رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سر الخلاف الأوروبي حول معضلة اللاجئين والخطط المستقبلية بشأن الأزمة

مروة عبدالحليم
مروة عبدالحليم

منذ عام 2015 لم تنجح دول الاتحاد الأوروبي في الاتفاق على إصلاح سياسة وقواعد اللجوء واستقبال اللاجئين غير الشرعيين، خاصة وأن الأزمة تسببت في خلاف بين دول الاتحاد، بعد رفض البعض منهم استقبال اللاجئين. 

وأشارت مروة عبدالحليم الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى أن كل من إيطاليا واليونان ومالطا وقبرص لا يمكنها الاشتراك في فكرة أن دول الدخول الأول هي نقاط الهبوط الأوروبية الوحيدة الممكنة للمهاجرين غير الشرعيين، وأن عدد المهاجرين الذين استقبلتهم دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي لا يمثل سوى قدر صغير للغاية من العدد الفعلي للوافدين غير الشرعيين.

وأضافت عبدالحليم فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الدول الأربع أدانت عمليات السفن الخيرية الخاصة التي تعمل باستقلالية تامة عن سلطات الدولة المختصة لانتشال مئات المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر.

وأوضحت عبدالحليم أن الحكومة الإيطالية الجديدة بقيادة اليمين المتطرف دخلت في مواجهة مع منظمات إنسانية تنقذ المهاجرين وسط البحر المتوسط. 

وتابعت عبدالحليم "جادلت الدول الأربع بأن الدول التي ترفع السفن علمها يجب أن تأخذ المهاجرين، وليس إيطاليا، وهو موقف تعارضه بشدة الجماعات الإنسانية والخبراء القانونيون ونشطاء حقوق الإنسان".

وأضافت عبدالحليم أنه بعد تجاهل طلبات متكررة للرسو في ميناء آمن، وجهت إيطاليا ثلاث سفن كانت تقل مهاجرين إلى موانئ في جنوب البلاد، وسمحت في البداية فقط بنزول أولئك الذين يعتبرون معرضين للخطر، وبينهم القصر وذوو الحالات الطبية ولكنها في نهاية المطاف سمحت للجميع بدخول إيطاليا لكن السفينة الرابعة، "أوشن فايكنغ"، بقيت في المياه الدولية وشقت طريقها نحو فرنسا بعد قضاء قرابة ثلاثة أسابيع في البحر، وبدأ فتيل الأزمة بين فرنسا وإيطاليا، بسبب السفينة السفينة أوشن فايكنج، والتي كانت تحمل ما يقرب من 200 شخص من المهاجرين غير الشرعيين تم إنقاذهم من الغرق، حيث رفضت إيطاليا استقبالها

وأوضحت عبدالحليم أنه لحل هذه المعضلة، تقترح روما اتفاقية تحدد، على أساس عدد السكان، كيفية نقل المهاجرين الذين لهم حق اللجوء إلى بلدان مختلفة في يونيو الماضي، وافقت حوالي 12 دولة في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا، على استقبال المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا وغيرها من نقاط الدخول الرئيسية.

 ومع ذلك، لم ينقل سوى 164 مهاجراً فقط في العام 2022 من إيطاليا إلى الدول الأعضاء الأخرى بينهم 117 بموجب الآلية المعتمدة في يونيو. وتعتبر إيطاليا العدد غير كافٍ مؤكدةً وصول نحو 88700 شخص في عام 2022 ، مقارنة بـ 56500 في نفس الفترة من العام الماضي. وتم إنقاذ 14٪ فقط من المهاجرين الذين دخلوا البلاد هذا العام بواسطة سفن المنظمات الإنسانية غير الحكومية. 

وتابعت عبدالحليم "في المقابل، ترى فرنسا أن التضامن مع دول البحر المتوسط مثل إيطاليا واليونان ليس بالضرورة يجب أن يكون من خلال استقبال اللاجئين، وإنما يمكن أن يكون عن طريق تقديم الدعم المالي لهذه الدول أيضا.

 وتعد إيطاليا المستفيد الأكبر من بين دول الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة، مما يسمى بالصندوق الأوروبي للتعافي والمرونة حيث تحصل على حوالي 200 مليار يورو (204.28 مليار دولار).

وأوضحت عبدالحليم أن التوتر الحالي بين فرنسا وإيطاليا يعكس الخلافات السابقة بينهما منذ ثورات الربيع العربي عام 2011، وخاصة الوضع في ليبيا، والذي تسبب في أزمة المهاجرين عبر المتوسط، وساءت الأمور بشكل أوضح مع وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في إيطاليا منتصف العام 2018، ففي عام 2019 سبق وأن اتهم نائب رئيس الوزراء الإيطالي لويجي دي مايو فرنسا بـ "إفقار أفريقيا" وتصعيد أزمة المهاجرين، وطالب الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على فرنسا، كما اشتبك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع وزير الداخلية الإيطالي الشعبوي ماتيو سالفيني، حيث عبر عن أمله في أن يتحرر الشعب الفرنسي من رئيس بالغ السوء واتهم فرنسا باتنزاع الثروات من أفريقيا كما اعتبر أن باريس لا ترغب في تهدئة الأوضاع في ليبيا.

اتفاق فرنسي بريطاني للحد من عبور اللاجئين

وأوضحت عبدالحليم أنه تم توقيع اتفاقية بين بريطانيا وفرنسا لمواجهة عبور المهاجرين من القنال الإنجليزي.

وتنص الاتفاقية على زيادة نحو 200 – 300 ضابط ومتطوع فرنسي على شواطئ القنال، ودعم جهود فرنسا في استهداف نسبة أكبر من المهاجرين غير الشرعيين، كما تشمل الاتفاقية زيادة الدعم المادي من لندن إلى باريس، ومن المتوقع أن يرتفع قيمة الدعم إلى 72 مليون يورو بدلًا من 62.7 مليون يورو، فضلا عن توطيد العلاقات بين فرق حرس الحدود في البلدين.

كما تعهّدت لندن وباريس استخدام موارد تقنية وبشرية على السواحل الفرنسية من أجل رصد ومراقبة واعتراض القوارب بشكل أفضل.

 ويسعى البلدان لجمع واستخدام هذه المعلومات من أجل تفكيك شبكات تهريب البشر بشكل أفضل وردع عمليات العبور، وسيتم لأول مرة نشر فرق تضم مراقبين على طرفي المانش من أجل تعزيز التفاهم المشترك وتحسين جلسات استجواب المهاجرين وزيادة تبادل المعلومات.

وأضافت عبدالحليم أن هذا الاتفاق جاء بعدما أعلنت الحكومة البريطانية الأحد بأن أكثر من 40 ألف مهاجر عبروا المانش إلى بريطانيا هذا العام، وهو عدد قياسي جديد.

جدير بالذكر أن ملف الهجرة شكل قضية خلافية رئيسية إذ اتهمت لندن باريس بعدم بذل ما يكفي من الجهود لمنع عبور المهاجرين المانش، وهي اتهامات رفضها مسؤولون فرنسيون بشدة.