رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دائرة الخطر.. كل شىء عن «ألعاب تيك توك» القاتلة: كيف تنقذ أطفالك من الموت؟

جريدة الدستور

كريمة أبوزيد - ريم محمود- هبة محمد - فاتن خديوى- سارة سعودى - نورهان عبدالرحمن- سمر مدحت

 

لم تكن إصابة طالب مراهق بالشلل بسبب «تحدٍ» على تطبيق «تيك توك» إلا جرس إنذار لمئات من الأسر، فى ظل إقدام كثير من الأطفال والمراهقين والشباب على تنفيذ مثل هذه التحديات التى تكون مميتة، بداية من تحدى «كتم الأنفاس» و«تشارلى» وصولًا إلى «القذف لأعلى».

وتعرض أحمد خالد، طالب بالمرحلة الإعدادية فى إحدى المدارس الخاصة، للشلل، بسبب إصابة قوية فى الفقرات، إثر سقوطه على عنقه، بينما كان يؤدى مع زملائه تحديًا على تطبيق «تيك توك».

وظهر الطالب فى فيديو مع زملائه وهم يرفعونه عاليًا، ثم تركوه يسقط أرضًا، ونتج عن ذلك كسر فى فقرات الرقبة، نقل على إثره إلى المستشفى فى حالة خطيرة.

ونشر الدكتور بيشوى نبيل، طبيب متخصص فى جراحة العظام والمفاصل، صورة لأشعة على فقرات الطالب، الذى ذهب إليه وهو يعانى من عدم القدرة على الحركة، مشيرًا إلى أن الفحص بيّن إصابة الطالب بالشلل، جراء كسر فى الفقرات العنقية وضغط شديد على النخاع الشوكى، بسبب «تحد» على «تيك توك»، مستبعدًا تحسن حالته فى المستقبل.

واسترعى ما حدث انتباه وزارة التربية والتعليم، التى وجهت جميع الإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية بالتنبيه على مديرى المدارس لمراقبة أى أنشطة غير معتادة للطلاب قد تضر بهم، وتنفيذ حملات توعية بأضرار الألعاب الإلكترونية، التى يسعى بعض الطلاب لتطبيقها على أرض الواقع.

«الدستور» تحاول فى السطور التالية الإجابة عن سؤالين: ما الذى يدفع الشباب والمراهقين والأطفال للاتجاه إلى هذه الظاهرة الخطيرة؟.. وكيف يمكن مواجهتها؟

 

محمد هانى: «أنا كبرت» وراء الاتجاه للألعاب المميتة

رأى الدكتور محمد هانى، استشارى العلاقات الأسرية، أن الحل الأمثل لمواجهة ما يسمى «تحديات التيك توك» هو الرقابة المشددة من قبل الوالدين، عبر متابعة الأب أو الأم أو كليهما لما يشاهده الأبناء على مواقع التواصل الاجتماعى بصفة عامة، وليس فقط «تيك توك»، تجنبًا لحدوث أى «كوارث».

وقال «هانى»: «الطفل الذى أصيب فى ظهره كان يحاول تقليد محتوى شاهده على (تيك توك)، يقيس نسبة التحمل، وما دفعه إلى ذلك هو الفضول لتجربة الأمر، إلا أنه أصيب إصابة عرضته للشلل، وذلك بسبب بحثه المستمر عن (التريند) ومحاولة تقليده». وأضاف: «الأطفال فى مرحلة المراهقة يمرون بفترة خطيرة، ويكون لديهم ما تسمى (سيكولوجية التقليد)، وبالتالى إذا ما شاهد أى منهم أى تحد على (تيك توك) سيحاول تقليده، وفى الوقت نفسه يكون لديهم تأثر كبير بالمحيطين، فيرغب فى أن يثبت أمام أصدقائه أنه كبر وأصبح رجلًا، ويستطيع أداء هذه اللعبة الخطرة دون خوف». وواصل: «لو الأسرة بعيدة طوال الوقت عما يشاهده الطفل ستحدث كوارث يفاجأ بها الوالدان، لذا ينبغى الاقتراب أكثر من المحتوى الذى يتابعه الأطفال، ومعرفة لماذا يقضون أوقاتًا طويلة مع صناع المحتوى، الذين ينشرون أشياء سيئة يوميًا». وكشف عن أن أكثر الفئات انجذابًا لما يُنشر على «تيك توك» هم الأطفال والمراهقون، لذا فإن الرقابة هى الحل.

جمال فرويز:  منع التطبيق يؤدى لنتائج عكسية 

قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، إن التوعية هى الحل الذى يلجأ إليه الوالدان فى تلك المرحلة، لأنهما لن يستطيعا منع الأطفال من الاطلاع على المحتوى، فى ظل قضاء الطفل والمراهق أوقاتًا طويلة على مواقع التواصل الاجتماعى.

