رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الزحف المُربح.. «الدستور» ترصد عالم تجارة الأبراص فى مصر «تحقيق»

تجارة الأبراص
تجارة الأبراص

ربما لا يتخيل أحد أن البرص المصري (زواحف) الذي بمجرد رؤيته في الشوارع أو المنازل يتم قتله خشية من أضراره، أنه تجارة مربحة وعمل دائم للبعض في مصر يدر من ورائه أموالا طائلة على مختلف أنواعه، إذ تباع تلك الأبراص بالعملة الصعبة في بعض الأحيان في عالم بيزنس الأبراص المصرية.

 

وحين انتشر البرص المصري في إسرائيل وتحديدًا تل أبيب خلال العام الحالي، أحدث ذلك ضجة شديدة ورعبا وخوفا لمن يلاقيه بالرغم من أنه ليس ضارًا، بل كان يتم قتل كميات منه على يد السلطات، ولم تع وقتها أن البرص الواحد يجسد أموالا طائلة ويمكن العيش من خلال الربح الذي يديره.

 

في مصر نشطت تجارة الأبراص منذ سنوات، سواء داخل القرى المتطرفة في بعض المحافظات، أو وجود مجموعات متخصصة فيه بيعه على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

"الدستور" دخلت ذلك العالم لمعرفة تفاصيله وكيف تدار عمليات البيع وإلى أين وصلت الأسعار، إلى جانب آراء الخبراء والمختصين في ذلك الأمر.

 

تجارة نشطة على الفيسبوك: "سعر البرص يصل إلى 50 ألف جنيه"

في البداية فإن مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تنشط بها تلك التجارة بشدة، ولكن لا توجد بشكل صريح "بيع وشراء أبراص مصرية"، ولكن تكون تحت غطاء مجموعات بيع الزواحف والطيور الجارحة أو السحالي والحيوانات النادرة وذلك بسبب عدم معرفة الكثيرين بأسعار البرص المصري وأنواعه بحسب مسئول صفحة تسمى "زواحف وطيور جارحة" متخصصة في تلك التجارة.

توصلنا مع المسئول من أجل معرفة الأنواع والأسعار والكميات التي من الممكن توافرها، وادعت "محررة الدستور" أنها لديها فيلا ملحق بها حديقة تضم العديد من الحيوانات مثل النسور والزواحف والسلاحف وغيرها وتريد شراء 5 أبراص مصرية من أنواع مختلفة.

 

أوضح المسئول أن هناك أنواعا تعيش في الصحاري فقط ولا يمكن الاحتفاظ بها في المنازل بسبب عدم تعودها على تلك البيئة، مبينًا أن هناك أنواعا أخرى منزلية يمكن الاحتفاظ بها ويسمى "البيتي المنقط" وهو الأقل في السعر يصل إلى 4 دولارات ويمكن للتاجر شراؤه وزيادة سعره للبائع وبعد 40 يوما تضع الأبراص البيض من التزاوج وتزيد.

 

وبين أن زبائنه إما مصدرون للبرص المصري أو طلاب يقومون بعمل أبحاث علمية، ويستخدم في ذلك البرص الأصفر وسعره 15 دولارا، موضحًا أن البرص النمر هو الأغلى في السعر يصل إلى 50 ألف جنيهًا، ويتاجر فيه الكثيرون بسبب تجارته المربحة وتصديره للخارج.

هدى الملاح: "البرص المصرى مصدر مصر فى جلب العملة الصعبة"

وعن تلك التجارة، قالت الدكتورة هدى الملاح، مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى وخبير اقتصادي بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، إن تجارة الأبراص في مصر خطوة فعالة نحو مستقبل مشرق، فهي تجارة ذات مردود اقتصادي كبير، وقد أقبل عليها بعض التجار مؤخرًا، بعد إداركهم الأهمية القصوى للمتاجرة بأنواع معينة من الأبراص المصرية.

