رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة العشرين.. العالم يريد التقاط أنفاسه بعد كورونا والحرب الأوكرانية

قمة العشرين
قمة العشرين

تبحث الدول الكبرى عن حلول للأزمات العالمية التي يعيشها العالم، وهو ما يشغل القادة المشاركين في قمة العشرين التي انطلقت صباح اليوم في مدينة بالي الإندونيسية، وسط معدلات تضخم عالمية غير مسبوقة وأزمات في الطاقة والإمدادات، والتي تفاقمت بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، قبل أن يلتقط العالم أنفاسه من الكوارث التي خلفتها جائحة كورونا.

أزمات عالمية

وقال المحلل السياسي الأمريكي الدكتور عاطف عبدالجواد، إن قمة العشرين تأتي في وقت يواجه فيه العالم تضخمًا وارتفاعا في الأسعار، تصاحبه أزمة في الطاقة والنفط والمواد الغذائية، وفي سلاسل الإمداد.

أضاف عبدالجواد، لـ"الدستور"، أن هذه الأزمات تعود إلى عدة عوامل، منها الحرب في أوكرانيا، وشح صادرات القمح، ثم آثار وباء كورونا، ورغبة أوبيك في ربح نفطي. 

عاطف عبدالجواد

وتابع أنه لكي تتعامل مجموعة العشرين بنجاح مع هذه الأزمات، وهي أغنى عشرين دولة في العالم، يجب أن تعالج الجذور. ومن هنا ترغب الولايات المتحدة في جهد مضاعف لوقف الحرب الروسية في أوكرانيا، وفي زيادة إنتاج أوبيك من النفط، وعودة العمالة الكافية لتحسين سلاسل الإنتاج، ثم التعامل ماليا مع التضخم عن طريق زيادة أسعار الفائدة، والحد من الإنفاق لفترة من الوقت. 

وأضح المحلل السياسي الأمريكي أن هناك دلائل على أن قمة العشرين سوف تنجح في التعامل مع بعض هذه الأزمات وليس كلها، وسوف تضع آليات تسهم في حل ما تبقى من مشاكل معقدة.

وأشار عبدالجواد إلى أن اجتماع الرئيسين الأمريكي والصيني، استمر 3 ساعات لكنه يشكل خطوة صغيرة نحو محاولة تسوية مشكلات واسعة بين الطرفين، وأهم نتيجة أسفر عنها الاجتماع هي تشكيل مجموعات عمل لمعالجة المشكلات ومواصلة اتصالات ومشاورات منتظمة حتى لا تتحول الخلافات إلى نزاعات.

وقال إن هذه المشاورات سوف تبدأ مع العام الجديد بزيارة سيقوم بها للصين وزير الخارجية الأمريكي أتوني بلينكين، لكن الرئيس الصيني شي قال أيضا إنه سوف يستمر في السعي نحو حل سلمي للحرب في أوكرانيا. كما اتفق الرئيسان على التعاون في مجال مكافحة التغير المناخي. 

ونوه بأن الخلافات تبقى كبيرة بدءً بعرقلة تكنولوجيا أشباه الموصلات اللازمة للتحديث العسكري الصيني، ثم التوترات بشأن تايوان وغيرهما من مشاكل معقدة. لكن الاجتماع كان خطوة صغيرة لاحتواء هذه المشاكل

واستطرد: هذه القمة لم يحضرها الرئيس الروسي بوتين لكنها تأتي في وقت انسحبت فيه القوات الروسية من مدينة خيرسون الأوكرانية. وقد تنشأ عن القمة محاولات من جانب الصين والهند لإقناع بوتين بصيغة سلمية كالمفاوضات لوقف الحرب، والسعي لتسوية سياسية تحفظ لبوتين ماء الوجه وتحمي العالم من احتمال استخدام أسلحة نووية تكتيكية.

ماذا تريد الصين؟

من ناحيته، قال الإعلامي والمحلل السياسي الصيني نادر رونج، إن قمة العشرين هذه السنة تأتي تلبية لدعوة الولايات المتحدة عقدها وكذلك الصين التي تريد أن توضح مواقفها في مختلف القضايا، لزيادة التفاهم مع واشنطن، وتجنب سوء التفاهم والأحكام المسبقة، والصراع المفتوح، وبكين تتمسك بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون.

