رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تنجح فى أكبر قمة لإنقاذ الكوكب

نجحت مصر فى رئاسة أكبر قمة تاريخية لإنقاذ كوكب الأرض، حيث استضافت مصر فعاليات مؤتمر التغيرات المناخية رقم ٢٧ على مدى ١٣ يومًا داخل مدينة شرم الشيخ. وأكدت مصر بنجاح هذا المؤتمر جدارتها، واكتسبت مكانة دولية رفيعة بقدرتها على إنجاح هذا المؤتمر الذى يعد أكبر مؤتمر قمة للمناخ منذ نشأة مؤتمرات التغيرات المناخية، حيث شاركت وفود رفيعة المستوى من ١٩٠ دولة و١٢٠ رئيس دولة وملكًا ورئيس حكومة من مختلف أنحاء العالم، و٦٠ ألف مشارك وزائر، وممثلو الهيئات الإقليمية، وفى مقدمتهم أنطونيو جوتيريش أمين عام منظمة الأمم المتحدة، وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بشئون البيئة والمناخ، وممثلو وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وكان أول مؤتمر دولى للأمم المتحدة للتغيرات المناخية قد عقد فى ١٩٩٥ بمدينة برلين، حيث أنشأت اتفاقية الأمم المتحدة معاهدة بيئية لمكافحة التدخل البشرى الخطير فى النظام المناخى، واستمرت المفاوضات والساسة فى المطالبة بإنقاذ كوكب الأرض عن طريق تثبيت تركيزات الغازات الدفيئة فى الغلاف الجوى، ووقعت عليها ١٥٤ دولة فى مؤتمر قمة الأرض بمدينة ريو دى جانيرو فى ١٩٩٢، قبل برلين بشكل غير رسمى، ومع استمرار المفاوضات والمؤتمرات الدولية التى وصل عددها إلى ٢٦، فإنه مع رئاستها المؤتمر استطاعت مصر رغم تصاعد الأزمات الاقتصادية ووجود الخلافات السياسية بين عدد من الأنظمة الفاعلة على الساحة الدولية، أن تبعث الأمل لدى شعوب العالم بحث جميع الأطراف على التنفيذ الفعلى وإحداث مقاربات وتفاهمات دولية؛ أسفرت عن نتائج إيجابية خاصة فيما يتعلق بخفض الانبعاثات والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وتفادى كوارثه المقبلة.

وأصبح لمصر دور محورى فى إنقاذ كوكب الأرض من التغيرات المناخية وأخطارها وسلبياتها على البشر والبيئة والكائنات الحية وجميع المخلوقات على كوكب الأرض بأكمله. ومنذ بداية مؤتمر قمة المناخ COP 27 ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسى كلمة تاريخية أكد بها دور مصر المحورى فى إنقاذ كوكب الأرض، مستهدفًا التنفيذ الفعلى لتعهدات الدول الصناعية الكبرى فى التمويل الضرورى لإنقاذ الدول الإفريقية والنامية من كوارث التغير المناخى، كما فاجأ العالم أيضًا بإطلاق مبادرة سلام من مدينة السلام؛ لتأكيد دور مصر المحورى أيضًا فى تحقيق السلام العالمى ونزع فتيل الأزمات الاقتصادية والبشرية التى تسببت فيها الحرب الروسية- الأوكرانية، فأطلق نداءً لوقف الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا. وجاء نداء السلام واضحًا وقويًا بدعوة الأطراف للجلوس والمفاوضات لإنهاء الحرب التى نتجت عنها خسائر وأضرار وصلت تأثيراتها السلبية لكل دول العالم، هذا إلى جانب خسائر فادحة فى الأرواح بلغت عشرات الآلاف من البشر من كلتا الدولتين، بالإضافة أيضًا إلى عشرات الآلاف من اللاجئين من أوكرانيا، وهكذا أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى للعالم أنه زعيم له دور محورى فى إرساء السلام العالمى بكوكب الأرض، وهو أيضًا زعيم له دور محورى فى إنقاذ كوكب الأرض من الدمار الذى يسببه التغير المناخى.

