رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيزنس «الخلايا الشمسية».. شركات وهمية تبيع ألواح مضروبة وبطريات تشغيل تالفة

الخلايا الشمسية
الخلايا الشمسية

في الوقت الذي تتوسع فيه الدولة نحو استخدام الطاقة الشمسية من خلال إنشاء عدد من محطات الطاقة الشمسية مثل “بنبان” بمدينة أسوان، وغيرها من المحطات بالمحافظات، وتشجيعها للمواطن للاتجاه لتلك الطاقة أيضًا، باعتبارها مصدر توفير اقتصادي، وضرورى للطاقة النظيفة الصديقة للبيئة، ظهر على الوجه الأخر "بيزنس" جديد غير شرعي هو استخدام  خلايا شمسية مضروبة والترويج لها.

 

"البيزنس" المشبوه الذي تسبب في تصدير صورة مخالفة للحقيقة لدى بعض الضحايا الذين وقعوا فريسة عن جدوى استخدام الطاقة الشمسية والتحول إليها في ظل ما أظهره القائمون عليه من نصب و تلاعب، وما سببه من أضرار خطيره على ممتلكاتهم.

 

"الدستور" تفتح هذا "البيزنس" على لسان ضحاياه، ورأي خبراء الطاقة الشمسية.

 

الحاج حسين أبو عوف: "تلف في الخلايا أحرق مزرعتي"

دخان كثيف غطى أحد أركان مزرعة الحاج حسين أبو عوف، أحد ملاك مزارع  الزيتون بمدينة الوادي الجديد، أعتقد أنه نتيجة حرائق بالمحصول وتبين أنه قادم من أحد جوانب ألواح الخلايا قام بتركيبها ضمن محطة الطاقة الشمسية، لم يمض عليها سوى 6 أشهر فقط، على الرغم من أن الشركة التي قامت بتركيبها قالت له إنها ستستمر في العمل لمدة 25 عامًا.

يقول: "بالبطاطين والمياه كنا نطفيء الحريق"، موضحًا أنه قد نتج عن وجود أحد الكسور الصغيرة في عدد من الخلايا ، ثم امتد إلى باقي الخلايا، ما أدى إلى احتراقها بالكامل،: "الحمد لله ربنا ستر على المزرعة، بس خسرت – يقولها الحاج حسين.

 

وتابع: خسرت 20  ألف جنيه في أشهر معدودة وكادت مزرعتى تضيع.

 

مهندس طاقة شمسية: "غش وخداع"

أوضح المهندس أسامة خاطر خبير الطاقة الشمسية، أن هناك العديد من طرق النصب والغش في خلايا الطاقة الشمسية ، موضحًا أن هناك غش في الخامات التي يتم تركيبها مثل أن يُكتب على "الإينفرتر"، "وهو الجهاز المخصص لتحويل التيار الكهربائي من تيار مستمر إلى تيار متردد صالح للاستخدام"، تاريخ إصدار مخالف للتاريخ الحقيقي، وهو ما يعني أن يكون عمر "الإنفرتر" على سبيل المثال 5 سنوات من تاريخ الإصدار ولكن عمره في الحقيقة سنة واحدة فيفاجئ العميل أنه بعد أشهر قليلة قد تعطل، وذلك نتيجة "طمس" تاريخ الإصدار الحقيقي أو طباعة أخر مخالف أو استخدام السنفرة مع بعض الخامات المعدنية لإخفاء هذا التاريخ.

وتابع: من بين أبرز طرق الغش أيضًا قوة "الشاسيهات" التي تحمل الألواح، كأن تباع "الشاسيهات" على أن طاقة حمولتها هي 3 ملي على سبيل المثال إلا أن يتبين أن طاقة حمولة الشاسيه لم تتعد 1 ملي فقط، وهو ما يتسبب في حدوث حرائق شديدة بالمنطقة التي ركبت فيها تلك الخلايا "سواء كانت مزرعة أو أعلى سطح منزل، أو غيره.

 

يتكون نظام محطات الطاقة الشمسية من عدة مكونات مثل ألواح الطاقة الشمسية، والشاسيهات المسئولة عن رفعها، والخلايا، "الإنفيرتور" والبطارية، بالإضافة إلى الكابلات.

 

أحمد حسين: "تعطلت بعد أسبوع"

"ماكنتش أعرف إزاي الخلايا بتتركب، كل اللي فارق معايا إني أعمل حاجة تدوم مدة طويلة وتوفر لي في الكهرباء" يقولها أحمد حسين مالك إحدى مزارع الدواجن بطريق العلمين، موضحًا أنه قد تعاقد مع إحدى الشركات التي تعلن عن تركيب خلايا الطاقة الشمسية عن طريق الإننرنت، وبالفعل أرسل إليهم لاستبدال نظام الكهرباء لديه بنظام الطاقة الشمسية، من أجل التوفير في الأموال التي يدفعها شهريًا في فواتير الكهرباء الباهظة.

