رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التاريخ الأسود

تعلمنا خلال ٥ جولات انتخابية فى إسرائيل أن هناك ما يسمى بـ«الحصان الأسود»، وهناك من يطلق عليه «رمانة الميزان» فى مقولات أخرى.. هذه المرة لا أحد يصدق أنه «إيتمار بن غفير» الكاهانى ورئيس حزب قوة يهودية.

لا أحد يتذكر التاريخ الأسود للكاهانية، سأخبركم باختصار: هذا هو التيار الأكثر تطرفًا فى إسرائيل والأكثر كراهية للعرب، أبوهم الروحى هو المتطرف مئير كاهانا.

«بن غفير» يضع فى صالون منزله صورة القاتل باروخ غولدشتاين «منفّذ مجزرة الخليل فى سنة ١٩٩٤، التى ذهب ضحيتها ٢٩ فلسطينيًا» الذى ينتمى إلى نفس التيار.

بن غفير متطرف لا أحد ينكر، لكنه ليس رجلًا تنظيميًا، لا يقود عمليات، ولا يخطط، هو فقط يتحدث ويتحدث، يُحرض ويُحرض، عندما قال سأذهب إلى حى الشيخ جراح وأقيم فيه مكتبًا يهوديًا، كل ما فعله أنه وضع كرسيًا وشمسية، وجلس تحتها لساعات. 

المثير للتساؤل هو التعاظم الواضح لحزب قوة يهودية رغم التاريخ الأسود، هناك تفسير، وهو أنه رد فعل حاد من اليمين الإسرائيلى على الشرعية التى أُعطيت لمنصور عباس ولمشاركة أحزاب عربية فى حكومة بينيت لابيد، ويمكن توسيع الصورة، واعتبارها اتجاهًا غربيًا وعالميًا نحو اليمين وتشجيع الشعبوية، فالمجتمع اليهودى فى إسرائيل، كما فى العالم الغربى، يمر بعملية تطرُّف قومى. نرى ماذا يحدث فى أوروبا!

هناك من يرجع أسباب انتقال أصوات من الليكود إلى بن غفير إلى أسباب داخلية تتعلق بمعالجة نتنياهو للأحداث الأمنية، وإهماله أثناء ولايته سكان النقب والجليل والضفة، وينضم إليهم سكان بلدات غلاف غزة الذين تضرروا من عملية حارس الأسوار فى مايو ٢٠٢١، وقضوا أيامًا سيئة تحت صواريخ غزة.

الشغب الذى حدث فى أيام نتنياهو كرئيس حكومة وأمير أوحانا كوزير أمن داخلى هؤلاء لم ينسوه، وربما هذا سبب انتقال أصواتهم لـ«بن غفير». علمتنا التجربة أن الجمهور الإسرائيلى يصبح أكثر يمينية فى الحروب والانتفاضات.

هناك مَن اعتقد أن بن غفير سيحصل على مقعدين/ ثلاثة من «الليكود»، وعلى العدد ذاته من أحزاب الوسط/ اليسار، بالإضافة إلى المقاعد الأربعة أو الستة «الشخصية» الخاصة به. 

بن غفير مُتطرف، ووجوده خطير فى الحكومة الإسرائيلية، لكن ليس على مستوى القرارات ولكن على مستوى الصورة الذهنية لإسرائيل، والأهم من ذلك فإنه سيعرف «كيف يبتز بيبى». 

مواقف «بن غفير» وآراؤه المتطرفة يعرفها العالم والولايات المتحدة على وجه التحديد، إذ حذر روبرت منديز، من المؤيدين البارزين لإسرائيل، نتنياهو، من تأليف حكومة مع اليمين المتطرف، وكذلك أشارت المنظمات اليهودية الكبيرة فى الولايات المتحدة إلى مخاوفها من تأليف حكومة تضم «بن غفير».

من ناحية أخرى، فإننى- لا أتفق- مع المقولات السائدة بأن انضمام «بن غفير» سيؤثر على قرارات الحكومة برئاسة نتنياهو «حتى لو منحه وزارة الأمن الداخلى التى يطالب بها»، كم مرة تحالف نتنياهو مع متشددين ويسار ولم ينجح أحد فى فرض قراراته عليه؟

استريحوا يعرف «بيبى» كيف سيتلاعب به.