رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الجسد لا يرحم».. لماذا يبدو البرتغال أفضل دون رونالدو؟

رونالدو
رونالدو

لم يصدق كريستيانو رونالدو، ما قاله منافسه ليونيل ميسى قبل سنوات، إنه بمرور الوقت وتقدم العمر فإن الجسد لا يرحم، والأغرب أنه بتحقق تلك المقولة وتحولها واقعًا مريرًا على «الدون»، لا يزال عشرات الملايين حوله ينكرونها، حتى لو كانوا بداخلهم يؤمنون بخلاف ذلك.

فى مانشستر يونايتد المكان الذى صنع أسطورة رونالدو وأعطاه أكثر من أى مكان آخر، خرج «الدون» مهانًا، وبعراك لن يزول أثره طوال العمر بعدما اختصم فى خلافه الجميع: إدارة ولاعبين وجمهورًا وإعلامًا. ومع منتخب بلاده تجلت الحقيقة بصورة أوضح فى مباراة البرتغال الأخيرة أمام منتخب سويسرا، فلما جلس بديلًا أصبح فريقه شرسًا، وقدم أداءً هو الأفضل منذ انطلاق البطولة. لم يكن الأمر قاسيًا على «رونالدو»، لأن المنتخب البرتغالى تحول كليًا واكتشف مكامن قوته فى غيابه، وفاز بستة أهداف فحسب، بل زاده وجعًا أن بديله جونزالو راموس، قدم أفضل أداء فردى للاعب برتغالى فى البطولة حتى وقتنا الحالى، بل وسيأتى ضمن الأفضل فى تاريخ البرتغال وسينافس فى هذه النسخة، بعدما سجل ٣ أهداف وصنع هدفًا رابعًا.

فى زمن أصبح فيه التكتيك هو الغالب، وتلاشت الجوانب الجمالية كثيرًا، لم يعد هناك متسع للاعب يقدم مردودًا بدنيًا ضعيفًا، ولا يمكن القبول باستثناء فرد واحد من منظومة الضغط فى الحالة الدفاعية، ومن الحركية وتبادل الأدوار فى الحالة الهجومية. هذا ما لم يستوعبه محبو رونالدو، فنجمهم الأسطورى ليس قادرًا على ممارسة الضغط بنفس القوة المعهودة عنه، وحينما تستثنى لاعبًا من هذا الدور تفقد كثيرًا من قوتك فى الافتكاك، ومن ثم امتلاك الكرة وقتًا أطول، وبالتبعية التحكم فى إيقاع المباراة.

هذا ما جرى على الأرض ليلة اغتيال سويسرا بسداسية. فريق يضغط بمنظومة ١٠ مدافعين وقت خسارة الكرة، وحرية أكبر لجواو فيليكس الذى وجد من يعينه بالمقدمة، فبديل «رونالدو» جونزالوا راموس لم يتوقف عن التحرك وفتح المساحات وطلب الكرة فى أماكن وتوقيتات مثالية.

الأدهى من كل ذلك، بل والمفاجأة الكبرى، أن «راموس» ينهى الهجمات بشكل خيالى ويسجل من زوايا شبه مستحيلة، ففى الهدف الأول سجل من زاوية ميتة، نسبة التهديف منها تكاد تكون معدومة، وكذلك هدفه الثانى كان نموذجًا لرأس الحربة فى التحرك، وكيفية تحويل الكرة العرضية بإحساس عالٍ رغم صعوبة التسجيل من هذه الزاوية أيضًا.

لصالح البرتغال اللعب دون رونالدو، الفريق صار أكثر تكاملًا، وراموس منحه حيوية أكبر، وقوة هجومية أعلى فاعلية، وصلابة خططية يحتاجها فى باقى الأدوار.

ولصالح رونالدو ألا يكون سببًا فى الانتكاسة، وأن يشهد فريقه يتقدم للأمام، وأن يكتفى بدور بديل قد يضيف شيئًا فى الربع ساعة الأخير، وهذا سيكون ملائمًا أكثر لحالته البدنية وتقدم سنه. حينما يدخل رونالدو بديلًا فى آخر المباراة بطاقة كاملة أمام لاعبين منهكين بدنيًا، سيمتلك ميزة لا ينالها حين يبدأ، وفى خواتيم المباريات تتواجد الفرص أكثر وتزداد معدلات التهديف، وهنا قد يكون له حضور تاريخى يجعله يختتم مسيرته بالخروج من باب الكبار والأساطير، فهل يعترف ويسلم بنصيحة ميسى؟