أضاف رونج لـ"الدستور"، أن اللقاء الذيج جمع الرئيسن الصيني شي جين بينغ والأمريكي جو بايدن، على هامش القمة يأتي لإعادة العلاقات بين البلدين لمسارها الطبيعي، لافتا إلى أن اللقاء اتسم بالصراحة والتعمق في مناقشة القضايا.

نادر رونج

وتابع الإعلامي الصيني بقوله إن هذا اللقاء كان بناءً وتجاوز الوقت المحدد له، وتواصل لأكثر من 3 ساعات، وهناك تبادل بالعمق للقضايا ذات الاهتمام المشترك، وقضايا عالمية كبرى، وتبادل للآراء، وإشارات إيجابية لتجنب سوء التفاهم بين البلدين، والتركيز على أوجه التعاون رغم الخلافات، وأن يكون التنافس إيجابي وشريفا بما يخدم مصالح الشعبين، والمصالح العالمية أيضا.

وأشار إلى أن الرئيسين اتفقا على تعاون اقتصادي جاد وفعال، من أجل دفع انتعاش اقتصاد العالم الذي تأثر سلبا بوباء كورونا وأزمة أوكرانيا والطاقة والغذاء، لافتا إلى أن هذا اللقاء يمكن اعتباره بداية طيبة لتحسين العلاقات بين البلدين.

وأوضح رونج أن مسألة تايوان حاضرة بقوة في القمة، والرئيس الصيني شدد على أن هذه المنطقة جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأن على الجميع احترام هذا الأمر، والتمسك بمبدأ الصين الواحدة، وهي مسألة حساسة جدا، وإذا لم يتم التعامل معها بالشكل المناسب فإنها سوف تدمر العلاقات بين بكين وواشنطن.

ومضى الإعلامي الصيني قائلا: اقتصاد الصين لم يتضرر بالحرب الأوكرانية، ولكن هناك تاثيرات سلبية ناجمة عن هذه الحرب على انتعاش الاقتصاد العالمي الذي يشهد ركودا هذا العام، بسبب عوامل كثيرة، منها تفشي كورونا، والحرب الجديدة، التي خلفت أزمة طاقة وغذاء، مؤكدا أن العالم يحتاج أكثر من أي وقت مضى، إلى التعاون والتضامن بين الدول، وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة باعتبارهما أقوى اقتصادين في العالم.

غياب بوتين

وقال المحلل السياسي الروسي ديمتري بريجع، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض المشاركة في قمة العشرين، وبدلا من ذلك أوفد ممثل البلاد وزير الخارجية سيرجي لافروف.

وأوضح بريجع في تصريحات أدلى بها لـ"الدستور"، أن رفض بوتين المشاركة سواء بشكل شخصي، أو عبر الفيديو، وإعلان ضرورة وجوده في روسيا جاء لتجنب المواجهة مع قادة الدول الأخرى.

ديمتري بريجع

وأشار إى أنه من الواضح أن روسيا ليس لديها أي تجهيز للقمة، أو أي نية للمشاركة فيها، كون أغلب الدول التي تشارك تدعم أوكرانيا. 

وفيما يتعلق بالأنباء التي تواردت عن صحة وزير الخارجية الروسي، يرى بريجع، أنه تم صناعتها لتضخيم الأمر، وجعل صورة روسيا الخارجية ضعيفة، وربط ذلك بالملف الاوكراني وملف خيرسون.

وحول سيطرة الملف الأوكراني على القمة الجارية، قال بيرجع، إن أي تحرك ضد روسيا في القمة سيتم رفضه، لافتا إلى أن الحرب لن تتوقف حتى يتم تنفيذ الشروط الروسية، أو تحدث تغيرات في السياسة الأمريكية او الروسية، سواء ما سيترتب على انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، أو الانتخابات الرئاسية المرتقبة في البلدين عام 2024.

الغذاء والطاقة

وانطلقت، اليوم، قمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا. وأعلن الرئيس الإندونيسي جوكي ويدودو في كلمة الافتتاح أن عام 2023 سيكون أشد صعوبة على العالم، مشيرا إلى أن "أزمتي الأمن الغذائي وأمن الطاقة تؤثران على الدول النامية". 

وحث ويدودو، القادة والزعماء على "عدم إدخال العالم في دهاليز الحروب"، وشدد على "الاستعداد لمواجهة أي جائحة مستقبلية".