رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما نجيلكمش فى ثورة (2)

مشكلة بقايا اليسار أن عددًا لا بأس به منهم ارتبط بعلاقة قوية مع جهات في الغرب من خلال تمويلات، جعلتهم على استعداد لبيع كارل ماركس ذات نفسه شخصيًا، لكن في اعتقادي الشخصي أنهم ما زالوا يعيشون في الغيبوبة، ولا يستوعبون أن الناس زهقت منهم ولا يمكن أن يصدقوهم، هل تتخيل مثلًا أن شخصًا ما يصدعنا في القنوات فشل في انتخابات اتحاد ملاك عمارته، لكن شلة قهاوي وسط البلد تراه يمكن أن يكون وزيرًا أو قيادة تستحق أن تأخذ حقها.. كان (اليساري) نفع (عمارته)، ومثله مثل رفيقه المقيم في أمريكا والذي تربي في أحضان رجال (جمال) أدهم، ويري نفسه (الجينياس) بتاع البلد اللي بيفهم إعلام واقتصاد وإداره وكله، رغم فشله في إدارة القناة التى رصدت له مليارات. ثم مركز دراسات رصد له مبالغ كبري بالريالات ومن قبلها المكتب المخصص له دولارات.. لكنه في الأمانة في كل مرة كان بيخرج منهم بمكسب ضخم متحججًا بأنه خرج بسبب رفضه لأمر ما أو اعتراضًا على استضافة فلان أو علان أو أنه رفض توجه الإدارة في قضية ما، والأمر يذكرنا بعدد من الصحف في مرحلة مبارك والتي كانت تخرج بترخيص من قبرص، كان الحل الوحيد أمامهم لمواجهة خسائر الطباعة والتوزيع وضعف الإعلانات أنهم يستكتبون أحد المغضوب عليه أمنيًا، هو يبعت المقال من هنا والرقابة تصادر العدد من هنا.. وبس ياسيدي الجريدة تغلق أبوابها بشكل شيك لأن النظام صادرها، والحقيقة أن الحديث عن رجال (جمال) أدهم، يذكرنا بالإعلامي الثقيل في الوزن، الذي يرقد في سلام لا تسمع له صوت حتى يشيروا له بالتحرك فيخرج ملمحًا بمشاكل وأزمات وكلام إن كان بعيدًا عن الحقيقة لكنه يكشف عن توجهات الأجهزة التى تحركه.
عمومًا
قلنا أكثر من مرة إن تيار الرفيقة الدادة أم عطيات هو الجناح الموازي لأبناء البنا وجميعهم حتى وإن اختلفت أفكارهم وتوجهاتهم وتباينت مواقفهم إلا أننا إذا أخضعنا أفكارهم لتحليل الـ DNA سنكتشف أنها تمتد إلى ميكافيللي، عن نفسي أراهم جميعًا بين صفحات كتاب "الأمير"، جميعهم ينتمون إلى مدرسة الغاية تبرر الوسيلة.. المهم أن يحققوا هدفهم حتى وإن تحالفوا مع الشيطان.
الدعوة للتظاهر التى خرجت من الذباب الإلكتروني، ليلتقطها الـ"مؤلفة جيوبهم" في محاولة لإحداث ثورة.. سلامات يا ثورة، كان مصيرها كما شاهدتوها، فمع اللحظات الأولي ليوم الجمعة الموعد الرسمي للثورة والخلايا والميليشيات تكتب على فيسبوك وتويتر، كلهم كانوا يكتبون ويطلبون من الناس النزول.. طب ما تنزل انت، لما كل الناس دي بتكتب مين اللي هينزل، هم على استعداد لأن يلقون في الجحيم بأي شخص لكن هم لأ، أتذكر قيادي معارض من العيار الثقيل كان مكتبه في وسط البلد مكانًا آمنًا لعدد قليل من القيادات، ورغم أن المكتب كان محل اقتحامات لا تتوقف لكن ولا مرة اتمسك، والسبب أن غرفة مكتبه كان بها باب سري يفتح على غرفة لا أحد يعلم عنها شيئًا، غرفة بها حمام وبها ثلاجة ومما يكفي من الطعام والشراب، ما أن تحتد المظاهرة– أيام مبارك- ويبدأ البوليس في مطاردة المتظاهرين حتي يذهب القيادي ومن معه إلى الغرفة ليختبئ وشكرًا.. 
