رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوهم الثورى واستهداف الدولة المصرية

يتذرع اللئام بالأوضاع الاقتصادية الصعبة؛ ليقنعوا الخلق بأوهامهم الثورية، وما أوهامهم التي يحسبونها أحلاما، في الصورة البعيدة، إلا إنكار مجهودات الآخرين والاعتراف بأنفسهم وحسب، يركزون على تعقيدات الموضوع الاقتصادي بالذات نظرًا لعمومية آثاره السلبية، وانعكاساتها الاجتماعية المهينة المؤسفة، ولا يبغون الإصلاح في الحقيقة، ولكن يبغون الفوضى التي منها ينفذون إلى صدارة المشهد، فيتحكمون في البلاد والعباد.. إنهم أولو ثأر، لا أمر ولا علم، فقد صور لهم الخيال الجامح المريض أنهم الأولى بالإدارة والأدرى بما ظهر وخفي من الأحداث والوقائع، وكل ما هنالك أنهم مخدوعون ومدفوعون إلى صدام يستهدف دولتهم، وما دفعهم إليه إلا الذين عرفوا خبال عقولهم وتهور حماسهم فسلبوهم الإرادة وأفقدوهم الانتماء!
يتحالف هؤلاء «إسلاميون متشددون ومدنيون زائفون» ويروجون لثورة يرجون أن تقوم، بنيران كاملة، فتحرق المباني والمعاني، يريدون للدولة أن تظل في وضعية حرب على الدوام فلا تفيق ساعة لإنجاز ما تنوي إنجازه؛ وعلى هذا تظل الشئون المعلقة معلقة وتمعن الأحوال المتردية في ترديها، فيختلقون هم، من خلال وسائلهم الإعلامية الكثيفة النشطة، أقاويل جهنمية مرسلة تخلق غضبًا فوارًا غريبًا على مجتمعنا وتضاعف فورانه، وتدعو جماعات الأحرار، هكذا يصفون غوغاءهم، إلى ثورة خلاص "يقصدون أحداثا عاصفة تكون نتيجتها تمكين صولجانهم"!! 
الدولة المصرية قوية وراسخة الأركان، وهذا يغيظ أعداءها غيظا شديدا، أعني الداخليين والخارجيين، والمصريون الأصلاء مقدار ما يمكن أن يصابوا بالإحباط من فرط المعاناة التي يعانونها بسبب المشكلات المنوعة الكثيرة المتراكمة، إلا أنهم يحبون أرضهم بصدق، ولا يتنسمون نسيم حياة بعيدًا عن أجوائها الطيبة التي تملأ صدورهم بإحساس الأمان الوافر.
الحملات المعادية واسعة ومسمومة، ولكنها متهافتة الآراء بيقين النبهاء ممن يملكون وعيا صلبا لا يمكن اختراقه.. وكم أشير، في كل كتابة أكتبها هنا وفي المواضع الأخرى، إلى ضرورة امتلاك هذا الوعي الفارق، وللأمانة فإنه ليس بوسع أحد أن يمتلكه بغير تعليم راق ممتاز وثقافة نيرة شاملة.
العمل المخلص هو الحل باستمرار، والمكاشفة، والاتحاد والتعاون، وإيقاظ الضمائر، والحرص على التقدم، والحفاظ على المكتسبات، والتفاؤل، وطرد المساوئ والشرور، وما عدا الدعوة إلى هذه القيم، وما إليها، خطر مهلك، خصوصا إذا كان الداعون مجهولين ومريبين ودعواتهم كأوصافهم المظلمة.
يا قومي المصريين المسالمين الذين لا خلاف على أحقيتهم بالوطن وكل ثرواته ومقدراته، ولا يمنعهم مانع من هذه الأحقية بعكس ما يشيع الآبقون المغرضون، إننا نتخطى محنة فنجد ناصيتنا حيال غيرها، هكذا أريد لنا أن نتعطل ونتأخر، غير أننا قادرون على تخطي المحن مهما يكن عددها ومددها، ولا يصح طبعا أن نعبر الأزمات بأزمات أكبر وأن نتجاوز العقبات بعقبات أدهى. قاتل الله المتربصين الخبثاء مثيري الفتن، وعاش النيل والهرم رمزي عطاء ورفعة وخلود.