واعتبر أنه لا يمكن منع «تيك توك» فى مصر، لأن الأطفال والمراهقين وقتها سيدخلون من «حسابات دولية»، مضيفًا: «أى منع سيقابله تمسك بشكل أكبر، لأن الأمور خرجت عن السيطرة حاليًا، وأصبح (تيك توك) عالمًا ثانيًا دخله الأطفال ولن يستطيعوا الخروج منه، سوى بالتواصل والتوعية، والإجابة عن كل أسئلتهم، وتوطيد علاقتهم بالأهل».

تامر شوقى:  نوع من التمرد والشعور بالاستقلالية

أرجع الدكتور تامر شوقى، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس، انتشار الألعاب الخطيرة بين الطلاب فى المدارس إلى تجمعهم دون رقابة وفى شكل شبه عشوائى. وأرجع الظاهرة كذلك إلى الطاقات الانفعالية المكبوتة لدى الأطفال والمراهقين، وعدم تفريغها بصورة صحية من خلال ممارسة الأنشطة الرياضية والفنية المختلفة داخل المدرسة، وميل المراهقين إلى الألعاب التى يرفضها الكبار كنوع من «التمرد» الذى تتميز به فترة المراهقة ولكى يشعروا باستقلاليتهم، والميل إلى التقليد الأعمى، الذى يدفعهم إلى الألعاب التى تتسم بالإثارة والخطورة.

منى أبوغالى: الأب والأم «مش فاضيين لولادهم»

رأت الدكتورة منى أبوغالى، الخبيرة التربوية، أن هناك غيابًا ملحوظًا للرقابة فى المنازل والمدارس، مبينة أن الأهالى انشغلوا بتوفير ما يلزم لأولادهم من دروس ومأكل ومشرب، وتركوهم مع أجهزة «الموبايل واللاب توب والتابلت» دون متابعة.

وألقت باللوم أيضًا على المدارس، التى أصبح كل ما يهمها هو الانتهاء من المناهج، وترك الطلاب أثناء حصص النشاط أو الفسحة دون مراقب وإشراف، محذرة من أن واقعة الطالب لن تكون الأخيرة، بل تمثل جرس إنذار لكل أولياء الأمور. وأضافت الخبيرة التربوية: «يجب على الأهل متابعة أولادهم وتوعيتهم، وتشديد الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعى، التى أصبحت كثيرة جدًا، والمحتوى الأغلب عليها غير مناسب».

عاصم حجازى: توفير أنشطة جاذبة للأطفال ضرورى للحل

قال الدكتور عاصم حجازى، خبير تربوى، إن انتشار «تحديات التيك توك» جعل أولياء الأمور يشعرون بالقلق، لأن تلك التحديات يمكن أن تؤثر على صحة الأطفال أو تقتلهم، وأصبح أولياء الأمور والمعلمون يحاولون البحث عن أسباب انتشار تلك الظاهرة.

وأضاف «حجازى»: «أهم أسباب انتشار تلك الألعاب عدم توافر أنشطة جاذبة فى المدارس، قادرة على الاستحواذ على اهتمام التلاميذ وجذب انتباههم ومتوافقة مع ميولهم واهتماماتهم»، موضحًا: «ممارسة الألعاب الرياضية والترفيهية داخل المدارس لا تخضع لإشراف حقيقى من معلمى الأنشطة وإخصّائيى النشاط».

عبير أحمد: أطلقنا حملة «لا للتقليد الأعمى»

أطلقت عبير أحمد، مؤسس ائتلاف «أولياء الأمور»، مبادرة «لا للتقليد الأعمى»، وذلك بعد انتشار ألعاب خطيرة قد تؤدى إلى الموت بين طلاب المدارس.

وقالت «عبير»: «المبادرة تهدف إلى توعية أولياء الأمور والطلاب بخطورة التقليد بشكل عام دون التفكير واستخدام العقل فى الشىء الذى نقوم بتقليده»، مشيرة إلى أهمية قيام أولياء الأمور بتوعية أبنائهم بخطورة التقليد الأعمى، وأهمية تعريف الأبناء بالبعد عن كل ما هو شاذ فى المجتمع.

وأكدت أن ألعاب برامج «تيك توك» قد تؤدى إلى الموت بين طلاب المدارس، مثل لعبة «كتم الأنفاس».

محمد مجدى:  يجب تضافر جهود أولياء الأمور والمعلمين

أكد محمد مجدى، معلم، أن تحديات «تيك توك» خطيرة للغاية ولا بد من توعية التلاميذ وأولياء الأمور بأهميتها، وتضافر جهود المعلمين وأولياء الأمور، وإطلاق حملات توعوية كثيرة.

وأضاف «مجدى»: «الطلاب يمارسون الكثير من العادات التى تؤدى إلى الموت البطىء، مثل تناول الطعام والشراب غير الصحى، ومنها المياه الغازية والمقرمشات واللحوم المصنعة وبعض من أنواع الأطعمة مجهولة المصدر، وكل هذا لا يحتوى على قيمة غذائية تفيد جسد الطلاب، وبالتالى النتيجة هى بنيان ضعيف هش غير قادر على التركيز والاستيعاب والفهم ومواصلة الدراسة، ما يؤدى إلى وجود أجيال ضعيفة مريضة جسديًا فى المستقبل».

