرجوع عن قرارها.. فى سبيل ولأجل عيون "أوراق الورد".. 
توقفت بسبب أولادها.. لكى يحيوا حياة سوية بينهم.. وعسى أن يتغير ويشعر بالمسئولية.. كما كانت تتمنى. حدثته بصراحة، وقالت له ما يقوله أفراد العائلة من حوله دون أن يعرف: استحملى.. واعتبرى نفسك "متجوزة بدلة". وكان رده: طز.

هنا سقط بداخلها ما تبقى من مودة ورحمة.. سقط البرواز وسقطت البدلة.. وشعرت بالخوف وعدم الأمان على نفسها.. وعلى أطفالها.. وظلت تتساءل: كيف يمكن لهذا الشخص عديم المسئولية أن يواجه عثرات الحياة وتحدياتها من أجل أسرته؟ 
تذكرت.. كيف جعلها تبيع شبكتها وما تبقى من ذهبها الخاص وبيع شقة تملكها من قبل الزواج.. لعمل مشروع وشراء سيارة جديدة.. وسرعان ما اكتشفت فشل المشروع وضياع أموالها وممتلكاتها خلال سنة..

بدأت السنة الرابعة.. وبداخلها شعور طاغٍ بالمنطق والعقل والقلب والعرف والأخلاق.. وهى فى كامل قواها العقلية.. ترفض هذا الوضع المهين.. طلبت الانفصال.. وهو يراوغ ويدعى أنه سيتغير، ويبدأ مشروعا جديدا. ولكن سرعان ما ظهرت ندالته عندما قال لها: إذا صممت على الانفصال فعليك أن تتنازلى عن كل شيء.. وتوقّعى على تنازلك عن كل حقوقك، وأن تتحملى مسئولية أطفالك بالكامل.. دون أن تطلبى جنيها واحدا مدى الحياة.
هنا.. سكتت قليلاً وصمتت.. لحفظ ماء الوجه.. ولأنها لا تريد الإفصاح عن الكثير.. مما تحمله بداخلها..

انفصلت واستقلت.. واستكملت حلم حياتها بدراستها فى الجامعة بعد ذلك.. ونزلت سوق العمل لكى تتحمل المسئولية.. وبدأت خطوات ثابتة مع نفسها ومع أطفالها.. وبعد 15 سنة.. كانت الطامة الكبرى.. يقول لابنه نفس الكلام: المعاش لا يكفى سوى البنزين والسجائر.. عندما طلب منه مساعدة والدته فى دفع قسط مصروفات المدرسة.. فى ظل الظروف الاقتصادية المؤثرة على الحياة كلها.

تصمت الأم وتبكى بعيداً عن عيون "أوراق الورد".. وتسأل نفسها: ماذا أفعل.. وأنا أتحمل كل مصروفات المنزل من طعام وشراب وأدوية وملابس وتعليم؟
ولا يعرف أطفالها سوى تحقيق مطالبهم.. دون أن يعرفوا ما تعانيه الأم في سبيل تحقيق تلك المطالب؟

نقطة ومن أول الصبر..
نحتاج فى 2023 إلى اللجان والقضاة والتشريع الآمن لحق "أوراق الورد".. شباب وقادة المستقبل.
نحتاج إلى رد حقوق الأطفال من الآباء الضالين والمضللين فى زمن مات فيه الضمير..
الزمن الذى يهرب فيه الآباء من مسئولية الأبناء.. وهدر حقوقهم وضياع مستقبلهم..
وتظل المرأة المصرية تتحمل مسئولية الأسرة والبناء بمفردها..
متى يكون صندوق الأسرة لعودة حقوق الأطفال من الآباء الضالين.. وليس المقبلين على الزواج؟!
ولا تزر وازرة وزر أخرى..