رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقييم الحالة السعودية فى المونديال

خرج المنتخب السعودي من المونديال بعد الخسارة من المكسيك بهدفين مقابل هدف أحرزه سالم الدوسري في الوقت بدل الضائع من المباراة الأخيرة الصادمة للأخضر في مربعه الذي انتهت مبارياته في دوري المجموعات بتأهل الأرجنتين وبولندا. تظل المباراة التي لعبتها السعودية أمام الأرجنتين، ابتداء، وكسبتها بهدفين نظيفين مقابل واحد؛ عملًا رائعًا صنعه جهد صادق متكامل، سعدت به المملكة والدول العربية بأسرها وحاز إعجاب العالم بدون شك، لا سيما والمنتخب الأرجنتيني أحد المنتخبات المرشحة لنيل الكأس، كما أنه يضم اللاعب الفذ "ليونيل ميسي"!
لم أكن من الذين رأوا النصر على الأرجنتين مدعاة للاحتفال الإعلامي المستمر بالمناسبة؛ فهذا يعكس اعترافًا ضمنيًا بالتفوق الكبير للمنتخبات الأجنبية على العربية، وإن كانت متفوقة هكذا حقًا فليس من الحكمة إظهار الأمر على النحو الذي ظهر به كأنه معجزة يصعب تكرارها؛ فالكرة وارد فيها كل شيء، كما أن المنتخبات العربية احترفت وتطورت، منذ أزمنة، وملأت صحائف الدنيا نجومًا وبطولات.. 
مباراة بولندا كانت المباراة الأجمل التي أداها السعوديون، على الرغم من هزيمتهم فيها، فقد كافحوا بساحتها كفاحًا عظيمًا دنا إلى الإثمار، ولولا قلة الخبرات وغياب التكتيك المناسب لسير اللعب؛ لكانوا فازوا بها وكانوا صعدوا من خلالها إلى الدور التالي، قبل أن يرتبك مستواهم، بشكل محير، في اللقاء الأخير مع المكسيك.
لدى السعودية حارس جدير بالإشادة هو "محمد العويس"، من النوعية الشجاعة التي تستبسل في الدفاع عن مرماها، لكن مثله، للأمانة، يحتاج إلى خط دفاع قوي متماسك، يصحح أخطاء قد تنجم عن اندفاعه الجريء، ويحتاج، بالضرورة، إلى مهاجمين سراع خطافي أهداف، يجعلونه في أمان بإيجابيتهم أمام مرامي الخصوم.
هناك لاعبون جيدون للغاية في المنتخب السعودي، لكنهم يملكون عيوب الكرة العربية عموما، وأبرزها الحماسة التي يتلوها الانطفاء، من حيث التراجع بعد
التقدم، والفشل في الحفاظ على اللياقة البدنية!
أطالب هنا ببناء عال على هذا المنتخب العربي المعتبر، تغيير مدربه، وتحديث إدارته، وإمداده بكل أسباب الصمود والترقي، والدفع بصغار موهوبين إلى صفوفه، يحملون العبء القادم مع الكبار الراسخين. 
لم ينته المونديال بعد، المونديال الذي احتضنه العرب هذه المرة فصار عربي النكهة بتنوعات أعلامه وجماهيره، لم تنته أحداثه ولا مفاجآته ولا متعه الوافرة، ولكن انتهى الوجود السعودي فيه، انتهى بعد أن حلقت بنا الكرة السعودية في أعالي السماء ثم نزلت بنا، فجأة، إلى منخفض أرضي يغيظ أصحاب الآمال!
لا أرجو تزيدًا في محاسبة المقصرين، وأظنهم موجودين بالفعل، ولا أرجو تزيدًا في تكريم المخلصين المتفانين أيضًا، وهم الأكثرية فيما أعتقد، إنما أرجو الاستفادة العامة من الحالة السعودية في هذه الدورة الحميمة من دورات كأس العالم؛ فقد كانت حالة ملهمة، بإجمالها، وتستحق تأملًا خبيرًا.