«الطفولة والأمومة»: على الأهل متابعة الصغار وتعريفهم بمخاطر هذه الألعاب 

جدد المجلس القومى للطفولة والأمومة تحذيره من محاكاة الأطفال وطلاب المدارس التحديات الخطيرة لأحد التطبيقات الإلكترونية، التى يمثل بعضها حمل مجموعة من الطلاب لزميلهم ودفعه لأعلى ثم تركه يسقط، وذلك بخلاف تحدى كتم الأنفاس الذى يقلل بشكل تدريجى من دخول الأكسجين للرئتين والمخ حتى يفقد الوعى ويتم تصويره وبعدها تجرى إفاقته».

وناشد المجلس القومى للطفولة والأمومة أولياء الأمور متابعة أطفالهم وتعريفهم بمخاطر مثل تلك الألعاب على التطبيقات والمواقع الإلكترونية، ورفع وعيهم بعدم محاكاة أى فيديوهات أو مشاهد يتلقونها عبر الإنترنت، وبناء الثقة معهم لحمايتهم من مخاطر تلك الألعاب القاتلة، وتعريفهم بأن محاكاة تلك الألعاب تؤدى إلى مشاكل وأضرار صحية قد تؤدى إلى الوفاة.

وأفاد المجلس بأن نسبة الأطفال المستخدمين للإنترنت فى مصر تصل إلى ٣٤٪، وهى من أعلى النسب عالميًا، ما يتطلب تدخلات وقائية لمواجهة هذه المخاطر بهدف حماية الأطفال على الإنترنت، ودعم الاستخدام الإيجابى للإنترنت والتقنيات الرقمية واستخدام أدوات تقنية للحد من المحتوى الضار على الإنترنت. 

«التعليم»:  نراقب الظاهرة فى المدارس ونبحث آليات العلاج

كشفت مصادر بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى عن أن أجهزة الوزارة تتابع عن كثب انتشار استخدام الألعاب الإلكترونية وتقليد «تحديات تيك توك» فى المدارس، وتدرس كيفية مواجهتها وتوعية الطلاب بخطورتها.

تأتى الخطوة عقب رصد انتشار لعبة استدعاء الجن أو ما يُعرف بـ«تحدى تشارلى» فى المدارس وانتشار تحديات أخرى خطيرة تسبب تقليدها فى إصابة طالب بإحدى المدارس بالشلل بعد أن قفز لأعلى بمساعدة زملائه وسقط على ظهره. وأضافت المصادر، لـ«الدستور»، أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى تسعى لعمل حملات توعية بين الطلاب من خلال الإذاعة المدرسية وداخل الفصول أثناء الحصص بخطورة هذه الألعاب أو التحديات.

وأكدت المصادر أن بعض المديريات التعليمية سوف تقوم خلال الفترات المقبلة بعمل برامج علاجية للتوعية بخطورة هذه الألعاب، إضافة إلى إشراك المدرسين وأولياء الأمور فى خطط العلاج، إضافة إلى رفع الوعى من خلال قنوات «مدرستنا» التابعة لوزارة التربية والتعليم.

وقالت مصادر رسمية بالوزارة إنها وجهت الإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية بالتنبيه على مديرى المدارس بمراقبة أى أنشطة غير معتادة يقوم بها الطلاب قد تضر بهم، وتنفيذ حملات توعية بأضرار الألعاب الإلكترونية التى يسعى بعض الطلاب لتقليدها وتصوير أنفسهم أثناء ذلك.

«اتصالات النواب»: مشاركة فيديوهات الحركات الخطيرة تحريض يستوجب العقاب

قال النائب أحمد بدوى، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن المجلس من خلال لجنة الاتصالات يسعى لأن تكون هناك مواكبة تشريعية مع أى جديد يطرأ على المجتمع المصرى، وإن هناك تحركًا للجنة فى هذا الإطار.

وأضاف، لـ«الدستور»، أنه سيكون هناك تنسيق الفترة المقبلة بين لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة الاتصالات ووزارة التربية والتعليم لنشر التوعية بخطورة هذه الألعاب والنصح بعدم تقليدها. وأوضح «بدوى» أن اللجنة سبق أن اتخذت إجراءً واضحًا تجاه تلك الأفعال التى قد تؤدى إلى وفاة الأطفال، مشيرًا إلى أن اللجنة أعدت بيانًا قبل نحو شهر بأهمية دور الأسر فى توعية الأبناء بخطورة تلك الألعاب والتحديات وتجنب التقليد الأعمى لها.

وأشار إلى أن الأسر تتحمل الجزء الأكبر من مسئولية التوعية وتوجيه أبنائهم والإشراف على استخدامهم مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعى.

وشدد رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على أن تداول تلك التحديات يعد جريمة يعاقب عليها القانون، فعمل «مشاركة» لأى فيديو يعرض أشخاصًا يؤدون حركات خطيرة يُعد تحريضًا ضمنيًا يستوجب معاقبة فاعله بالقانون.