 

وأوضحت الملاح: "إن دول الخارج تحرص كل الحرص لاستيراد كميات كبيرة من الأبراص المصرية نظرًا لاستخداماته المتعددة، حيث تستخدم تلك الأبراص مصدرًا لغذاء بعض الزواحف كالثعابين، والذين يحرصون بالفعل على تربيتهم للاستفادة من جلودهم، لا سيما اعتماد العلماء والطلاب على تلك الأنواع من الأبراص بالأبحاث العلمية لإجراء التجاراب".

وأضافت: "كما يتم استيراد البرص المصري للتربية كهواية، إحنا في مصر بنخاف منه ونضربه بس الدول بالخارج عارفين قيمة البرص المصري، وبيعرفوا بيستفيدوا منه ياريت نعرف ونتعلم أكيد ده هيفرق معانا وهيعود على الاقتصاد المصري بالإيجاب".

 

واستكملت: "مارس أهالى قرية أبو رواش من منازلهم تجارة  الأبراص، والتي كانت بمثابة نقطة فارقة في حياتهم فقد عملت على تحسين ظروفهم المعيشية بشكل ملحوظ" مؤكدة ضرورة وجود دراسة جدوى لتصديره، حتى يحقق عائدا اقتصاديا كبيرا، وذلك من خلال جمع بيانات عن الدول المستوردة لتلك الأنواع من الزواحف والتي يزداد عليها نسب الإقبال، إلى جانب معرفة طريقة التربية السليمة، وطريقة التخزين المناسبة".

 

وأردفت: "تجارة الأبراص في مصر لن تكون مكلفة إطلاقًا، لأنها تحتاج فقد إلى أيدي عاملة تقوم باصطياد الأبراص من الحقول والبيئات التي يتواجد فيها بكثرة: "مضيفة ده هيخلق فرص عمل كبيرة للشباب والناس اللي محتاجة تشتغل، غير كدة إنه هيكون مصدر مصر في جلب العملة الصعبة من دول الخارج حيث إن سعر البرص بيصل إلى 40 ألف جنيه".

 

أستاذ علم الحيوان: "البرص المصرى يحافظ على التوازن البيئى"

ويعتبر البعض أن للبرص أضرارا ووجب قتله، إلا أن الدكتور محمود عصام أستاذ علم الحيوان بكلية العلوم، نفى وجود أضرار من الأبراص المصرية الموجودة في البيئات المختلفة، موضحًا أن الأبراص ذات تنوع بيولوجي كبير فهي متعددة الأنواع وكذلك مختلفة الألوان والأشكال.

وأضاف: "وتعتبر من رتبة الحرشفيات التي تنقسم إلى عدة فصائل وأجناس"، مضيفًا أنه يستوطن بالمناطق الأكثر دفئًا لذا كثير الظهور بفصل الصيف وخاصة بالبيئات الصحراوية التي تمتاز بارتفاع درجة حرارتها".

 

وتابع: "البرص المصري من أجود الأنواع ويحافظ على التوان البيئي، فقد يتغذى على مجموعة كبيرة من الحشرات الضارة كالذباب والبعوض، وفي الوقت نفسه يعد غذاء رئيسي لكثير من الطيور".

 

وأشار إلى أن الكثير لا يعتاد على رؤية تلك الأبراص ولا سماع أصواتها المصدرة، بل ويقومون بقتلها والتخلص منها، دون تدارك أهميته وفوائدها الجمة، فهو ليس مؤذيًا ويمكن التخلص منه بسهولة.

واستكمل: "إن تجارة الأبراص في مصر من أبرز الخطوات الفارقة التي اتجه إليها الكثير من التجار والمربون، حيث يقبل جميع دول الغرب على شرائها بآلاف الدولارات، وذلك لإمكانية الاستفادة منها في اتجاهات عدة، منوهًا إلى مدى المنافع الجمة والمكاسب التي يمكن أن تحققها تجارة الأبراص المصرية، ومن ثم يجب على الدولة تسليط الضوء على تلك التجارة المربحة لتعظيم الاستفادة منها.

