رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد غنام يكتب: قمة المناخ.. أرض واحدة ومسئولية مشتركة

أحمد غنام
أحمد غنام

بينما كنت أجلس وأصدقائي في أحد مقاهي القاهرة، افتقدت المشروبات الغازية، والتي كنت قد اتخذت قرارًا منذ أسبوعين بمقاطعتها، لفت انتباهي جملة RECYCLE ME على العبوة البلاستيكية التي قررت شراءها، وهو ما اعتبرته بادرة جيدة للتوعية بأثر تلك العبوات على البيئة.

في نفس اليوم، أثناء تصفحي شبكة "لينكد إن" للتواصل المهني، قرأت بيانا لرئاسة مؤتمر الأطراف COP27، حول رعاية نفس شركة المشروبات الغازية Coca-Cola لمؤتمر الأطراف، لكني قرأت كذلك اعتراضات واسعة على البيان بكل لغات الأرض.

تعد Coca-Cola من أكبر ملوثات البيئة بإنتاج يقدر بـ120 مليار زجاجة بلاستيك سنويا، وكشفت إحصائية لحملة "Break Free From Plastic audit" أن هناك حوالي 58% من إجمالي 330,493 قطعة من النفايات البلاستيكية تم جمعها من الحدائق والشوارع في جميع أنحاء العالم خلال 2021 تخص علامات تجارية استهلاكية، مثل Coca-Cola وUnilever وغيرها.

ما سبق يوضح أسباب توقيع ما يزيد على 10 آلاف شخص عريضة إلكترونية، يطالبون من خلالها بإلغاء رعاية Coca-Cola لـ(COP27)، كما يوضح أيضا لماذا شهدت النسخة الماضية COP26 اعتراضات مشابهة على رعاية شركة Unilever للمؤتمر، كونها أيضا من كبريات ملوثات البيئة.

يمكن تفهم الاعتراضات على رعاية تلك الشركات لمؤتمرات الأطراف، لكن لو طبقنا نفس المبدأ على كل شيء يتعلق بمؤتمرات COP، فسيتوجب علينا منع تكتل Umbrella مثلا أو تكتل الاتحاد الأوروبي من حضور المؤتمر، باعتبار أن الانبعاثات الناجمة من بلدانهم هي الأكبر حول العالم.

ولو طلبنا من شركات ممتثلة لاشتراطات حماية البيئة دعم مؤتمرات الأطراف، فإن ذلك يعد بمثابة عبء على تلك الشركات، في حين تستمر الشركات المتسببة في تلك المشكلات من تحمل مسئوليتها تجاهها، كما أن رعاية تلك الشركات وإشراكها في حل المشكلة له أثر جيد كذلك.

في عام 2019 كانت "Unilever" العملاقة للسلع الاستهلاكية أحد أكبر المسئولين عن التلوث البيئي في الفلبين، وفي عام 2021 أعلنت رئاسة مؤتمر الأطراف COP26 رعاية الشركة للمؤتمر، فما الذي تغير منذ الإعلان؟

أنشأت "Unilever" صندوق Climate & Nature Fund للاستثمار في المشاريع التي تساعد على حماية الطبيعة وخفض الانبعاثات وبناء القدرة على التكيف مع آثار تغير المناخ. كما أطلقت مشروعا بالشراكة مع "Google" لحماية الغابات ورصد ومنع مساعي إزالتها، وتحديد مناطق الغابات التي تحتاج إلى حماية عاجلة. لم يكن ممكنا قبل رعاية الشركة لـ COP26.

في نفس السياق، قالت Coca-Cola إنها مستعدة لـ"جمع وإعادة تدوير زجاجة أو عبوة مقابل كل زجاجة من منتجاتها يتم بيعها"، كما أعلنت عن حلول تعبئة صديقة للبيئة للتقليل من النفايات البلاستيكية حول العالم، وهو ما يمكن النظر إليه بعين الاعتبار.

أتفهم الحماس الكامن وراء تلك التعليقات، لكن أعتقد أن دفع تلك الشركات لتمويل COP هو جزء من جهود تحميلهم المسئولية تجاه أفعالهم، ربما نستطيع يوما ما دفعهم للإيمان بقضية التغير المناخي ووقف التلوث الناتج من ممارساتهم نهائيا، بدلا من إبعادهم بلا فائدة.