وكانت مصر فى العام الماضى قد أبدت استعدادها لاستضافة مؤتمر قمة التغيرات المناخية رقم ٢٧ فى مدينة شرم الشيخ، فكان له صدى كبير فى أنحاء العالم، مما أدى إلى أن منظمة الأمم المتحدة أسندت لمصر هذا المؤتمر المهم الذى يتطلع إليه العالم لإنقاذ كوكب الأرض، وفى أول يوم من المؤتمر ظهرت الثقة فى مصر، إذ حضرت وفود وأفواج من مختلف الدول يمثلون ١٩٠ دولة وحضور رؤساء وزعماء من كل أنحاء العالم، فكانت اللقطة التاريخية الفريدة التى أُخذت للملوك والزعماء ورؤساء الوزارات من كبار القادة فى العالم وكبار المسئولين ويقف وسطهم الرئيس السيسى، والتى أظهرت منذ اليوم الأول أن هذا المؤتمر ستكون له أهمية خاصة، حيث نجح منذ اللحظة الأولى بإقبال ملفت للنظر من كل أنحاء الدنيا، وكانت مدينة السلام فى استقبال الوفود بتنظيم دقيق لكل الفعاليات، كما أنها قد استطاعت أن تعزز من فكرة إنقاذ البيئة، حيث تم تخصيص منطقة خضراء ومنطقة زرقاء صديقة للبيئة.

ولا بد من أن نذكر أن أهم هدف كان يهدف إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى من هذا المؤتمر، وما أكدته تصريحاته منذ العام الماضى أنه يأمل أن تكون قمة شرم الشيخ للتغيرات المناخية قادرة على تنفيذ أهداف أساسية، فى مقدمتها تنفيذ بند هدف التمويل من الدول المتقدمة إلى الدول الإفريقية التى تتسبب فقط فى ٣٪ من التغيرات المناخية فى الأرض، بينما ٩٧٪ تسببها الدول الصناعية الكبرى المتقدمة نظرًا للانبعاثات الكربونية التى أدت إلى زيادة حرارة الأرض ١٫٥ درجة وكان كوكب الأرض مهددًا بزيادة من ١٫٥ إلى ٢ درجة، فكان لا بد من حث الدول جميعها على المشاركة فى إنقاذ البيئة فى كل دولة، والتكيف مع التغيرات المناخية.

كما كانت الدول الكبرى قد تأخرت فى بند التمويل المالى بسبب أزمة كورونا، وكان المطلوب ١٣٠ مليون دولار لإنقاذ الدول الإفريقية والدول النامية التى تعانى من الجفاف ومن الفيضانات ومن المجاعات، خصوصًا الدول الإفريقية بسبب التغيرات المناخية التى حدثت فى السنوات الأخيرة.. كما نجحت أيضًا مصر فى توفير الأمن والأمان لكل ضيوفها وزائريها، خاصة فى يوم ١١ نوفمبر، حيث قام أبناء الشعب المصرى المخلصون بالاحتفال بالاستقرار والأمان مع نهاية اليوم الذى كان يتسم بالهدوء.

فجاء هذا اليوم تعبيرًا عن وطنية أبناء الشعب فى مواجهة أعداء الشعب ممن كانوا ينادون بالفوضى والتظاهرات ضد استقرار الوطن، وكان الواضح أمام كل ضيوف مؤتمر القمة والزائرين أن الشعب المصرى يدرك حجم دور الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حماية الوطن الحبيب وبنائه وتقدمه وتنميته، كما يدرك دور الجيش والشرطة فى حماية الأرض والعرض وهم الذين فى كل يوم يفقدون شهداء أو يسطرون ملاحم بطولات عظيمة كما يقدمون أرواحهم فداء للوطن، وكان أعداء الوطن يظنون أنهم سيحدثون شوشرة على قمة المناخ بشرم الشيخ، وأنهم يمكن عن طريق بعض الساسة أو الإعلاميين من الخارج أن يتدخلوا فى الشأن الداخلى لمصر، إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كعادته دائمًا كان واضحًا فى الحفاظ على كرامة الوطن وواضحًا فى التأكيد على عدم التدخل فى الشئون الداخلية لبلدنا.

