رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المستبصر».. هكذا رأى وحيد حامد الإخوان وكشفهم قبل ظهورهم على الساحة السياسية

وحيد حامد
وحيد حامد

منح الله عباده نعمة البصر، لكنه اختص القليل بنعمة البصيرة، ووحيد حامد كان من ضمن هؤلاء المبصرين والمستبصرين أيضًا، كان بإمكانه السفر والرجوع ولا يغادر مقعده الشهير في فندق "جراند حياة"، يغمض عينيه قليلا فيرى ويعود ليكتب.

أثبت أنه سابق لعصره

كان حامد سابقًا لعصره، وهو ما أثبتته الأحداث المتلاحقة فيما بعد لتؤكد رؤية قديمة كتبها، وما حدث في أفلامه وأعماله الدرامية ومقالاته يؤكد أنه كان يعي بعقل حكيم فيكتب ويعلم تماما أن الغد سيثبت حقيقة ما ذكره، حتى إن ما قاله قديما يمكن أن نطلق عليه نبوءات وحيد حامد، فالراحل تحدث عن الإخوان واستفحال خطرهم، ومن المعروف أنه منذ نشأة الجماعة وهي تسعى لسدة الحكم، هذا أمر عام، لكن حامد في أوائل تسعينيات القرن الماضي نوه بأن الخطر يقترب أكثر وأكثر، وأن الجماعة تشحذ وتسن ولها خطط طويلة المدى، وهو ما أكدته الأعوام التالية.

علاقته بالإخوان

في علاقته بالإخوان وقبل أن يكتب للسينما والدراما، حذّر وحيد حامد كثيرًا من خطر الإخوان المتفاقم، وأنها وإن كانت محظورة فإنها محظورة على الورق فقط، وفيما عدا ذلك فإنها تفعل كل ما يحلو لها، ولأنها تتكلم باسم الدين، وهو الستار الذي انسدل على أفكار خطرة تهدد المجتمع وتقسمه وتقصمه.

بدأت الحرب بين وحيد حامد والإخوان قديمًا، فقد كرّس الكثير من وقته للكتابة عنهم ولفضحهم في كل المنابر الممكنة، وكان يشترط عدم حذف أو إضافة أو كتابة على النصوص وغيرها، وهناك حكاية شهيرة تثبت هذا، فقد حدث أن اختاره التليفزيون المصري ليكتب نص الليلة المحمدية، وهي الليلة التي كانت تقدم سنويا، وراح الجميع ينتظر ما يمكن أن تسفر عنه قريحة حامد وهو الكاتب المعروف بالمواجهة، وكيف صوب قلمه تجاه الإرهاب والتطرف وشركات توظيف الأموال والكثير، وكتب وحيد حامد بالفعل نصا يتضمن مجموعة من اللوحات المسرحية تتعرض لتلك القضايا الساخنة وغيرها، مع توضيح موقف الدين الإسلامي منها، واشترط ألا يتعرض أي أحد لنصه بالحذف أو الإضافة، وبعد مراجعة النص في مركز التراث الديني طلب حامد استعادة نصه لإضافة أربع لوحات جديدة، وفوجئ وحيد حامد بوجود الكثير من الحذف فهدد بسحبه تماما.

وتدخل أمين بسيوني، رئيس اتحاد الأمناء بالإذاعة والتليفزيون في ذلك الوقت، وتدخل وجدي الحكيم، رئيس التخطيط المركزي، وأكدا له أن النص سيعاد كما كتبه حامد، ولن يتم حذف أي كلمة منه.

مقالاته

وحتى في مقالاته، كان حامد ينوه وبقوة لخطر الإخوان، ففي مقاله الذي جاء تحت عنوان "تزوج الحكومة وغازل الإخوان" كتب يقول: «تزدهر جماعة الإخوان المسلمين (المحظورة) يومًا بعد يوم، تتقدم بخطى ثابتة ودقيقة ومدروسة بعناية، والزعم بأنها محظورة أصبح باطلا، والزعم بأنها جماعة أصبح باطلا هو الآخر، بعد أن احتلت مساحات أكبر من المواقع وسيطرت على القناعات وتفعل ما تريد، تتوسع برفق ونعومة وتغرس جذورها في صبر وتأنٍ وتسجل أهدافها عن طريق التسلل السريع والخاطف».

كرسى الخلافة

ويتعمق حامد في مقاله لرؤية الجماعة وأهدافها، ويذكر أنها تفعل ما تفعل للوصول لكرسي الحكم أو كرسي الخلافة، يكمل: "الحقيقة أن الجماعة تعيش الآن زمانها الحلو والمن، وتحظى بالتقدير على اعتبار أنهم رجال الله الذين يطالبون بالحق والعدل والقيم، يرفضون الفساد وينددون به ويسخرون من السياسات الخاطئة، ويذرفون الدموع الساخنة على الأحوال الاقتصادية المتردية، ويبشرون بجنة الله على الأرض في حالة عودة الخلافة وجلوسهم على كراسي الحكم".

مسلسل الجماعة

كان مجرد إعلان وحيد حامد عن أنه بصدد الكتابة لمسلسل يدور حول الجماعة، ويأتي بنفس الاسم، كافيا لتثور ثائرة الإخوان وتبدأ حربا ضروسا، وبرغم أن حامد أعلن عن أن مسلسل «الجماعة» يأتي من خلال الاعتماد على تحقيق الوقائع التاريخية المختلفة من أكثر من مصدر تاريخي، وهذه المهمة كان يقوم بها فريق ضخم استمر في البحث لأكثر من ثلاث سنوات، لكن لم يكن هذا كافيا، فقد زعمت الجماعة أن المسلسل الذي يتناول بالسرد تاريخ مرشدي الجماعة وكوادرها الفاعلة يعد تشويها لقياداتها ورموزها.

وبدأت الملاحقة القانونية والقضايا وحرب كبيرة، فشن النائب الإخواني محسن راضي هجوما على العمل قبل حتى عرضه أو الإعلان عن تفاصيله بالكامل، وزعم النائب أن وزيري الثقافة والإعلام يقفان خلف العمل الفني، وأن الدولة رصدت 30 مليون جنيه للعمل، وذكر «راضي» أنها أموال مشبوهة تشوه صورة الجماعة أمام الرأي العام.

بينما حذر أحمد سيف الإسلام، نجل حسن البنا مؤسس الجماعة، الكاتب الكبير وحيد حامد من الوقوع تحت طائلة القانون إذا قام بتنفيذ المسلسل دون إطلاع أسرة البنا على السيناريو، وهدده بمنع عرضه بشتى الطرق إذا تضمن إساءات لوالده تصفه بالإرهابي.

أما النائب الإخواني سعد الكتاتني فخرج في تصريحات صحفية يقول فيها: لا نستطيع أن نحكم على عمل قبل أن يكتمل، لكن المشكلة تكمن في أن المؤلف لا يريد الاسترشاد بأي من قيادات الجماعة في أعمال الكتابة.