رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حب الوطن فى مواجهة نشر الكراهية

الحب كأسمى شعور إنسانى يستحق أن نحتفل به فى مصر كما يحتفل به العالم رغم كل ما يحيط بنا، ورغم كل ما يحدث فى العالم، فلدينا فى مصر يحل عيد الحب فى ٤ نوفمبر، أما بالنسبة للعالم فإن عيد الحب العالمى يحل يوم ١٤ فبراير، حيث يحتفل به كل الشعوب فى كل دول العالم، كما نحتفل به نحن أيضًا فى بلدنا، خاصة المحبين.

أى أننا فى مصر نحتفل به مرتين، مرة فى عيد الحب المصرى فى نوفمبر ومرة أخرى مع العالم فى شهر فبراير، مما يجعلنا كمصريين أكثر من كل الشعوب قدرة على الاحتفال بالمشاعر الإنسانية، لأننا نحتفل بها مرتين.

ومعنى هذا بعبارة أخرى أننا شعب عاطفى ومتعطش للمشاعر الإنسانية، ولدينا قصص حب مشهورة فى تاريخنا القديم والحديث، وهى مشاعر متأصلة فى المصريين، فالحب فى بلدنا لا يقتصر فقط على الحب بين المحبين، بل هو أيضًا يعنى حب الوطن.. وهذا الحب للوطن تغنى به أشهر فنانينا وشعرائنا وأدبائنا وكتابنا.. وهو متأصل فى الشعب المصرى منذ العصور الفرعونية القديمة وموجود فى كتاباتهم ونقوشهم على الآثار المصرية كما سجلوه على جدران المعابد والمقابر.

فالمصرى الأصيل كان، ولا يزال، عاشقًا لبلده ولديه اعتزاز بجذوره الفرعونية العريقة التى تؤكد أن مصر هى مهد الحضارة، ويظهر هذا الحب للوطن واضحًا وجليًا فى وقت الأزمات وفى وقت الخطر وفى المناسبات الوطنية وحين ينادى الوطن أبناءه فى وقت الضرورة، ولهذا لم يستطع أهل الكراهية وأهل الظلام وأهل الشر أن ينتصروا على المصريين.

بل نرى فى كل يوم ملاحم بطولة وتضحية لحماية مصر من رجال جيشنا الباسل أو شرطتنا الذين استشهد منهم مئات الرجال من خيرة أبناء مصر من الجيش والشرطة حبًا فى الوطن ودفاعًا عنه، وحينما بدأت حرب العبور فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ لاسترداد أرض سيناء الغالية من إسرائيل التى كانت قد احتلتها فى ٦ يونيو ١٩٦٧ واستطاع رجال الجيش البواسل عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف المنيع كان الشعب المصرى كله يقف يدًا واحدة كجبهة داخلية لدعم الجيش حتى تحقق الانتصار وبدأ وقف إطلاق النار ثم بعدها المفاوضات لاسترداد كامل أرضنا.

فهناك عروة وثقى بين الشعب والجيش يعرفها غالبية المصريين، إلا فئة قليلة تآمرت وانساقت وراء أفكار دخيلة علينا هدفها تدمير النسيج المصرى وإضعافه، وفى أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ اندس المتآمرون على الوطن لنشر الفوضى والكراهية وتمزيق النسيج الوطنى واستباحوا القتل وحرق المنشآت والكنائس وأقسام الشرطة وحتى مجمع اللغة العربية حرقوه، إلا أن أهم الوثائق كان قد تم إخراجها منه قبل ذلك، كما استباحوا النساء والفتيات وروجوا لتحقير شأنهن وسلبهن أى حقوق أو مكتسبات حصلن عليها ونشروا الشائعات المغرضة والأخبار الكاذبة وأفسحوا المجال للتطرف والتشدد والفتاوى المغلوطة عن الدين وبثوا الفتن بين عنصرى الأمة وأحلوا لأنفسهم تكفير الآخرين.

ووصل الظلاميون المتآمرون على الوطن إلى سدة الحكم من خلال التضليل والعنف والمؤامرات وتكفير الآخرين، إلا أن سلطتهم سقطت سريعًا خلال عام واحد، حينما توحد الشعب المصرى الأصيل ضدهم فى أكبر ثورة شعبية فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ووقف الجيش المصرى لدعم الشعب ونزولًا على رغبته فى رحيل جماعات الظلاميين، وهنا ظهرت العروة الوثقى مرة أخرى فى أقوى صورها بين الشعب المخلص الوطن والجيش والشرطة، وكانت الثورة هى الدليل الحى على حب الشعب المصرى الوطن، فقد أمده هذا الحب الشديد للوطن ذى التاريخ العريق والاعتزاز به بشجاعة فائقة.

فجاء خروجنا نساءً ورجالًا إلى الشوارع بالملايين من أجل الثورة لإزاحة جماعة الإخوان عن حكم الوطن وكانت قلوبنا جميعًا مفعمة بحب الوطن والتضحية من أجله بالروح والدم وبكل ما هو نفيس وغالٍ، إذ خرجت كل الأعمار والفئات نساءً ورجالًا وشبابًا وشابات وعائلات بأكملها حتى الأجداد والجدات جميعًا خرجوا للمشاركة فى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ فداءً للوطن ما كان انعكاسًا لأسمى مشاعر الحب العميق الجذور له.

