رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد صلاح.. مش فخر العرب!

في أيامي الأولى، كنت متابعا للمواقف النقدية على اختلاف توجهاتها، بين السياسة والفن والثقافة والأدب، كان أصدقائي عندما يروني يقولون "جاء الأستاذ خالف تعرف"، لكن متابعتي للمواقف النقدية لم تكن لهذا الهدف، بل لرغبة في الاستماع لكل الأطراف لتكوين وجهة نظر متوازنة.

واستهوتني السياسة في بداياتي، غير أن علاقتي بها كانت علاقة شخص يبحث عن مساحة للتعبير بحرية، فهجرتها لأجد ضالتي في الصحافة، غير أنه من وقت للآخر يرتبط الاثنان في فكرة تدفعك للتدخل والكتابة، وهو ما حدث فور رؤيتي ما كتبه محمد صلاح، مدير المكتب السابق لجريدة الحياة اللندنية في القاهرة.

يقول محمد صلاح إن أداء الإعلام المصري في قضايا قناة السويس الجديدة وسد النهضة وتيران وصنافير كان فاشلا بجدارة، كما وصفه بـ"إعلام في الحضيض"، هكذا ببساطة، دون داعٍ ولا مقدمات. مع قراءتي ما كتبه، قفزت في ذهني مشاهد متعددة، الاجتماعات اليومية، خطط العمل، تقارير متابعة الأداء، القرارات الإدارية.

شعرت بغضب تام، كيف يمكن لشخص، يفترض أنه زميل مهنة، أن يصف وقتنا وجهدنا بتلك الطريقة الجاهلة.. هل هو الفراغ؟ أم هو التجاهل له يدفعه للصياح؟ وإذا كان ذلك رأيه، فلم لم يحترم زملاءه ليقدم حلولا مقبولة بطريقة مهذبة بدلا من ثقة الجاهل هذه؟ 

وتعجبت وأنا أقرأ، فعلى ما يبدو رغم خبرته الكبيرة في العمل الصحفي توقف كلامه عند التنظير، لا مصداقية للحديث، لا أدلة على صحته، لا حلول مطروحة، فقط أنتم فاشلون وأنا جيد وانتهى الأمر بمجموعة من الإعجابات والردود والتغريدات.

كانت لدى الأستاذ محمد صلاح فرصة ذهبية ليستغل المساحة المشتركة بصفته صحفيا سابقا ليؤكد مساحة للتفاهم ويقدم يده للتطوير إن كان لديه ما يقدمه، لكنه استغل هذه المساحة ليحصد مجدا شخصيا زائلا لن يستمر سوى دقائق تنتهي فور أن يفتح أحدهم التلفاز ليشاهد حقا إعلام الدولة.

وسؤالي للأستاذ: هل سمعت عن برامج الإعلام المصري مؤخرا؟، هل شاهدت احتفاء المصريين ومتابعتهم له على المقاهي؟ هل اطلعت على نسب البث والمشاهدة؟، والأسهل من كل ذلك، هل تابعت أحد هذه البرامج حقا؟ ولماذا الهجوم المفاجئ على الإعلام المصري؟، هل قررت فجأة بين مشاركتك في برنامج للحديث عن الرجال وكرة القدم أن تتحدث عن الإعلام المصري "بالمرّة"؟

كان يمكنني أن أفعل كما فعلت، أهاجمك، أبحث عن كلماتك، أدينك بما كتبت، وسيصفق لي الجمهور، لكنه جمهور واعٍ وليس على غرار جمهورك الموجّه، لكني بدلا من ذلك قررت إعطاءك درسا علّك تتعلم شيئا يعينك على العودة للحياة الصحفية.

الإعلام الفاشل ليس إعلاما مستداما، ونحن هنا منذ سنوات.. وباقون لعقود، إعلامنا الفاشل لا يعمل مثلما تكتب "بعشوائية شديدة ودون حلول"، بل إن كل خطواته محسوبة وفق أسس علمية، وأهداف بعيدة وقريبة المدى، وخطط للتعامل مع المخاطر، وخطط للتطوير.

والذي لا تعلمه أن هذا الإعلام لديه خطة للتعاون مع كل من يقدم يده بطرح للحل أو للنهوض، ولهذا فأنا أدعوك أن تخبرني بتصورك عن الاستراتيجيات والتوجهات والوجوه كما كتبت، وأرجو قبل أن تطرح اسمك كأحد الوجوه أن تفكر قليلا قبل أن تكتب، وإذا احتجت مساعدة يمكنك قراءة مقالتي من جديد.