رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حياة ممنوعة».. التغيرات المناخية تزيد من معدلات الإجهاض ووفيات الأجنة

الإجهاض
الإجهاض

في الوقت الذي يهتم فيه العالم بمواجهة التغيرات المناخية التي يشهدها كوكب الأرض، وبعد انطلاق مؤتمر "cop27" الذي جاء لمناقشة هذه التغيرات وسبل مواجهتها لم يكن يدري الكثيرون أن لهذه  التغيرات المناخية تأثيرًا ليس فقط على البيئة وكل من فيها، بل أنها كذلك لها تأثير على من لم يوجدوا بعد على الحياة، وهم الأجنة في بطون أمهاتهم، وذلك بتسببها في زيادة معدلات الإجهاض لدى الحوامل. 

 

إذ لوحظ في السنوات الأخيرة ارتفاع نسب الإجهاض العالمية وكذا ارتفاع نسبته  في مصر، وهو ما أكدته دراسة أمريكية حديثة نشرت في دورية Epidemiology الأكاديمية كشفت فيها عن أن التغيرات الموسمية يمكن أن تلعب دورًا في خطر الإجهاض عند النساء الحوامل.

 

 أجريت الدراسة على 6104 من الحوامل في أمريكا الشمالية، وأظهرت النسب أن خطر الإجهاض المبكر زاد بنسبة 44% في الصيف، وكان الأكثر عرضة لخطر الإجهاض هم أهل مناطق الجنوب والغرب الأوسط بسبب ارتفاع درجات الحرارة والصيف الطويل الذي أصبح تشهده البلاد.

 

"الدستور" تواصلت مع عدد من أطباء النساء والتوليد واستشاري الأجنة للكشف عن العلاقة بين المتغيرات المناخية الأخيرة ومعدلات الإجهاض.

 

مصطفى نيازي: التغير المناخي يؤثر على الدورة الشهرية لدى السيدات 

الدكتور مصطفى نيازي استشاري جراحة أمراض النساء والتوليد، أوضح أن التغيرات المناخية تؤدي إلى تغيرات في الدورة الشهرية لدى السيدة مما يؤثر على النظام الهرموني على الغدة النخامية لديهن، وتابع أن هذه الغدة بمثابة "المايسترو" المسئول عن عملية التبويض.

 

وأضاف أن أي اختلال في عمل تلك الغدة بفعل تغيرات الدورة الشهرية يجعل معدلات التبويض والخصوبة أقل من الطبيعية مما يقلل معه فرص الحمل، وهو ما يفسّر اختلاف الخصوبة لدى السيدات في الأجيال السابقة عن الأجيال الحالية، موضحًا أنه من المعروف أن السيدات قديمًا كن يحملن بمتوسط 5 أو 6 مرات وتخرج جميع أجنتهن سليمة، بينما حاليًا هناك واحدة من كل خمس سيدات تجهض دون سبب واضح على الإطلاق، وذلك خلافًا للسيدات اللاتي تجهضن نتيجة تعرضهن لملوثات بيئية كثيرة مثل التعرض لغاز أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون السّامين.

 

سحر البرادعي:" لاحظنا ارتفاعا كبيرا في الإجهاض بالعيادات"

"لاحظنا في الفترة الأخيرةارتفاع كبير في حالات الإجهاض لدى السيدات المترددين على عيادتنا غير معلوم الأسباب" تقولها الدكتورة سحر البرادعي رئيس قسم النساء والتوليد  بجامعة الفيوم في حديثها لـ"الدستور" موضحة أن هذا الأمر هو مثار تساؤل شائع بين العديد من أطباء النساء والتوليد ومرضاهم حاليًا.

 

وأوضحت أن أكثر أنواع الإجهاض انتشارًا هو ما يعرف "بالإجهاض المنسي"، وهو ذلك الإجهاض الذي لا تشعر به المرأة إلا حين ينتهي وفيه يتوفى الجنين وهو عمر أسابيع "10:20" أسبوع ويكون فيه عبارة عن كتلة دموية تسقط من رحم المرأة دون سبب واضح.