يقول: فوجئت أنه بعد أسبوع واحد من تركيب الخلايا، قد تعطلت تمامًا، وأصبحت غير قادرة على الإنارة.

 

وتابع: حاولت الاتصال بالشركة التي قامت بتركيب المحطة، ووعده مسئول بأنه سيحضر ليحل المشكلة، إلا أنه فوجئ بعدم حضوره بل تهرب، ولم يستطع أحمد الوصول إليه نظرًا لأنه لم يعرف تفاصيل عن عنوان الشركة فكان الهاتف المكتوب في الإعلان فقط هو وسيلة التواصل بينه وبينها.

 

 وأكد أنه لم يكن معه أي أوراق ضمان أو غيره قائلًا: "ماكانش  في بالي أن الخلايا بييجي معاها ضمان.. الموضوع كان جديد علي"،موضحًا أن هذا الأمر جعله يخسر ما قارب من17 ألف جنيه هم ثمن المحطة.

وأشار إلى أن تلك الواقعة جعلته يأخذ انطباعًا سيئًا بشكل عام عن منظومة الخلايا الشمسية، وكانت ستضطره للرجوع إلى نظام الكهرباء، لولا صديقه الذي وصف له شركة لتركيب الخلايا الشمسية المعتمدة، وفي أول زيارة لهذه الشركة لمزرعته فوجئ بما قاله المهندس المسئول عن ما أسماه"جريمة " قد ارتكبتها الشركة السابقة "النصابة" في تركيب الخلايا موضحًا أنها قامت بتركيبها في مكان محاط أغلبه بـshadow، وهو ما يعني عدم وصول أشعة الشمس إلى أغلب الخلايا وبالتالي عدم تحمل الألواح القليلة المعرضة للشمس للطاقة مما عرضها إلى الاحتراق والتلف، علاوة على أن الألواح التي استخدمتها تبين أنها ليست بالكفاءة المطلوبة.

 

 بيتر جوزيف: "سماسرة وغير مؤهلين"

المهندس بيتر جوزيف صبحي مهندس بهيئة الطاقة المتجددة،أوضح أن هناك العديد من الدخلاء والسماسرة على هذا المجال، لا يعرفون شيئًا عن متطلباته، بل يتجهوا لطرق الغش والتدليس للتربح.

أوضح أن من بين أهم الشروط الواجب توافرها أن يكون مهندس كهرباء ويحمل "كارنيه" الطاقة المتجددة لممارسة العمل، مشيرًا إلى أنه قد واجه العديد من المشكلات في عدد من المحطات التي يقوم بإصلاحها أو إعادة تركيبها توضح أن من قام بتركيبها غير مؤهلًا على الإطلاق، وهو ما يتسبب بالعديد من الأزمات التي تتعلق بكفاءة المحطة نتيجة عدم درايته بأنظمة الطاقة المتجددة وتركيباتها على الإطلاق، فهو فقط يقوم بتركيب كابلات كهربائية، غير عابئًا بكيفية توصيلها  بما يضمن الأداء الجيد للمحطة.

 

وأضاف أن هناك العديد من الأنظمة لتركيب الخلايا الشمسية منها ما يتعلق مباشرة بشبكة الكهرباء الحكومية، وهو ما يسمى بنظام ON Grid موضحًا أنه الأقل في إمكانية ارتكاب حيل الغش فيه، وذلك لكون الشركات التي تتعامل به يجب أن تكون حاصلة على شهادة صلاحية ممارسة مباشرة من وزارة الكهرباء.

 

بينما الأنظمة الأخرى والتي تعتمد على تركيب البطاريات مثل نظام Off Grid، والـSolar Pumping، وهي غالبًا ما تكون في المدن البعيدة التي لا تصلها شبكات الكهرباء.

وتابع: بعض الخلايا الشمسية تحتوي على أجزاء تالفة، موضحًا أن الكسر البسيط في الخلية يعني أن هذا الجزء "ميت" لا يمكنه استقبال أشعة الشمس ومن ثم تحويلها إلى طاقة كهربائية مما يزيد الحمل على باقي الخلايا الكائنة بألواح الطاقة ويزيد من درجة حرارتها، ما يؤدي إلى ما يسمى بHOT SPOT الأمر الذي ينتج عنه اشتعال الخلية المصابة وانتقال النيران إلى الخلايا المجاورة.

