رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصادم ثقبين أسودين يخلق «حدثًا لم يسبق له مثيل»

تصادم ثقبين أسودين
تصادم ثقبين أسودين

يمكن للتموجات في الزمكان الناتجة عن تصادم الثقوب السوداء أن تخبر العلماء الكثير عن هذه الأجسام الغامضة.

وتعمل موجات الجاذبية هذه على ترميز المعلومات حول الثقوب السوداء: كتلتها، وشكلها الداخلي، ودورانها، وحتى موقعها بالنسبة لبعضها البعض.


وبناء على هذا، تأكد العلماء من أن معظم الاصطدامات حدثت بين الثقوب السوداء في الأنظمة الثنائية، ويبدأ الثقبان الأسودان كثنائي من النجوم الضخمة التي تتحول إلى ثقوب سوداء معًا، ثم تتقارب حتى تتصادم وتتدامج.

ومن بين 90 عملية اندماج أو نحو ذلك، تم اكتشافها حتى الآن، تبرز إحداها على أنها غريبة للغاية.

ولكن في الآونة الأخيرة، شهد علماء الفيزياء الفلكية اندماج ثقب أسود لا يتناسب مع أي من السيناريوهات التي لوحظت سابقا، واكتشف GW19052 في مايو 2019، والذي أصدر موجات زمكان لا مثيل لها.

وتقول عالمة الفيزياء الفلكية روسيلا جامبا من جامعة جينا في ألمانيا: "بدت موجات الجاذبية الناتجة عن الاصطدام أشبه بالانفجار، وكان الحادث مختلفا تماما عن ملاحظاتنا السابقة. إن شكله وبنيته الشبيهة بالانفجار يختلفان كثيرًا عن الملاحظات السابقة".

وتضيف: "تم تحليل GW190521 في البداية على أنه اندماج بين ثقبين أسودين كثيفين يدوران بسرعة فيقتربان من بعضهما البعض على طول مدارات دائرية تقريبًا، لكن ميزاته الخاصة دفعتنا إلى اقتراح تفسيرات أخرى محتملة".

وعلى وجه الخصوص، كانت المدة القصيرة والحادة لإشارة موجة الجاذبية صعبة التفسير.

وتتولد موجات الجاذبية من الاندماج الفعلي لثقبين أسودين، مثل تموجات من صخرة سقطت في بركة. لكنها أيضا تتولد عن طريق اللافتات الثنائية، وتفاعل الجاذبية المكثف يرسل تموجات أضعف مع اقتراب اثنين من الثقوب السوداء بلا هوادة.

ويوضح عالم الفلك أليساندرو ناجار، من المعهد الوطني للفيزياء النووية في إيطاليا: "إن شكل واختصار الإشارة المرتبطة بالحدث - أقل من عُشر الثانية- يقودنا إلى افتراض اندماج فوري بين ثقبين أسودين، حدث في غياب مرحلة متصاعدة".

وهناك أكثر من طريقة للحصول على زوج من الثقوب السوداء يتفاعلان جاذبيًا. أحدها أن الاثنين كانا معًا لفترة طويلة، ربما منذ تكون النجوم الصغيرة من نفس قطعة السحابة الجزيئية في الفضاء. والآخر هو عندما يمر جسمان يتحركان عبر الفضاء أحدهما بالآخر عن قرب بما يكفي لعرقلة الجاذبية في ما يُعرف باسم اللقاء الديناميكي.

وهذا ما اعتقدت جامبا وزملاؤها أنه ربما حدث مع GW190521، لذلك صمموا عمليات محاكاة لاختبار فرضيتهم. وحطموا معا ثنائيات من الثقوب السوداء، وقاموا بتعديل المعايير مثل المسار، والدوران، والكتلة، لمحاولة إعادة إنتاج إشارة موجات الجاذبية الغريبة، التي تم اكتشافها في عام 2019.

وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن الثقبين الأسودين لم يبدآ في شكل ثنائي، ولكنهما علقا في شبكة جاذبية أحدهما للآخر، حيث كان كل منهما يتدحرج مرتين على حلقة غريبة الأطوار قبل أن يتصادما لتشكيل ثقب أسود أكبر. ولم يكن أي من الثقوب السوداء في هذا السيناريو يدور.

ويقول عالم الفلك ماتيو بريشي، من جامعة جينا: "من خلال تطوير نماذج دقيقة باستخدام مجموعة من الأساليب التحليلية الحديثة والمحاكاة العددية، وجدنا أن الدمج الغريب الأطوار في هذه الحالة يفسر الملاحظة بشكل أفضل من أي فرضية أخرى تم طرحها سابقا. واحتمال الخطأ هو 1: 4300".

ويشير الفريق إلى أن هذا السيناريو أكثر احتمالًا في منطقة "كثيفة الأجسام في الفضاء، مثل العناقيد النجمية، حيث تكون مثل هذه التفاعلات العائدة إلى الجاذبية أكثر احتمالًا.

وتعد المواجهات الديناميكية بين الثقوب السوداء نادرة جدا، ويبدو أن بيانات موجات الجاذبية التي تم جمعها بواسطة LIGO وVirgo حتى الآن تدعم ذلك.

ومع ذلك، فإن الندرة لا تعني المستحيل، ويشير العمل الجديد إلى أن GW190521 قد يكون أول اكتشاف، ما يعني أنه قد يكون هناك المزيد في السنوات المقبلة.