رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة: عمليات تركيا في شمال سوريا قد تكون لها تداعيات كبيرة على جهود مكافحة الإرهاب

داعش
داعش

نشر المرصد المصري التابع للمركز المصري دراسة بعنوان “تأجيج المخاطر هل تُصعّد العملية العسكرية التركية في شمال سوريا نشاط داعش؟”، للباحثة مني قشطة، متناولة إعلان تركيا في 20 نوفمبر الجاري عن شن قواتها عملية (المخلب-السيف) الجوية شمال العراق وسوريا، مُستهدفه حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا (بي كا كا) ووحدات قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ردًا على الانفجار الدامي الذي شهدته مدينة إسطنبول في 13 نوفمبر الجاري وأسفر عن مقتل نحو 6 أشخاص وإصابة 81 آخرين. 

وفي حين ألقت السلطات التركية باللوم على المسلحين الأكراد، نفى حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية تورطهما في تنفيذ الهجوم الذي وظفته تركيا بعد ذلك واتخذته ذريعة لضرباتها في شمال العراق وسوريا بهدف التخلص من الهجمات الإرهابية من شمال البلدين وضمان سلامة حدودها- بحسب أهدافها المُعلنة-.

وقالت منى قشطة، إنه في ضوء العملية العسكرية التركية في الشمال السوري، يمكن الوقوف على مجموعة من الارتدادات التي قد تمثل محفزًا لتنامي نشاط تنظيم داعش في الفترة المقبلة، وذلك على النحو التالي منها تعليق عمليات قسد ضد داعش، وتعرض مخيم الهول للضربات التركية وتتصاعد مخاوف هذا السيناريو خصوصًا مع تصاعد التقارير التي تفيد بأن مخيم الهول شهد مؤخرًا العشرات من جرائم القتل التي ترتكب بانتظام من العناصر الداعشية القاطنة بداخله، حيثُ يقوم هؤلاء بالانتقام من المتعاونين مع الحراس، ويطردون منظمات الإغاثة، إلى جانب عمليات تهريب الأسلحة إلى المخيم بشكل منتظم، فضلًا عن هروب المئات وما يسمون بـ (أشبال الخلافة) إلى معسكرات التدريب الصحراوية التي يديرها التنظيم في محاولة لتعويض نزيفه البشري المتمخض عن الضربات الأمنية التي توجه ضد أفرعه المختلفة.

بالإضافة إلى خلق حالة من الفراغ الأمني، قد تدفع الضربات العسكرية التركية في الشمال السوري قوات سوريا الديمقراطية إلى خفض قواتها المخصصة لحراسة السجون والمخيمات التي توجد بها عناصر داعش، فضلًا عن توجيه أولوية العمليات التي تنفذها تلك القوات للرد على الضربات التركية بدلًا من توجيهها ضد خلايا داعش، وهو ما قد يخلق حالة من الفراغ الأمني ستتشكل في ظلها بيئة مواتية للتنظيم لتعزيز صفوفه ولملمة شتاته وتصعيد هجماته سواء داخل الجغرافيا السورية أو خارجها، كذلك مخاوف استهداف السجون: مع إعلان قوات سوريا الديمقراطية تعليق عملياتها مع التحالف الدولي ضد داعش وتعرض المخيمات التي تأوي عائلات التنظيم للقصف التركي، تتصاعد المخاوف كذلك من السجون المؤقتة التي تشرف عليها قوات سوريا الديمقراطية، وسيرًا على تكتيك هجوم سجن الحسكة الذي عُد من أقوى وأعقد الهجمات التي نفذها التنظيم خلال العام الجاري، قد يحاول مقاتلو ومعتقلو داعش الاستفادة من انشغال قوات سوريا الديمقراطية بالرد على الهجمات التركية والقيام بأعمال شغب ومحاولات للفرار من السجون، خصوصًا في ظل وجود بعض المعلومات التي صرح بها المتحدث الرسمي باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لقمان أحمي بأن محيط سجن يُحتجز فيه عناصر من داعش في القامشلي تعرض للقصف التركي. 

وأكدت الدراسة أنه قد يكون من المهم الإشارة إلى أنه بخلاف الضربات التركية الأخيرة في شمال شرق سوريا، تفتقر قوات سوريا الديمقراطية إلى القدرة على الحفاظ على الأمن على المدى الطويل، مع وجود تحليلات تفيد بأن السجون المؤقتة التي تأوي مقاتلي داعش تتكون من مبانٍ مدرسية سابقة وأجنحة سجون يديرها بشكل فعال داخليًا نزلاء داعش أنفسهم.

كذلك تراجع الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في ظل بيئة جيوسياسية مضطربة: أثبتت الخبرات التاريخية أن جهود محاربة الإرهاب لا يمكن أن تؤتي ثمارها أو تُثبت نجاعتها في بيئة مضطربة جيوسياسيًا، وربما تؤدي الضربات التركية الأخيرة في شمال سوريا إلى حالة من التوتر بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في الساحة السورية. وعليه، قد تتأثر الجهود الدولية لمكافحة نشاط داعش بدرجة أو بأخرى، الأمر الذي سيستغله التنظيم في تعزيز صفوفه وتكثيف نشاطه، فعلى سبيل المثال مكنت الأوضاع الجيوسياسية والأمنية المضطربة في أفغانستان فرع (داعش-خراسان) من التمدد ومضاعفة تعداد قواته وتعزيز نفوذه على الجغرافيا الأفغانية، ورغم الاختلاف بين الحالتين السورية والأفغانية، لكن يمكن القول إن نهج داعش يقوم بشكل عام على الاستثمار في الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة لتحقيق أهدافه. 

وأكدت أنه تكشف مؤشرات عديدة عن تنامي مخاطر استغلال تنظيم داعش الضربات التركية في شمال سوريا لتوسيع وتكثيف نشاطه، يتمثل أبرزها في توترات داخل مخيم الهول، وتوقف عمل منظمات الإغاثة، وتحذيرات من تنامي نشاط داعش،  وتزايد عمليات داعش بسوريا.

وتابعت أن العمليات العسكرية التركية ضد الأكراد في شمال سوريا قد تكون لها تداعيات كبيرة على -المديين القصير والمتوسط- على جهود مكافحة الإرهاب والوضع الأمني في سوريا والمنطقة، حيث تخلق مثل هذه العمليات وما يرتبط بها من ارتدادات ظروفًا مواتية لتنظيم داعش لتصعيد هجماته في سوريا، أو تنظيم هجمات كبيرة على غرار هجوم سجن الحسكة لإخراج عناصره من السجون لتعزيز صفوفه، مستغلًا في ذلك انشغال قوات سوريا الديمقراطية بالرد على الضربات التركية، وإعلانها تعليق عملياتها مع التحالف الدولي ضد خلايا داعش.