 

قرية أبورواش: "النساء يعملن فى تجارة الأبراص أيضًا"

وكان حديث الدكتورة هدى الملاح عن قرية أبو رواش في الجيزة بأنها تنشط بها تجارة الأبراص، جعلنا نتوجه إلى هناك ونتواصل مع إحدى السيدات التي تعمل برفقة زوجها في تلك التجارة بالقرية إلى جانب ابنها وابنتها.

 

وتخصصت هذه العائلة في بيع الأبراص أنواع: "الوزغ، أو أبو بريص" وهي أنواع تربى في البيت وأسعارها تصل إلى 5 جنيهات أو 10 جنيهات، ولكن التجار يتشرون كميات ضخمة منها لذلك تدر عليهم ربحا كبيرا خلال العام.

وبينت أن تلك الأبراص تنتشر في المزراع وعلى أسطح البيوت فيقومون بجمعها بطرق معينة وإطعامها لفترات حتى تتزاوج وتضع البيض فيتم البيع وتربية المتبقي مع صيد أبراص جديد وهكذا.

 

خبير زراعى: "البرص المصرى لا يفتك بالمحاصيل الزراعية فهو صديق البيئة"

حسام رضا، خبير زراعي ومدير عام الإرشاد الزراعي السابق، قال إن الأبراص المصرية ثروة ضخمة يجهلها الكثيرون، والمتاجرة بها تحقق الكثير من المنافع الاقتصادية لمصر، فحيث يصل سعر البرص الواحد بالخارج إلى 40 ألف جنيه.

 

ويتابع: "البرص المصري من الزواحف التي تعد مصدرا رئيسيا في غذاء العدد من الحيوانات كالثعابين وغيرها، تنتشر في الصحاري عادًة ويمكن أن تتواجد بالمنازل والحدائق، ومن ثم يكثر الطلب على شرائها من دول الخارج بمبالغ مالية باهظة الثمن".

 

"يصدر الوزغ روائح كريهة، يمكن أن  تسبب العديد من الجراثيم والبكتيريا التي يمشي عليها، كما يمكن أن يصيب الإنسان بداء السلامونيلا، لكن لا ينتج عنه أي آثار سلبية تسبب خلل بالبيئة، كما أنه لا يفتك بالمحاصيل الزراعية، ويتغذى على الحشرات الضارة، ومن ثم فهو حيوان صديق للبيئة" بحسب الدكتور حسام.

وأضاف "إن البرص لا يشكل أية أضرار ولكن وجوده بالمنزل هو الضرر بحد ذاته، فهو يقوم بالنفث في الطعام، والذي يشكل بدوره خطرًا جسيمًا على الإنسان، ومن ثم يجب معرفة أسس تربية هذا النوع من الزواحف حتي يمكن تعظيم الاستفادة منها".

 

أغلى برص يصل إلى 10 دولارات

وفي مقال له للدكتور زكي قاسم، أستاذ الوراثة في كلية الزراعة جامعة المنيا بعنوان: " حقيقة تجارة الأبراص المصرية" قال: " إن الأبراص تعد تجارة تصديرية رابحة، والتصدير يتم لدول أوروبا وآسيا لإجراء الأبحاث العلمية عليها، ويتم تجهيز الشحنة من حيث التغليف الجيد".

 

بالنسبة للأسعار كتب: "فهي متباينة فأغلى برص يصل إلى 10 دولارات والأرخص يبدأ من 2 دولار، لكن المشقة تكون في رحلة صيد البرص المصري، فأنواعه متعددة وكذلك أشكاله وألوانه، وهو نوع من السحالي الصغيرة، من طائفة الزواحف ورتبة الحرشفيات، وتتراوح معظم الأنواع من 3 إلى 15 سم طولًا".