ولهذا فإننى أتوقف هنا عند هذا اليوم، حيث إننى فى يوم ١١ نوفمبر كنت شخصيًا فى الشارع فى هذا اليوم منذ الرابعة عصرًا ورأيت احتفالات على الكبارى بالاستقرار والأمن وكان الشباب يرددون الأغانى الوطنية المبهجة ويحملون أعلام مصر فى أيديهم بمنتهى الفخر والفرحة، وكنت فى هذا اليوم فى الشارع لحضور حفل زفاف ابن إحدى صديقاتى بقصر محمد على التاريخى بالمنيل، ومن هنا لمست بنفسى فرحة أهل مصر بالاستقرار وإرادة ووعى الشعب المصرى من أبناء مصر المخلصين فى استكمال بناء مصر ورفض أى محاولات للفوضى أو التخريب من جماعات كارهى الوطن ومَن وراءهم، وتزامن هذا اليوم مع مجىء الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى مصر للمشاركة فى قمة المناخ بشرم الشيخ.

فرأيت ورأينا جميعًا الشوارع التى كانت فى منتهى الهدوء يومها، وأعطى الشعب المصرى درسًا واضحًا لمن يريدون أن يثيروا الشغب والتخريب والفوضى مرة أخرى كما حدث فى يناير ٢٠١١ أن الشعب المصرى فى نوفمبر ٢٠٢٢ يتمسك بالاستقرار وبقائده ورئيسه الوطنى الذى وقف فى بطولة نادرة لتلبية رغبات الشعب فى الاستقرار ورحيل جماعة الظلاميين من مصر فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣. ثم فوضه الشعب للتخلص من الإرهاب إلى غير رجعة.

وهكذا انتقلت مصر إلى مرحلة جديدة من تاريخها بالعمل على الاستقرار والأمان وبناء دولة عصرية متقدمة وإنشاء كل ما يلزم من بنية تحتية لتصبح مصر من الدول الكبرى، والآن فقد ثبت للعالم أننا نتمسك جميعًا بالاستقرار والأمان ونرفض أى دعوات للفوضى أو تخريب أى مؤسسة، بل أكد الشعب المخلص تمسكه بالرئيس عبدالفتاح السيسى، وكنت على يقين وقناعة بهذا كما كتبت فى مقالى السابق بالدستور مطالبة بأن نقف يدًا واحدة خلال مؤتمر المناخ أمام العالم، كلنا معًا، الشعب والجيش والشرطة.

وأكد المصريون والمصريات المخلصون وعيهم الوطنى رغم المتاعب الاقتصادية التى قد تواجههم إلا أن الرغبة الأولى للشعب المصرى هى الاستقرار فى ظل القيادة السياسية الحكيمة والشجاعة وولاء الشعب وتوحده مع الجيش والشرطة ومع قائد يستحق كل الاحترام والتقدير.

ثم كان من الأسباب التى أدت أيضًا إلى النجاح فى شرم الشيخ أن مصر حينما تسلمت الرئاسة لمدة ١٢ يومًا فإنه أضيف إليها يوم إضافى لمزيد من التفاعلات والمفاوضات ونتيجة الرغبة فى بعض المفاوضات الإضافية، كما أكد ذلك وزير خارجية مصر سامح شكرى بالاتفاق مع أنطونيو جوتيريش أمين عام منظمة الأمم المتحدة، وقال وزير الخارجية سامح شكرى فى إحدى الجلسات الأخيرة إن النتائج التى توصل إليها المناخ ستكون شاملة ومتوازنة لأنه يتم بذل الجهد من أجل تحقيق أهداف جميع الأطراف.