 

و أشار إلى أن من بين أكثر طرق الغش شيوعًا أيضًا التلاعب في عمر بطاريات التشغيل كأن يتم ادعاء أن صلاحيتها تمتد مدة طويلة وذلك بعكس حقيقتها، كذلك ادعاء أن المحطة تحتاج عدد قليل من البطاريات وينتج عن ذلك التحميل على كل بطارية أعلى من قدرتها، بهدف البيع بسعر أرخص وهو ما يتسبب في النهاية بالعطل السريع للمحطة، وقد يحدث عنها وقوع كوارث عدة.

 

سمير عبد الحميد: "حاولت أوفر.. خسرت"

التوفير في السعر كان هو السبب الذي جعل سمير عبد الحميد أحد سكان مدينة طنطا  يتجه إلى واحدة من الشركات التي تملأ إعلانتها صفحات الفيس بوك  لبيع الخلايا الشمسية لتركيبها على سطح عمارته، موضحًا أنه قد اتجه إلى الأرخص سعرًا ظنًا بذلك أنه سيوفر.

 

تابع: جاء شخصان من أحدى الشركات، وقاما بتركيب الخلايا، ولم يمر سوى أيام حتى توقفت عن العمل، وعند محاولته الاتصال، تشاجر معى أحد المسئولين، مدعيا أن العيب في الاستخدام وليس في الخلايا.


محمد الجبالي: يجب اختيار شركات مرخصة من هيئة الطاقة المتجددة

أكد الدكتور محمد جبالي مهندس الطاقة المتجددة أن هناك بعض الأشخاص الذين يقومون باستيراد الألواح من الصين، وذلك دون الزجاج والشاسيه، ليتم تصنيعهما داخل بعض المصانع "تحت بير السلم" وبالطبع يكونوا على غير القدر الكاف من الكفاءة على الإطلاق، مشيرًا إلى أنهم لا يكتفوا بذلك بل يقوموا بكتابة قيمة مغايرة لقيمة تحمل اللوح الحقيقية كأن يقوموا بكتابة أن قدرتها 335 وات، بينما هي ذات قدرة  250 فقط مما يعني السرقة في قيمة الوات الذي تقدمه تلك الألواح، مما يعطي جودة أقل للعميل.

 

ودعا العميل للاتجاه إلى شركات مضمونة ومعتمدة بهيئة الطاقة المتجددة والطاقم الذي يعمل بها.

وتابع: يجب معرفة أن الفروق الكبيرة في الأسعار أمر لابد أن يثير الشك لدى العميل، مشيرًا إلى أن أصغر محطة يمكن تركيبها على أي وحدة سكنية تبلغ قدرتها 5 كيلو وات، يمكنها توفير من قيمة فواتير الكهرباء ما يقرب من 1000 جنيه مصري شهريًا كما تتراوح تكاليف إنشائها حاليًا بين80 و 90ألف جنيه مصري، موضحًا أن الشركات التي تقدم أسعار  تقل كثيرًا عن ذلك المبلغ يعني بالفعل أن هناك غش ونصب بإحدى المكونات، فهو أمر طبيعي إذ أن هذه الألواح تأتي من الصين بتكاليف مرتفعة.

 

 ولفت “الجبالي” إلى أن استرداد قيمة الأموال التي دفعها المستهلك لإنشاء محطة شمسية بقدرة 5 كيلوواط يتطلب بين 3 و4 أعوام، وهذه قيمة مجدية بالنسبة للوحدات السكنية التي تستهلك أكثر من 1000 كيلووات.

الصين الأولى في إنتاج الألواح الشمسية

وتعد الصين تُعَد الأولى في العالم في إنتاج الألواح الشمسية كما أن 90% من الألواح الشمسية في مصر مستوردة منها.

 

وبحسب بيانات حكومية، بلغ إنتاج مصر من الطاقة الشمسية نحو 4.5 ألف جيخاوات في الساعة، خلال عام 2021، وتم رفع نسبة الطاقة المتجددة المستخدمة في توليد الكهرباء إلى 20% بنهاية عام 2021، كما  تنتج مصر 1.9 جيجا وات من الكهرباء.

وكانت قد وقعت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة عقد إنشاء محطة خلايا شمسية لإنتاج الكهرباء بقدرة 50 م. و. بالزعفرانة، كما تم توقيع عقد استشاري لمحطة ألواح شمسية بقدرة 50 ميجا وات في كوم أمبو.

 

تعتبر مصر والإمارات والمغرب والأردن من أوائل الدول العربية التي بادرت بإنشاء محطات إنتاج كهرباء من طاقة الطاقة الشمسية.