رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ذراع نانسى.. ويد بايدن ‏

أثارت صور لرئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى، وهى تتأبط ذراع الرئيس ‏عبدالفتاح السيسى تساؤلات كثيرة، أهمها كيف لتلك المرأة القوية التى تحدت ترامب فى ‏عنفوانه، والصين، وروسيا، جاءت شرم الشيخ، وتقف هذه الوقفة أمام الرئيس السيسى؟

ومن المرأة الحديدة فى السياسة الأمريكية، إلى بايدن الرئيس الأمريكى الداهية السياسية، ‏ووضع يده على كتف السيد الرئيس بشكل لافت للنظر وبعيد عن بروتوكولات السياسة ‏وتعاطيها الدبلوماسى فى مثل تلك اللقاءات.‏

وقبل أن نغوص فى تحليل وتناول الأسباب لا بد من الإشارة إلى أن الأمريكان لهم سمات ‏وخصائص فى التعبير عن عواطفهم عندما يريدون إظهارها للآخرين، ليس من بينها ما فعلته ‏رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى أو ما فعله الرئيس الأمريكى بايدن.‏

ولذلك ما فعلوه هو شىء مدروس ومتعمد ورسالة إلى الشعب المصرى بأن الأمريكان ‏أصدقاء لكم، لأن تأبط ذراع نانسى لذراع الرئيس، ووضع بايدن يده على كتف الرئيس، ذلك ‏من خصائص وسمات الشعب المصرى، ويفعل المواطنون المصريون ذلك مع بعضهم البعض ‏عندما تصل العلاقة بين بعضهما البعض إلى الصداقة العميقة والثقة الكبيرة.‏

فلدى مؤسسات الدولة الأمريكية المعطيات الكاملة التى أظهرتها الحرب الروسية الأوكرانية ‏وتعاطف الشعب المصرى والعربى مع الموقف الروسى، ليس كرها فى أوكرانيا، بل أملًا فى ‏كسر عنجهية السياسة الأمريكية، التى تركت تبعيات سلبية كبيرة وممتدة على شعوب ‏المنطقة وأيضا القضية الفلسطينية، وما يحدث للشعب الفلسطينى جراء المساندة الأمريكية ‏للجانب للسياسة الإسرائيلية الهمجية.‏

فقوة السياسة الأمريكية تكمن فى مراكز أبحاثها المتخصصة القادرة على استقراء المستقبل ‏القريب والبعيد، ووضع الاستراتيجية الكاملة للتعامل مع معطيات ذلك الاستقراء، فالآن هناك ‏ولادة لنظام عالمى جديد قادم بقوة، ذلك النظام سيكون داخل الإدارة الرقمية الذكية، فمن ‏يمتلك أدوات تلك الإدارة سيكون له تأثير كبير فى السياسة العالمية.‏
‏ ‏
وهناك عاملان أساسيان سيعتمد عليهما هذا النظام، وهما الموارد الطبيعية «الطاقة النظيفة، ‏والصناعات التكنولوجية» وقليل من الدول تمتلك تلك الموارد ولكن ما يميز مصر من بين ‏تلك الدول التى تمتلك تلك الموارد، هو موقعها الجغرافى «ملتقى القارات» بجانب توافر الأيدى ‏العاملة الرخيصة، والأهم من ذلك من وجهة نظرهم أنها الجار الأقوى والأهم، للجانب ‏الإسرائيلى.‏

وتعلم أمريكا جيدًا أنها أصبحت ليست صاحبة القرار السياسى الأوحد فى التعاطى مع الأحداث ‏العالمية، وهى الآن تحاول أن تكون أحد الأضلع الرئيسية فى النظام العالمى الجديد القادم، ‏ذلك النظام سيستمد قوته من المنطقة العربية ومصر بالتحديد، بسبب ما تمتلكه تلك المنطقة ‏من موارد وثروات طبيعية متجددة وهائلة قادرة على إمداد الإدارة الذكية الرقمية للدول بكل ‏المتطلبات اللازمة.‏

ومن هنا ستغير أمريكا تعاطيها السياسى مع دول المنطقة، فهناك سبب أخير ومهم أن ‏الشركات العالمية الكبرى التى تعمل فى مجالات الطاقة النظيفة والصناعات الإلكترونية بعض ‏منها للعائلات الصهيونية التى تحرك السياسة الأمريكية وتوجه السياسة الغربية، وتدير ‏المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، الآن تلك الشركات تريد الوجود فى المنطقة العربية ‏لتوطين صناعتها بتلك الدول لتضمن وجودها المؤثر فى النظام العالمى الجديد.‏

وهنا الصراع بين الشركات الأمريكية الغربية «الصهيونية» وبين الشركات الروسية ‏الصينية الهندية المتقدمة جدًا فى تلك الصناعات، للتسابق على سرعة الوجود والتوطين فى ‏مصر، وعلى القيادة السياسية المصرية وضع استراتيجية لقيام شركات وطنية مصرية للعمل ‏على توطين تلك الصناعات فى مصر حتى تكون مصر صاحبة القرار المؤثر فى تلك ‏الصناعات.‏

وهكذا أصبحت مصر الدولة الأهم فى النظام العالمى الجديد، وهكذا ستصبح مصر «أد ‏الدنيا» كما ذكر الرئيس السيسى سابقًا، ولأنها أم الدنيا كما ذكر الرئيس الأمريكى منذ ‏ساعات، وكما أشارت نانسى بيلوسى، إلى أن مصر تعتبر ركيزة الأمن والاستقرار فى الشرق ‏الأوسط والعالم العربى.