رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل سنة والإنسانية بخير حتى لو كره الكارهون

عندما خلق الله العالم تهيئة لخلق الإنسان لم يكن هناك دين غير دين الفطرة الذى جبل عليه الإنسان وهو الإيمان بالألوهية. فكانت هناك الإرادة الربانية فى أن تكون هناك تعددية دينية ومنذ البدء. فتعددت أشكال هذا الإله حسب الزمان والمكان والظروف الجغرافية والتاربخية. (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) (من ليس لهم ناموس هم ناموس لأنفسهم). وذلك لأن الله يدرك قدرة هذا الإنسان الفطرى ولذا بدأت فكرة الألوهية بوصية لا تأكل من هذه الشجرة. ومع تطور الإنسان فكرا وعقلا ظهرت الديانات التى يطلق عليها ديانات وضعية حتى كانت تلك الديانات المسماة سماوية، حيث كانت بوحى سماوى يؤمن به كل مؤمن بكل دين من هذه الأديان. وفى كل تلك المراحل المتعددة كان الإنسان وكانت الإنسانية قبل الوصول للأديان بأشكالها ومعتقداتها وطقوسها الحالية. فالكون خلق من أجل الإنسان والأديان كانت للإنسان. والإنسان هنا مطلق إنسان بعيدا عن الجنس والعرق والدين. ولذا كان من الطبيعى نتيجة لهذه النظرة الشاملة والشمولية أن تكون هناك إنسانية تجمع الإنسان فى كل زمان وفى كل مكان فكانت الحضارة الإنسانية التى أوجدها هذا الإنسان وكان هناك ذاك الفكر البشرى العام فكانت هذه الحضارات وتلك الأفكار طريق الحوار واللقاء والتكامل والتلاقح، فكان التطور والذى سيستمر إلى الأبد نتيجة لهذه الوحدة الإنسانية بكل خلافاتها واختلافاتها. فلا إنسان ولا فكر ولا حضارة ولا تطور مع التفرد الإنسانى ولكن بالجمع والتجمع الإنسانى. وعلى هذه الأرضية يمكن أن نقول إن الأديان بالرغم من خصوصيتها لمعتقديها ولكن هناك خط واضح وأساسى فى كل الأديان ليست السماوية فقط. هذا الخط هو عبادة الله الواحد أيًا كانت الأشكال المادية لهذا الإله مع التكامل الإنسانى الذى يجمع الإنسان. هنا من الطبيعى أن يقتنع كل مؤمن بصحة دينه من غير الأديان الأخرى. ولكن هل هذا مبرر لرفض الآخر الدينى كإنسان. كما أن الترابط الإنسانى الطبيعى والفطرى والاجتماعى وهو طبيعة إنسانية لاعلاقة لها بدين . تلك الطبيعة الاجتماعية التى تفرز العلاقات الاجتماعية والحياتية التى تظهر فى المجاملات والمواساة والمشاركات الاجتماعية فى كل الأحوال الإنسانية والاجتماعية التى لا ترتبط بمسمى الدين. ولما كانت الأديان للإنسان بكل مكوناته الإنسانية والاجتماعية فلم تغفل الأديان التعامل والتعاون والتلاقى الاجتماعى بين البشر بالرغم من اختلاف الدين. هنا وللأسف الشديد نجد بعض المتشنجين وغير الواعين بل المتاجرين بالدين وهم لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بصحيح الدين ولا علم لهم بمقاصد الأديان العليا التى تركز على المعاملات الإنسانية والاجتماعية "الدين المعاملة" "ليروا اعمالكم الصالحة فيمجدوا اباكم الذى فى السماوات". فيخرجوا علينا فى كل مناسبة لهدف الظهور الإعلامى الذى يدل على عدم الثقة بالنفس والادعاء الكاذب بأن سلوكهم المرفوص وأفكارهم الخاطئة هى دفاع عن الدين. الدين الذى لا يحتاج إلى دفاع أحد. فنجد من العبث من يقول بعدم المعايدة على المسيحيين!! فهل من يعيد على المسيحى يصبح مسيحيا؟!!!
وبالتالى من يعيد على المسلم يصبح مسلما؟!! وعلى ذلك هل يعيش كل من المسيحى المصرى والمسلم المصرى فى جيتو معزول وهم أبناء وطن واحد آمالهم واحدة ومصيرهم واحد وأهدافهم واحدة فى وطن نتمنى له السلام الدائمة جميعا. فهل هذا السلوك يتوافق مع مقاصد الدين؟ هل هذه الآراء تعمل لصالح وطن يجب أن يكون متوحدا لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التى تحيط بنا من كل جانب؟ الأديان للإنسانية والإنسانية مفهوم يعيه من ينتمى إلى هذه الإنسانية. ستظل مصر مستقبلة لكل الأديان ببصمتها التاريخية على المسيحية والإسلام ذات النكهة المصرية. وكل سنة وكل المصريين مسلمين ومسيحيين طيبين بمناسبة رأس السنة وعيد الميلاد المجيد بالرغم من رفض الرافضين . حمى الله مصر وشعبها العظيم.