وأن مصر ستتجاوب مع مقترحات جميع الأطراف وحث جميع الأطراف المختلفة على الالتزام بالبيان الذى صدر قبلها فى إطار القرارات الإطارية والتحلى بروح المرونة والتوافق، وقال إن مسئوليتنا جميعًا، المشاركين من ١٩٠ دولة، هى إيجاد توافق مشترك، وبما أن المجتمع الدولى يتطلع إلى مصر، فقد دعا أيضًا رئيس المؤتمر إلى الجرأة والطموح والدفع بنتائج ملموسة. وأكد أن رئاسة المؤتمر مستعدة لتقديم كل الدعم المطلوب لتحقيق هذا الهدف.

وقام رئيس المؤتمر بلقاءات مكثفة فى الساعات الأخيرة ومشاورات ثنائية أكثر اتساعًا مع الرئاسة والرؤساء والوفود كلها. ودعا كل الأطراف والوفود إلى أن تتحلى بالانفتاح والمرونة والاعتراف بصالح الأطراف كلها، لأننا جميعًا مسـئولون عن حياة الآخرين على كوكب الأرض، وكان أهم بند يحرص عليه الرئيس السيسى هو إيجاد تمويل وتنفيذ هذا البند من الدول المتقدمة.

وتحقق هذا حيث كان من أهم المكاسب الكثيرة والمهمة التى حصلت عليها مصر من مؤتمر المناخ COP 27 الحصول على تمويل ١٥٠ مليون دولار لقارة إفريقيا من دول أمريكا والاتحاد الأوروبى وألمانيا، و١٠٠ مليون أخرى إلى الدول المتضررة على شكل جزر نتيجة أنها كانت مهددة بالفناء نتيجة كوارث بيئية، كما نجحت مصر أيضًا برئاستها له فى إنجاز الإجراءات المتفق عليها مع منظمة الأمم المتحدة وتحقيق هدف المؤتمر فى الوصول إلى «صفر انبعاثات كربونية» الذى تم الإعلان عنه عند انتهاء المؤتمر.. كما استطاع المؤتمر الحصول من الدول الكبرى والمتقدمة على تعهدات باتخاذ إجراءات ومواقف وخطوات ووسائل لإنقاذ كوكب الأرض من الانبعاثات الكربونية، التى تسببها المصانع والاستخدامات غير الآمنة للبيئة التى نتجت عنها هذه الأخطار الطبيعية والكوارث والأضرار التى سببتها فى الدول الإفريقية والدول النامية ولا تزال لديها أجيال تتطلع إليها ليتم إنقاذ العالم من أجل حياة أكثر أمانًا وتحقيق التنمية المستدامة والبيئة النظيفة للأطفال والأجيال القادمة.

كما نجح أيضًا فى إضافة بند فى المالية اقترحته رئاسة المؤتمر سنويًا فى مجال الطاقة المتجددة، للوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول عام ٢٠٥٠، كما دعا المؤتمر إلى إطلاق بوابة شرم الشيخ الإلكترونية، كما تركزت مطالبات الدول للتخلص من استخدام الفحم تدريجيًا، كما أسفرت المناقشات عن إنشاء لجنة انتقالية لتفعيل التمويل الجديد، على أن يتم اعتمادها فى مؤتمر مناخ ٢٨، وأيضًا الدعوة لتعزيز الجهود الدولية وتعزيز التعاون الدولى والحوار للتخفيف من حدة تغير المناخ.

ومن المكاسب أيضًا أن تركزت أنظار العالم أثناء أيام المؤتمر على مصر الحديثة المتحضرة القادرة على تنظيم وإدارة مؤتمرات قمة دولية ومهمة، مما يعزز من مكانة مصر الدولية والحضارية ويجذب السياحة إليها، واستطاعت أيضًا وبشكل خاص مدينة شرم الشيخ أن تقدم نموذجًا ناجحًا فى مدينة نظيفة تحافظ على البيئة وخالية من الأضرار البيئية، واستطاع الشباب المصرى من شابات وشبان متطوعين أن يقدموا وجه مصر الحضارى والمشرق بالأمل والتفاؤل بمصر الحديثة والمستنيرة.