رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مصنع «الشبراويشى» كما قدمها عمر طاهر فى كتابه «صنايعية مصر»

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

أعادت أزمة وباء الكورونا كوفيد- 19، والتي اندلعت في العام 2019، كولونيا 555 كمصدر للتعقيم والوقاية من الميكروبات والفيروسات، تلك الكولونيا وهي واحدة من منتجات مصانع الشبراويشي، وهي واحدة من حكايات وقصص أدرجها الكاتب عمر طاهر في كتابه "صنايعية مصر"، والذي تتبع خلاله بدايات الصناعات المصرية، بشكل قصصي ممتع. 

كانت كولونيا "555" القاسم المشترك بين احتفالات وأفراح وأعياد ميلاد المصريين وأمراضهم وترمومترات وجروح وإغماءات ولا يخلو منها أي بيت مصري، حتى بيت الزعيم جمال عبد الناصر وقت أن كان رئيسًا لمصر، حتي إنه استثنى مالك المصنع "حمزة الشبراويشي" من قرارات التأميم في منتصف خمسينيات القرن المنصرم.

ويلفت عمر طاهر إلى أنه في كل مرة كانت توضع أمام عبد الناصر قوائم بأسماء ستخضع لقرار التأميم٬ كان ناصر يشطب على اسم "حمزة الشبراويشي" .لا يلتفت إلي وشاية أو تقرير أمني٬ كان يؤمن أن الشبراويشي رجل عصامي وليس إقطاعيًا٬ ويمثل مصر بصناعة وطنية٬ فمنتجاته في كل بلد عربي٬ في مصر تحمل اسم "555" وفي السعودية تحمل اسم "سعود"٬ وفي السودان تحمل صورة مطربهم الأشهر "عبد الكريم كرومة".

من جهة أخرى كان "عبد الناصر" زبوناً دائمًا لمنتجات الشبراويشي٬ ويحكي أحد القيادات الأمنية أنه عندما كان ضابطًا صغيرًا مسئولًا عن تأمين مؤتمرات الاتحاد الإشتراكي٬ وصل أحد موظفي الرئاسة يحمل للرئيس حقيبته الخاصة٬ فأصر الضابط علي تفتيشها٬ وقال: “وجدت فوطة وفرشة شعر وخرطوشة سجائر وزجاجة كولونيا "555"، كان قراره صارمًا: لن نؤمم الشبراويشي.

أصيب الشبراويشي بجلطة مع نهاية 1965٬ وسافر إلى سويسرا لتلقي العلاج، لم يكن يعرف أن ناصر يستبعده طول الوقت من قرارات التأميم٬ لو كان يعلم ما خاف أن يرجع٬ كان يتابع من سويسرا أخبار الأذى الذي يتعرض له أصحاب بعض الصناعات٬ فقرر أن تكون العودة إلي بيروت بعد أن تم الشفاء.

افتتح "الشبراويشي" في بيروت مصنعاً صغيرًا لتصنيع العطور كبداية جديدة بعيدة عن الجو العام في مصر، استغل البعض ما حدث٬ وكانت الوشاية مكتملة الأركان، "حمزة الشبراويشي هرب من مصر إلى لبنان٬ وسيستقر هناك بعد أن يصفي أعماله ويسحب أمواله كلها". 

هنا كان قرار عبد الناصر بفرض الحراسة على ممتلكات الشبراويشي٬ وتم عرضها للبيع٬ وكان المقابل الذي دفعته شركة السكر والتقطير لشراء مصنع الشبراويشي والمحلات والاسم التجاري والمنزل وبعض الفدادين زهيدًا للغاية٬ لن يتجاوز مبلغ 165 ألف جنيه.