وحينما فوّض الشعب الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى كان وقتها وزيرًا للدفاع لمحاربة الإرهاب فإن رجال الجيش البواسل قدموا أسمى صور البطولة والتضحية والعشق لتراب الوطن وهبوا لحماية الشعب ومحاربة الإرهاب الأسود بلا هوادة، وحينما خرج ملايين المواطنين والمواطنات لانتخاب عبدالفتاح السيسى رئيسًا لمصر كان ذلك انطلاقًا من حب الوطن وإدراكًا لوطنية الرئيس عبدالفتاح السيسى ودوره الشجاع فى إنقاذ مصر من الظلاميين والإرهابيين وأتباعهم.

لهذا فإن هذه المحاولات الأخيرة التى تحاول نشر الفوضى يوم ١١ نوفمبر ما هى إلا محاولات وأوهام تراود الذين يحاولون نشر الكراهية والتشكيك فى كل الإنجازات التى تمت بقيادة الرئيس السيسى الذى أوفى بوعده فى إعادة بناء الوطن وحماية كل شبر فى أرض مصر والدفاع عن شعبها، الذى أظهر حنوه على أبناء الشعب المخلصين وبناته ونسائه ورجاله، وأن كل محاولات استغلال ارتفاع الأسعار والمشاكل الاقتصادية التى تمر بها مصر لن تجدى، ومصيرها الفشل الذريع.

فلقد كشف أبناء الشعب المحبون مصر عن أن كل محاولات التخريب وبث الكراهية والتطرف، وتكفير الآخرين، هى جزء من مؤامرات تُحاك ضد بلدنا؛ ولأن الشعب المحب مصر سيظل مخلصًا لها ولن يقبل العودة إلى الفوضى ونشر التخريب والفتن والشائعات التى تبث هنا وهناك مره أخرى، فلقد انكشف الكثير من الأكاذيب والمؤامرات والخطط الشيطانية ولن تفلح أيادى الخونة، التى لا تزال تحاول التخريب وتسعى للدمار وزعزعة الاستقرار فى تحقيق أى شىء، ولن يعود يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ مرة أخرى ليس فقط لوجود العروة الوثقى بين الجيش والشعب، وليس لأن الشعب كشف مؤامرات تُحاك لإضعاف مصر التى كانت عصية على التقسيم وعلى السقوط أو التفتيت مع اندلاع أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١.

وإنما لأن أبناء وبنات ورجال وسيدات شعب مصر المحب لها، لن يقبلوا التخريب أو عودة الترويع والتدمير وتأجيج الغضب من المتاعب الاقتصادية، ولأن الشعب لن يقبل بنشر الفوضى مره أخرى، لأن الشعب المصرى الأصيل يريد الأمان والاستقرار والتقدم، ويعلم الشعب المصرى أن الجيش سيقف داعمًا لأمانه ومدافعًا عن استقرار الوطن، لهذا دعونا نحتفل بالحب كل أيام العام وليس فى عيد الحب فقط؛ لأن حب الوطن هو الذى أنقذ مصر وحقق لها الانتصار على أعداء الداخل والخارج فى كل أوقات الخطر وفى وقت الأزمات وفى مواجهة الصعب، ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعى سيجد أن آلاف البوستات تملأ الصفحات تفوض الرئيس السيسى لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحمايه الوطن.

وهذه الجماهير التى تفوضه إنها فى تقديرى تفوضه لـ٣ أسباب أولها: حب الوطن والرغبة فى استقراره، وثانيها: الثقة الكاملة فيه وفى رجال الجيش المصرى حماة الوطن، وثالثها أن لدى الشعب رغبة جماعية فى التقدم إلى الأمام وبناء الوطن واستكمال مسيرة التنمية وتحسين أحوال المواطن، رجلًا كان أو امرأة، ولن يتم هذا إلا بوجود القيادة الوطنية والشجاعة والجسارة للرئيس السيسى وبحكومة مصرية وطنية وبحماية من رجال الجيش المصرى البواسل.

وإننى وأنا أكتب هذا المقال، الذى أؤكد به توقعاتى بفشل أى محاولات لزعزعة استقرار الوطن وأن ذلك يعود إلى حب الشعب المصرى وطنه واستعداده للتضحية من أجله وجدتنى أدندن بصوت خفيض «حب الوطن فرض على، أفديه بروحى وعينيا»، وهى من أجمل الأغانى التى أحببناها وتغنت للوطن، للموسيقار المصرى الخالد محمد عبدالوهاب ومن ألحانه ومن كلمات الشاعر أمين عزت الهجين، وغيرها كثير من أغانينا التى تعبر عن الشعور الجارف بحب وطننا الحبيب الغالى، وتحيا مصر، وليحيا الحب ومشاعر الوطنية فى مواجهة نشر الكراهية والعنف.