 

وأضافت سحر، أن الدول العربية مثل دولة العراق ودولة الكويت تشهد معدلات إجهاض شديدة الارتفاع، وذلك دون سبب معروف كذلك فهو إما يرجع إلى التغير المناخي الذي حدث لتلك الدول نتيجة الحروب والذي أدى إلى الارتفاع الكبير في درجة الحرارة في فصل الصيف بهم فقط أم إلى التلوث البيئي الذي حدث لها نتيجتها أيضًا؟.

 

وأشار إلى أنه لا يوجد إجابة واضحة ودقيقة تشير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها تحديدًا هو المسئول عن معدلات الإجهاض، إلا أن ما هو أكيد أن الملوثات البيئية أثبتت بالفعل أن لها دور كبير في ارتفاع نسبة الإجهاض لدى السيدات بصورة ملحوظة.

 

عمرو عباسي: الحرارة الشديدة تحدث طفرات جينية للمولود وتؤدي إلى وفاته

كذلك كشف الدكتور عمرو حازم عباسي استشاري أمراض النساء والتوليد والحقن المجهري بالمركز القومي أن الدراسات العالمية، أكدت أن الموجات الكهروماغنطيسية الشديدة والتي ينتج عنها ارتفاع كبير في درجات الحرارة والناتجة عن التغير المناخي تتسبب في إحداث طفرة جينية للسيدات الحوامل من شأنها تغيير البيئة المحيطة بالجنين داخل الرحم، وهو ما يؤدي في النهاية إما إلى وفاته أو خروجه مشوهًا، وهو الأمر الذي يفسّر تزايد معدلات الإجهاض في السنوات الأخيرة.

 

وتابع أن تأثير تلك التغيرات المناخية تعكس مدى التغيير الكبير الذي أثر على صحة المرأة وعلى طبيعة جسدها إذ أنه من المفترض أن السيدات هن الأكثر استقرارًا في العملية الإنجابية ويتميز الرحم داخل أجسادهن بحرارة مناسبة للجنين وكذلك نظام تغذية وراحة تامة، وذلك على عكس العضو المسئول عن الإنجاب داخل الرجل الذي خُلق خارج جسده، نظرًا لارتفاع درجة حرارة جسد الرجل.

 

وأضاف عمرو، أنه لذلك دائمًا ما يوصي السيدات الحوامل والمتزوجات حديثًا بعدم التعرض لأشعة الشمس كثيرًا، وكذلك عدم التعرض للأشعة الكهروماغنطيسية شديدة الارتفاع، وكذلك تناول كميات كبيرة من المياه خاصة في درجات الحرارة المرتفعة التي أصبحت تشهدها البلاد.

 

محمد راشد: "تغير الحرارة غير المتناسب مع الفصول أدى إلى زيادة الإجهاض"

بينما أوضح الدكتور محمد إمام راشد استشاري أول نساء وتوليد ورئيس قسم النساء والتوليد بجامعة عين شمس سابقًا، أن التغير في الحرارة بنسب غير متناسبة مع الفصول كأن يصبح فصل الشتاء قارس البرودة وغير منتظم في مواعيده المعروفة مثلما يحدث حاليًا، وأن يصبح فصل الصيف أكثر ارتفاعًا في درجات الحرارة وكذا غير منتظمًا في توقيته المعتاد، يؤدي إلى اختلالات في الهرمونات المسئولة عن تثبيت الحمل وزيادة نسبة الخصوبة لدى المرأة، مما يتسبب في الإجهاض المتكرر خاصة في الشهور الأولى من الحمل.

 

وتابع أن هذا ما يفسّر الشكاوى الكثيرة التي تنهال على أطباء النساء والتوليد في السنوات الأخيرة من زيادة معدلات الإجهاض وعدم ثبات الأجنة داخل أرحام أمهاتهن. 

في مصر، وصلت نسب الإجهاض إلى 14.8% لكل 100 مولود، فيما تقول وزارة الصحة، وذلك بحسب دراسة أعدها المجلس الدولي للسكان بالتعاون مع الجمعية المصرية لرعاية الخصوبة.