كان الغلابة يضيعون في الرجلين
بينما المحرضون ورءوس التظاهرات عارفين أمتي بيستخبوا وفين
الغريب أنهم لم يتعلموا الدرس، ولم يستوعبوا أن فكرة خروج الناس للتظاهر مستحيلة، وأن الناس أصبحت أكثر وعيًا، وعرفت اللي فيها، وأدركت أن من كان يدفعهم للتحرك للتظاهر، استفاد وتحركت مكاسبه ونفوذه وأمواله، الناس التى عاشت انفلاتًا أمنيًا وعرفت معنى الرعب وشاهدت فيما بعد الفيديوهات وسمعت التسجيلات وشاهدت أثرياء الثورة بعد أن تغيرت حياتهم ووجدتهم يتحركون بين الفنادق ويمتلكون جوازات سفر مليئة بأختام مطارات- كان فيه ناس منهم ماشيين ببطاقة منتهية لأنهم مش لاقيين فلوس التجديد- الذين يعرفون بدايات محمد ناصر يدركون أنه كان شخصًا نكرة يعمل لدى حسن راتب، وأن معتز مطر كان في مودرن سبورت مساءً وعراب لأحد رجال الحزب الوطني صباحًا.. 
لم يدرك من يدعون- من الخارج– الناس للتظاهر في الداخل، أن الناس في المحافظات يرون مجهودًا يبذل على الأرض، مشروعات حياة كريمة جعلتهم يشعرون أن هناك دولة تنظر إليهم بعين الاعتبار.
كانوا يراهنون على يوم 11 -11  ليكون عنوانًا لفوضي، وكنا نراهن على الدولة التى استعادت عافيتها واستعادت مؤسساتها وقدمت نفسها للناس وللعالم كدولة، فارق كبير بين من يراهن على وطن، ومن يراهن على من يدفع له أكثر، كانوا ينتظرون 11 -11 على أحر من الجمر، كانوا يظنون أن زيارة جون بايدن ونانسي بلوسي، التى تزامنت مع الموعد الذي حددوه للثورة (إنت متخيل إن فيه ثورة بيعلنوا عنها، ده إنت لو هتمشي مع واحدة هتخاف من أبوها وهتداري ع الموضوع أكتر من كدة) ليكتشفوا إن اليوم قلب بغم، بدأ بنانسي وهي تتحرك مبتسمة مع الرئيس السيسي وذراعها في ذراعه، وانتهى بلقاء بايدن الذي أعرب فيه عن سعادته بوجوده في مصر، ثم وجه الشكر لمصر على موقفها من الأزمة الأوكرانية وما تقوم به تجاه القضية الفلسطينية، وأنه جلس مع الرئيس عبدالفتاح السيسي لمناقشة تسريع الجهود العالمية لمعالجة أزمة المناخ وتعزيز الشراكة الاستراتيجية والدفاعية متعددة الأوجه بين الولايات المتحدة ومصر.. وأن مصر أم الدنيا كان ناقص إن بايدن يقول "وهتبقي قد الدنيا". 
كيف تحول هذا اليوم الذي خططوا له إلى كابوس، بدأ بنانسي وانتهي ببايدن، وبينهما الناس اللي ماحدش نزل منهم.. في الحقيقة مشكلة أبناء الرفيقة الدادة أم عطيات أنهم يعادون دولة ماعندهاش دراع يتلوي.. هم لا يفهمون ذلك ولا أعتقد أنهم سيفهمون يومًا.. إنت متخيل إن أي ثورة ممكن تنجح والأدمن بتاعها المهندس "مبروح" حمرة.. ياجدع  كبر مخك.