رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المليار الذهبى.. جريمة إنسانية تفوق جرائم الحروب

"خطة التعقيم".. التى صاغها "هنرى كيسنجر"، ثعلب السياسة الأمريكية العجوز، حيث كتب مذكرة مكونة من 107 صفحات عام 1974، حينما كان يعمل مستشاراً للأمن القومى. وظلت المذكرة فى الظلام لمدة خمسة عشر عاماً إلى أن أجبرت المحكمة سنة 1989 السلطات الأمريكية على نشرها. وذلك فى إطار دعوة قضائية رفعتها إحدى المنظمات القانونية المرتبطة بالكنيسة الكاثوليكية، والتى وصفتها بالخطة الشيطانية لإبادة البشرية.

وتم تطبيق خطة كيسنجر السرية بدم بارد، وكان هناك ثلاث عشرة بلدا منها البرازيل. وكانت المدة المحددة لتنفيذها 25 سنة.. على أساس أن تكتمل سنة 2000. ولكن حدث أن ثار الرأى العام البرازيلى فى مايو 1991 بعد كشف عدة صحف محلية برازيلية بعض ما جاء فى خطة سرية.. أعدها مجلس الأمن القومى الأمريكى بهدف تقليل عدد سكان البلاد من خلال تعقيم النساء، وذلك من أجل السيطرة على موارد البرازيل الطبيعية.

فتح الكونجرس البرازيلى تحقيقاً موسعاً بدعم أكثر من 165 نائباً ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية البرازيلية. وكانت أولى خطوات هذا التحقيق هى إجبار وزارة الصحة على التحقيق فى الادعادات التى تتحدث حول حدوث تعقيم شامل للنساء البرازيليات. وأسفرت التحقيقات عن اكتشاف الخطة السرية الأمريكية المسماة NSSM 200. 

صُدمت الحكومة البرازيلية حين اكتشفت أن أكثر من 44% من جميع النساء البرازيليات اللاتى تتراوح أعمراهن بين 14 و55 سنة، قد تم تعقيمهن بشكل دائم. واكتشفت أيضاً أن خطة "التعقيم" تمت بواسطة مجموعة متنوعة من المنظمات والوكالات الأجنبية، مثل: الاتحاد الدولى لتنظيم الأسرة، وصندوق باشفاينر الأمريكي، ورابطة وسائل منع الحمل الجراحى التطوعي، ومنظمة فاميلى هيلث. وأن جميع البرامج التى تنفذها تلك المنظمات كانت برعاية وتوجيه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. 

ثارت الحكومة البرازيلية نتيجة ما توصلت إليه تحقيقاتها، واحتجت لدى الوكالة الأمريكية على برامج التعقيم.. خاصة بعد أن ظهرت بعض التفاصيل مثل أنه تم تعقيم ما يقرب من 90% من جمع النساء البرازيليات من أصل إفريقى. وما يترتب على ذلك من القضاء على أجيال قادمة.. خاصة لو عرفنا أن نصف سكان البرازيل البالغ عددهم أكثر من 150 مليون نسمة فى الثمانينيات ينحدر من أصول إفريقية.

وأدى التطبيق الخفى للخطة الأمريكية السرية إلى التعقيم غير القانونى لأكثر من 200 مليون امرأة فى سن الإنجاب. وذلك وفقاً لما صرح به "السينين جويرا" وزير الصحة البرازيلى حينها. والذى أشار أيضا إلى أن الانخفاض المفاجئ فى معدل الخصوبة سلب بلاده أكثر من 30 مليون نسمة. وهو ما كان من شأنه أن يجعل عدد سكان البرازيل يتجاوز 200 مليون بحول عام 2000.

 

نقطة ومن أول الصبر..

لكم أن تتخيلوا أن كل ذلك تم برعاية من منظمات دولية، لا زالت حتى يومنا تمثل مصدر ثقة على المستوى الدولى. ولم تكن هى وحدها المتورطة، بل شاركها فى الخطة السرية كيانات أكاديمية وجامعات عالمية.

التعقيم الإجبارى.. جريمة إنسانية.. تفوق جرائم الحروب.